| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم هداد

jasemhaddad@hotmail.com

 

 

 

 

الثلاثاء 12/9/ 2006

 

 

علم العراق والضجة المفتعلة

 

جاسم هداد

بعد اسقاط النظام الملكي البائد في الرابع عشر من تموز 1958 ، تم الغاء علم الدولة الملكية ، والذي كان مشابها لعلم الثورة العربية التي قام بها الشريف حسين ضد الحكم العثماني إبان الحرب العالمية الأولى وبتشجيع من بريطانيا العظمى وقتذاك ، واصدرت الجمهورية العراقية الأولى في اواسط عام 1959 قانون علم الجمهورية العراقية المرقم " 102" لسنة 1959 ، وبعد انقلاب شباط الفاشي 1963 ، وتحت تأثير الهوس الوحدوي لعبدالسلام عارف ، تم توقيع اتفاق الوحدة الثلاثية بين مصر وسوريا والعراق في 17 نيسان 1963 ، وتم تبديل علم جمهورية تموز بالعلم الحالي والنجمات الثلاث ترمز للدول العربية الثلاث الموقعة على اتفاق الوحدة ، والذي بقي حبرا على ورق ، حتى العلم المذكور فلقد تخلت مصر عن نجماته الثلاث واستبدلتها بالنسر العربي ، واكتفت سوريا بنجمتين بدل الثلاث ، وعندما عاد البعث الفاشي للسلطة ثانية بعد انقلاب 1968 ، تم تفسير النجمات الثلاث على انها ترمز الى شعار البعث الفاشي ( الوحدة ـ الحرية ـ الأشتراكية ) ، لذلك لم يتم تبديل العلم ، ولكن الطاغية صدام اضاف للعلم العراقي عبارة " الله أكبر " وبخط يده وذلك في 14 كانون الثاني 1991 أي بعد الأجتياح الصدامي للجارة الكويت .

بعد انتفاضة آذار 1991 وانسحاب الأدارة الحكومية من كردستان لم يتم رفع علم الفاسشت في محافظتي اربيل ودهوك ، بينما كان يرفع في السليمانية وبدون " الله أكبر " التي اضافها الطاغية . وبعد سقوط نظام الأستبداد والقتل والأجرام اعلن مجلس الحكم واثناء رئاسة السيد مسعود البارزاني عن علم عراقي جديد والذي كان من تصميم الفنان رفعت الجادرجي وذلك في 26 نيسان 2004 ، وللخلافات بين القوى السياسية وقتذاك لم يتم الأتفاق على العلم وتم تأجيله لفترة اخرى كحال الكثير من المسائل العقدية المهمة ، ونص الدستور العراقي الدائم في المادة " 12 اولا " : ( ينظم بقانون علم العراق وشعاره ونشيده الوطني بما يرمز الى مكونات الشعب العراقي ) ، وهو دليل على النية في تغيير علم الدولة .

وبعد توحيد الأدارتين ، والتئام شمل البرلمان الكردستاني وحكومة الأقليم ، صار من الطبيعي توحيد الأجراءات المتبعة في اقليم كردستان ، لذا اصدرت رئاسة الأقليم القرار المرقم " 60" برفع علم كردستان العراق بشكل رسمي على جميع الدوائر والمؤسسات الحكومية في الأقليم ، مع عدم رفع علم ( البعث والأنفال والقصف الكيمياوي والمقابر الجماعية وتجفيف الأهوار وتدمير البلد كله ) ، ورفع علم جمهورية تموز بدلا عنه .

لقد حصلت ردود افعال كان اغلبها متشنجا ، و تعالت بعض الأصوات مدافعة عن العلم الصدامي تحت حجج منها ان ( علم العراق شرف تتشرف به الأرض التي يرفع فوقها ) ، او ان العلم العراقي يمثل ( الحالة الرمزية لسيادة العراق ) ولا اعتقد ان احدا يختلف على ذلك ، ولكن البعض الآخر التجأ للدين زورا ليبرر دفاعه عن علم نظام أولياء نعمته السابقين فقال ان ( عبارة الله أكبر تزين العلم وتعطيه معنوية ) ثم يضيف وكأنه اكتشف اكتشافا علميا خطيرا ( وهل هناك عبارة أسمى منها ) ، اما البعض الآخر فأنه كما قيل ( يشتهي ولكنه يستحي ) فقال ان العلم العراقي ( رغم مايحمله من مساوئ تمثل النظام السابق الا انه علم العراق الشرعي ويجب رفعه في انحاء العراق حاليا ) ، وصاحب القول الأخير يبدو انه لم يفهم ما تعني مفردة " الشرعي " ، حيث يبدو انه يجهل ان العلم لم يتم تشريعه من قبل " الأسطبل الوطني سئ الصيت " .

واكثر الأصوات زعيقا هم ايتام النظام الفاشي والمنتفعين منه ، حيث قال احدهم ان خبر انزال العلم ( نزل علينا نزول الصاعقة ) ، وآخر صرح بـ ( اننا لن تنازل عن علمنا ).

ولكن الأكثر غرابة هو انزلاق الهيئات الدينية للدفاع عن علم الفاشست ، فأصدرت تصريحات غير مسؤولة متهمة الآخرين اتهامات خطيرة .

وللتذكير فقط ، ففي نيسان 2004 عندما اصدر مجلس الحكم قرارا عن علم عراقي جديد ونشرت الصحف نموذجه ، قام ايتام نظام البعث الفاشي بأستعراض عضلاتهم علنا في كثير من المناطق والتي هي معاقل الأرهاب الآن . ففي العامرية في بغداد كانت السيارات تجول وهي رافعة علم الفاشست ، وتم إلصاقه وبشكل استعراضي على السيارات وامام المحلات ، وقام ايتام وبقايا البعث الفاشي بمظاهرات احتجاجية في الموصل .

والآن يتكرر نفس الحال ، فلقد قام ايتام فدائيي صدام بألصاق علمهم على السيارات الذاهبة الى كردستان ، وفي الحويجة تظاهر ايتام نظام المقابر الجماعية يوم 7/9/2006 دفاعا عن علمهم ، وبكل صلف ووقاحة طالبوا بإطلاق سراح الطاغية ، مسفرين هذه المرة عن وجوههم الكالحة ومعلنين عن اسمائهم الصريحة ، ومهددين بأنتفاضة شعبية !! ، في حالة عدم الأستجابة لمطاليبهم ، ولم لا وقد أمنوا العقاب ؟ وربما يصبحون اعضاء في مجلس النواب كسابقيهم من المدافعين عن الطاغية ونظامه .