| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم العايف

 

 

 

 

السبت 26 /5/ 2007

 




جولة نائب الرئيس الأمريكي في المنطقة ورسالته غير المشفرة


جاسم العايف

الجولة التي قام بها نائب الرئيس الأمريكي" ديك تشيني" في المنطقة والتي زار فيها بغداد والمملكة العربية السعودية و دولة الإمارات العربية المتحدة والأردن ومصر والتقى بزعماء تلك الدول وبحسب ما أعلن مساعدو "تشيني" فانه ناقش مع الرؤساء و الحكام العرب قضايا العراق وإيران..الا ان أي تفاصيل عن مضمون ومباحثات الزيارة تلك لم تكشف حتى آلان..ومن المحتمل او المؤكد ان يكون قد بحث مسألة "امتلاك إيران أسلحة نووية ومساعي الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي في منعها" إضافة لبحثه للوضع العراقي الشائك والمعقد والحلول التي ستعتمدها الادارة الامريكية خلال الاشهر الثلاثة القادمة لوقف العنف فيه والتي وضعها تشيني امام صناع القرار في المنطقة وفي المملكة السعودية بالذات. وقد عمد نائب الرئيس الامريكي لان يتحدث من على متن اكبر حاملة طائرات أمريكية في مياه الخليج العربي وأمام جنود البحرية الامريكية حيث قال: "سنقف الى جانب دول أخرى مهمة في المنطقة وخارجها لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية وتحكمها بالمنطقة". ثم من حاملة الطائرات غادر الى المملكة العربية السعودية والتقى العاهل السعودي الملك عبدالله.
لا يمكن للمتابع والمراقب تجاهل العلاقات التاريخية الوثيقة التي تجمع المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأمريكية ومعرفة مداها خاصة بعد احتلال النظام العراقي السابق للكويت وما تلاها عام 1991 والاتفاقات النفطية الكبيرة والعلاقات الاقتصادية-العسكرية وغيرها بين الجانبين وكذلك تبادل المعلومات والخبرات في حرب المملكة الشرسة الراهنة ضد خلايا الإرهاب العالمي التي استوطنت الأراضي السعودية. الإدارة الأمريكية التي تسعى لعزل إيران ووضع حد لطموحاتها النووية تعول على دول منطقة الخليج العربي وخاصة دعم المملكة السعودية في ذلك وحديث نائب الرئيس امام آلاف الجنود الأمريكان على متن حاملة الطائرات التي تقبع على متنها مئات الطائرات المقاتلة المتطورة غير البعيدة عن مياه إيران الإقليمية وحدودها و سمائها أيضا...حديثه هذا كان رسالة لإيران...رسالة غير مشفرة وواضحة بشكل لا لبس فيه من ناحية الزمان والمكان. إلا ان نائب الرئيس الأمريكي عاد ثانية في لقاء له مع محطة تلفزيونية أمريكية ليتحدث عن التدخل الحالي الإيراني في العراق واصفا اياه بـالـ "محدود" وقال "لا اعتقد ان ثمة حرباً بالوكالة حاليا في العراق". وأعلن: "انه لا يرى الأمور هكذا ". تصريحات نائب الرئيس الأمريكي وقبلها جولته ورسالته التي أعلنها في مياه الخليج دفع صناع القرار الإيراني للإعلان عن استعدادهم للتباحث مع الامريكين في الشأن العراقي مبررين ان ذلك جاء بطلب من الجانب العراقي الرسمي أولا وللحد مما يعانيه الشعب العراقي و لدعم الحكومة العراقية ومسعاها في تحسين الوضع الأمني ثانيا، وحسب ما أشارت له وكالات الأنباء فان لقاء التباحث سيعلن عن تاريخه والمستوى التفاوضي فيه لاحقا. و جاء الرد الأمريكي على الاستعداد الإيراني حول تلك المباحثات باسم نائب الرئيس الأمريكي ذاته من ان الولايات المتحدة على استعداد للمحادثات مع إيران حول العراق وعلى مستوى السفراء كما ذكر مصدر امريكي مطلع ان السفير الامريكي السابق في العراق "زلماي خليل زادة " سيشرف على المباحثات من الجانب الامريكي لما يتمتع به من خبرات في الشأن العراقي..الإعلان عن نوايا المفاوضات بين الجانبين الأمريكي والإيراني جاء متزامنا مع ما ورد في صحيفة الـ"صنداي تاميز" البريطانية من ان المسؤولين في أجهزة الاستخبارات الأمريكية يخشون سيطرة "دولة العراق الإسلامية" المرتبطة بتنظيم القاعدة على العاصمة العراقية "بغداد و بعض المحافظات الأخرى وأهمها الانبار وديالى وصلاح الدين ونينوى وجزء من محافظة بابل بعد انسحاب الجيش الأمريكي من العراق".وبحسب الصحيفة أيضا فأن المسؤولين الأمريكيين يحسبون بجدية إمكانية هيمنة القاعدة على "دولة العراق الاسلامية" وما يشكله ذلك من خطر على المنطقة و المملكة العربية السعودية بالذات مع ان الملك السعودي عبد الله كان قد انتقد وبوضوح على غير عادة الدبلوماسية السعودية ما وصفه بـ"الاحتلال الأمريكي غير المشروع للعراق" كما ورد نصا في كلمته عند افتتاح القمة العربية بالرياض وأحدث ذلك الانتقاد حراكا في الأوساط الحاكمة الأمريكية حتى ان الناطق بأسم وزارة الخارجية الأمريكية أعلن في مؤتمره الصحفي اليومي ان الوزارة ستطلب إيضاحا حول كلمة الملك عبد الله من مصادر عليا في المملكة. إيران من جهتها تعي المخاطر التي ستؤول لها الأوضاع في ساحة جارها العراق وما سيحل بنفوذها فيه ، وما سيرحل لها من ازمات، فيما اذا تمكنت القاعدة من إقامة "دولتها الإسلامية" في بعض أجزاء العراق.. خاصة تلك التي تقع على أطراف الحلة المحاددة لكربلاء وما تشكله كربلاء للرأي العام في إيران وغيرها.. كما لم يغب عن الطرف الإيراني مغزى جولة نائب الرئيس الأمريكي ورسالته وتصريحاته تلك؛ فبمجرد ان غادر "تشيني" مياه الخليج العربي وصل الرئيس الإيراني "نجاد" في زيارة هي الأولى من نوعها لرئيس إيراني الى دولة الإمارات العربية المتحدة منذ ان تأسست في عام 1971 متجاوزا في ذلك موقف الإمارات الرافض لأي تسوية حول جزر"طنب الكبرى والصغرى وابو موسى" والتي دأبت دولة الإمارات على تأكيد عائديتها لها في كل مؤتمر ومباحثات تحضره والزمت به كل بيانات ختام القمم الخليجية والعربية واعلنته على منصة الأمم المتحدة كذلك. في دولة الإمارات العربية وبعيدا عن الجزر الثلاث ومياه الخليج أكد الرئيس "نجاد" ، في ملعب لكرة القدم احتشد فيه آلآلاف ايضا ، على حق إيران في "امتلاك التقنية النووية" وأعلن ان إيران سترد عسكريا وبقوة على من يحاول الهجوم عليها لوقف مسيرتها وطموحاتها النووية التي وصفها بالـ"سلمية". في متابعة سابقة ذكرنا ان ما يحدث في العراق لن يقف عند حدوده وان ذلك بديهيا كما أكدنا إن ثمة مفاوضات ستحدث بالمباشر او عبر وسطاء بين الأمريكان وبعض الدول المجاورة للعراق والتي لها نفوذ واسع فيه حاليا.. وهذا ماحصل او سيحصل نهاية الشهر الجاري وفي بغداد تحديدا..ومع ان الخارجية الإيرانية أكدت ان هذه المفاوضات التي ستجري بين السفيرين الأمريكي والإيراني في بغداد سوف تتناول الشأن العراقي فقط ..إلا ان ذلك اللقاء ومباحثاته سوف لن تنحصر في الشؤون العراقية مستقبلا ؛ بين ما أطلق عليه من قبل طهران "الشيطان الأكبر" في الماضي وممثلي الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي سبق للرئيس بوش ان وضعها ضمن "محور الشر" وسابقا ايضا؛ وقد تواترت الانباء عن أن مئات السفن الحربية وبعض حاملات الطائرات وعلى متنها الاف الجنود الامريكان عبرت الى الخليج لتلتحق بالقوات الامركية هناك ، للقيام بمناورات عسكرية في مياه الخليج العربي وحول في ما اذاكان ذلك تزامنا مع مفاوضات بغداد؟ علق الناطق الرسمي للبنتاكون : انها مسألة عسكرية روتينية لاختبار جاهزية القوات الامريكية..واضاف :ان ما يجري يتم بالتنسيق مع الدول الصديقة في المنطقة!!.
الإدارة الجمهورية الأمريكية التي تخضع لابتزازات الحزب الديمقراطي عبر سيطرته على الكونكرس ومحاولته تكبيل ايدي الرئيس بوش في الشأن العراقي..وزيارة السيدة "بيلوسي" رئيسة الكونكرس الديمقراطية لسوريا والتي أعلنت أنها ستسعى لان تزور إيران أيضا..هذه الحراكات والوضع الصعب للقوات الأمريكية في العراق و غيرها من الظروف الامريكية الداخلية والمستجدات الخارجية .. ستؤدي الى بحث أمور أخرى بين الطرفين غير أمور العراق ولعل ان ما ستسعى الولايات المتحدة وإيران بحثه هو مواجهة مشروع القاعدة في العراق و"دولتها الإسلامية"فيه والتي ستكون محاددة لإيران بالذات.. ايران التي خلصتها سياسة العسكرة الامريكية من اهم عدوين لدودين جارين لها هما "حركة طالبان" و "نظام صدام" على ضعف الاخير بعد "ام مهالكه" التي مهدت وبررت التواجد الامريكي العسكري في المنطقة وبموجب اتفاقيات ثنائية بين بعض دول الخليج العربي والولايات المتحدة الامريكية التي اجهزت على نظام صدام بعد ان استنفدت واستثمرت كل مخطاطاتها العسكرية- الاقتصادية في وجوده.
ستبحث ملفات ساخنة اخرى بين المتفاوضين الامريكي- الايراني آلان او في المستقبل..وستعتمد بعض الحلول المقبولة والمعقولة للمسائل الشائكة المعقدة حاليا بينهما؛ فالزمن والاحداث التي تترافق معه، كفيلان و في ضوء تأمين المصالح السياسية-الاقتصادية في المنطقة الخليجية والعربية بجعل صورتي "الشيطان الاكبر" و كذلك"محور الشر" باهتتين ولا تثيران احدا.