| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم هداد

 

 

 

 

الخميس 12/1/ 2006

 

 

 

لماذا حكومة وحدة وطنية ؟

 

جاسم هداد

بعد انتخابات 30 كانون الثاني 2005 وفوز قائمتين انتخابيتين بحصة الأسد ، تم تشكيل الحكومة وفق المحاصصة الطائفية القومية ، وكانت حقا حكومة القوائم الفائزة ، رغم محاولة الأدعاء بأنها حكومة وحدة وطنية ، ويبدو ان مفهوم " وحدة وطنية " يفسره السياسيون كل منهم على هواه ، وكانت نتيجة ذلك ان الحكومة فشلت في تحقيق أي مطلب من مطاليب الشعب العراقي ، ولم تلب أية حاجة أساسية من حاجاته ، فالوضع الأمني في تردي ، وصارت امنية الشعب العراقي الوحيدة هو الأمن والأستقرار ، ناهيك عن الكهرباء والماء والبطاقة التموينية والبنزين والنفط و......... والكثير الكثير مما كان يتوقع الحصول عليه بعد سقوط الصنم .

رغم ان الكثير من القوى العراقية المخلصة لهذا الشعب والوطن رفعت الصوت عاليا في المطالبة بحكومة الوحدة الوطنية ، ولكن هذا الصوت لم يسمعه احد وسط ضجيج اللهاث وراء الكراسي والمناصب ، والذي مع الأسف كان الهم الأول والأخير للجالسين عليها ، وكأن لسان حالهم يقول ها نحن على الكراسي جالسين وانت ايها الشعب المناضل لك رب يرعاك .

وتم تحويل المؤسسات الحكومية الى مؤسسات حزبية ،فالداخل مثلا الى احد المستشفيات يجد نفسه وكأنه داخل الى حسينية ، وتصطبغ المؤسسات الحكومية بلون من جالس على كرسيها ، وجريمة شهداء الجسر فضحت بشكل جلي هذه الوزارات الحزبية التي راح كل منها يرمي التقصير على الوزارة الثانية ، وكان واضحا ذلك من خلال ما عرضته المؤتمرات الصحفية لهذه الوزارات .

وبعد تلك التجربة المريرة للحكومة الطائفية ، وبعد الأنتخابات الأخيرة والتي افرزت عن فوز قائمة الأئتلاف ( ومعروف ظروف فوزها ، والله يطول عمر ايران لدعمها ) ، تناقضت التصريحات وكثرت المزايدات والجميع يؤكد على ضرورة واهمية حكومة " الوحدة الوطنية " ، ولكن كل يغني على ليلاه ، فهذا يريدها وفق الأستحقاق الأنتخابي متباكيا على الديمقراطية واصوات الناخبين ، وذاك يريدها وفق التركيبة السكانية ، ويقفز بين هؤلاء مراهق سياسي فيضع خطا احمرا على اشتراك فلان الفلاني ، وهو طبعا يؤكد في تصريحه على ديمقراطيته التي هي " للكَشر " ، والجميع يتاجرون بدماء الشعب العراقي ، فيتم التعجب من تصريح لأحد السياسيين الجدد بأن من لا يقبل نتائج الأنتخابات فسوف " يصطف مع اعداء الديمقراطية والحرية وضد الشعب العراقي " ، ومع الأسف تم التراشق بين السياسيين بإتهامات نحت منحى طائفيا ، والآخر اكد على اهمية وضع برنامج سياسي بعيدا عن الطائفية والمذهبية والعرقية ، ورأي وسط يطالب بصيغة توافقية مع مراعاة الأستحقاقات الأنتخابية .

وبعد تردي الوضع الأمني واستهتار القوى الأرهابية المجرمة بمؤسسات الدولة العراقية الجديدة واستغلالها ضعفها وتعدد مراكز القرار فيها وضعف الشعور الوطني لديها ، يتطلب من كل القوى والأحزاب العراقية المخلصة لهذا الوطن والشعب ، التخلي عن انانيتها الحزبية ومصالحها الضيقة ، وتغليب مصلحة الوطن والشعب ، والتعاون من اجل انقاذ البلاد واعادة البسمة لوجوه الأطفال والأمهات .

ويتطلب تكثيف الحوار الوطني الشامل من اجل تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية تمثل الطيف السياسي بعيدا عن المحاصصة الطائفية القومية ، وان لا يتحكم فيها الأستحقاق الأنتخابي كمعيار وحيد ، بل بالتوافق السياسي والبرنامج الوطني ، لأن المهام والأستحقاقات الكبيرة المطلوب انجازها في المرحلة الحالية والقادمة لا يمكن ان تنهض بها الا حكومة وحدة وطنية وليست حكومة قوائم فائزة .