| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم هداد

jasemhaddad@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 17/12/ 2008



الفكر البائس

جاسم هداد

خلال الأيام الأخيرة تناقلت وكالات الأنباء والفضائيات الممولة والمواقع الألكترونية ، ما يثير الألم والفزع الى التردي والتخلف الذي وصلته الشعوب العربية بشكل عام والشعب العراقي بشكل خاص ، فخلاف المعقول ان تقوم فضائية تدعي الرزانة والموضوعية، بقطع برامجها وتذيع الأناشيد الوطنية ، وكأن المجلس الأقصى عاد للعرب والمسلمين، وتجري اللقاءات وتفتعل الضجيج الأعلامي لتمجيد عمل اهوج اساء اساءة كبيرة للعمل الأعلامي بشكل عام وللصحافة بشكل خاص، واعتداء صارخ على رئيس وزراء دولة العراق ، وكان يفترض بها ان تعتذر للشعب العراقي عن ما قام به مراسلها من عمل مشين ، اساء للعراق دولة وشعبا ، ولقد أحسن صنعا الفنان " فارس خضر " بأن جعل الحذاء شعارا لهذه الفضائية من خلال رسمه الكاريتيري ، وفعلا فأنها استحقته بكل جدارة ويليق بها .
فهذه الفضائية بدلا من تقوم بدورها التنويري بإشاعة مفاهيم حقوق الأنسان، وقبول الرأي الآخر، واستخدام لغة الحوار، في بلد صار السلاح اللغة السائدة فيه بفعل التركة الثقيلة " للقائد الضرورة" ، فأخذت وطيلة الأيام الماضية تنعق وتمجد ثقافة اقل ما يقال عنها انها بائسة.
اما الأحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، فكل عراقي غيور يرفض الأحتلال ويطالب بإنسحاب القوات الأجنبية، وتم أخيرا جدولتها ، ألم يبدي البعض قبل ثلاث سنوات موافقتهم على الجدولة حتى لو كانت لمدة مائتي عام ؟ فعلام هذه المزايدات؟ . اما الولايات المتحدة الأمريكية فالجميع يعلم انها عندما قضت على نظام الطاغية فأنها لم تفعل ذلك لسواد عيون العراقيين ، بل خدمة لمصالحها في المنطقة وفي العالم ، وان الطاغية المقبور سهل لها مهمتها بسياساته الرعناء .ظانا انه سيضل ابنها المدلل دائما.
ان التأييد للثقافة المنحطة التي ارساها الفكر البائس للبعث الفاشي ، دليل على التخلف الفكري السياسي الأجتماعي الثقافي، الذي ورثه شعبنا من نظام القتلة والأجرام ، ووجدها ازلام وبقايا البعث الفاشي فرصة لرفع اصواتهم فهبوا نصرة لثقافتهم التي جبلوا عليها ،وعبروا عن ما ينضح بإنائهم، ، لذا ترى مدرب منتحب الفريق العراقي السابق وهو المعروف بولائه لسيد نعمته المجرم المقبور عدي ، يعلن استعداده لدفع مائة الف دولار ثمنا لحذاء الصحفي الأحمق ، اما كان الأجدر به التبرع بهذا المبلغ لمعالجة الأطفال الأبرياء ضحايا التفجير الأرهابي في مطعم عبدالله في كركوك ؟.
وليس مستغربا ان يرفع الشامتون بعراقنا ، واللاطمون على فقدان ولي نعمتهم المجرم المقبور صدام ، والذين كانوا يعيشون على السحت الحرام ، من بعض الصحفيين العرب اصواتهم لمناصرة ثقافة البعث المنحطة ، الثقافة البائسة ، ثقافة " الأحذية" .
ولكن ما يثير العجب في هذه القضية ان ينبري رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي ، الحاصل على شهادة الدكتوراه في القانون، ليعلن تمجيده لهذا العمل البطولي ، وهو المعني قبل غيره ببناء دولة القانون والمؤسسات ، وتطبيق القانون على الجميع ، فبأي نص قانوني ، ووفق اي اجتهاد فقهي ، فسر الأعتداء على رئيس وزراء الدولة والعلم العراقي، والذي هو معني قبل غيره بالدفاع عنهما ؟ . وهل من العدل والأنصاف تسييس العمل المشين ، والذي هو اعتداء صارخ على مواطن عراقي وهو رئيس الوزراء.
والمحزن مطالبة السيد رئيس اللجنة القانونية في جلسة مجلس النواب ليوم الثلاثاء 16/12/2008 بأطلاق سراح المعتدي ، رغم اقرار السيد النائب بمخالفة هذا الصحفي لقوانين الصحافة، ولم يقل مخالفته للأعراف والقيم الأجتماعية واعتدائه على رئيس وزراء دولة العراق.
وسيرا مع هذه الجوقة ، فلقد خصصت فضائية عربية ، وقتا من برامجها لمتابعة ما قام به الأعلام الغربي من تغطية لهذا العمل السخيف، وهي تزف الفرحة وكأن الجولان تم تحريرها ،وشاركتها الردح فضائيات اخرى ، حيث قامت احدى الفضائية بلعب دور المهرج ، من خلال رفع صورة الصحفي المعتدي على شاشتها ، وكأنه فاز بجائزة نوبل في الآداب، او في الفيزياء ، حيث لم تحصل تغطية اعلامية من قبل هذه الفضائيات عندما منح العالم المصري احمد زويل جائزة نوبل في الفيزياء والتي يتشرف بها العالم اجمع ، وترنو لها العيون.
ولم يقل اي منهم ، هل كان يجرأ هذا الصحفي على الأعتداء على مسؤول بعثي بهذه الطريقة في عهد البعث المقبور ، وماذا سيكون مصيره ؟ ، وكيف سيكون رد ازلام النظام، نود التذكير ان الرد سيكون بإنهمار الرصاص فورا عليه وعلى جميع الصحفيين الذين معه ، وسينال العقاب كل من له صلة قرابة او صداقة معه .
اما ماقام به هذا الصحفي الذي ترك سلاحه وهو القلم وعاد الى لغته التي تربى عليها ، لغة ابناء الشوارع، اللغة التي يجيدها البعثيون الفاشست من رئيسهم المقبور الى ازلام امنهم ومخابراتهم الى صعاليكهم وبقاياهم وفلولهم ، وبوركت انامل الفنان المبدع "سلمان عبد " في رسمه الكاريتيري ، الذي عنونه بـ " حين استبدل الصحفي البعثي ادواته " .
ان مكافحة التعاطف مع ثقافة البؤس والضحالة، مع ثقافة " القنادر" ، وتنوير المخدوعين بها والسائرون على نهجها تحتاج الى نضال مرير وطويل من قبل القوى النيرة ، المؤمنة بالعدالة والقيم الأنسانية، وبناء دولة القانون والمواطنة.
ان هذه الأساءة هي اساءة للدولة العراقية متمثلة برئيس وزرائها قبل ان تكون اساءة للرئيس الأمريكي ، وهي اساءة للعلم العراقي الذي كان مرفوعا خلف المنصة، والقضاء العراقي هو الوحيد المعني بمحاسبة من قام بفعل الأساءة .
ولا عجب اذا تطوع للدفاع عنه المحامي الذي تطوع للدفاع عن المجرم الطاغية صدام.


17/12/2008

 


 

free web counter