| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

جاسم العايف

 

 

 

 

الأحد 13 /5/ 2007

 


 

العراق..ومؤتمرات دول الجوار الإقليمي


جاسم العايف

بات العراق مشكلة، وأوضاعه العامة وما يجري فيه ، محط اهتمام العالم والدول المجاورة له العربية منها وغيرها ، وبات (جسد) العراق-الوطن- معروضا على مسلخ المزايادات الداخلية والخارجية ، نهبا لمطامع وتدخلات وتجارب فعلية ، وتحول العراق الى ساحة مفتوحة على كل الاحتمالات، دون ان يعبأ احد بمصالحه الوطنية او دون النظر لما يعانيه المواطن العراقي وما يواجهه في عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاجتماعي. وبات ما هو عراقي الشأن تعقد له المؤتمرات في دول بعيدة عن العراق والعراقي ومطامحه اليومية في الأمن والاستقرار أولا وحد أدنى من الرخاء ثانيا، وحتى مؤتمرات (إنعاش الاهوار العراقية) تعقد في عواصم عربية تفتقد طبيعتها لنهر او ساقية يصلح ماؤها الجاري لغسل القدمين..وهناك مؤتمرات للـ"مصالحة "، ما أكثرها ، لم ينتج عنها حتى (المصافحة). وفي النية ثمة مؤتمر للـ"مصالحة العراقية- العراقية"سيعقد في "جنيف"..( يا ألاهي ما أبعدها عنا..وعن مصالحتنا)!!. ومن هنا فأن ثمة غيابا للشارع العراقي الفعلي الذي عقدت وتعقد له هذه المؤتمرات في عمان والقاهرة وجدة ..و..و..وربما ذات يوم قادم في جزر(الواق واق) و الأرض العراقية،المفتوحة للقبور والجثث القديمة-الجديدة والمفخخات والتصفيات، وفرق الموت، والأغتيالات ، باتت لا تتسع لمؤتمر واحد بشأنها ومَنْ عليها من العراقيين الأحياء حتى آلآن وهم أصحاب الشأن في هذه المؤتمرات..لعل البعض سيشير لما حصل لبعض وزراء الخارجية العرب او ممثليهم والأمين العام للأمم المتحدة عندما استهدف القصف أقرب الأمكنة التي عقدت فيها تلك الاجتماعات ، ليدلل على ان ثمة من هو قوي في العراق وانه يعطي رسالة واضحة في ان لا يسمح بحلول لمشاكل العراق إلا عبره فقط .. وهناك ايضا و"ثيقة العهد الدولي" وما احتوته من التزامات متبادلة بين المجتمع الدولي و العراق. و المؤتمر الذي سيبحث هذه الوثيقة التي تطالب بنبذ العنف ضد الدولة والعراقيين واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، كما تلزم العراقيين إقامة دولة موحدة فيدرالية -ديمقراطية، والمصالحة بين الجماعات المختلفة بالعراق، وتقاسم عادل للموارد والتعاون مع دول الجوار عبر برامج وتعهدات فعلية لمكافحة الإرهاب والتسلل وضبط الحدود . و حددت الوثيقة مجموعة إجراءات يجب ان تعمل عليها الحكومة العراقية ومنها محاربة الإرهاب واحترام حقوق الإنسان ومتابعة منتهكيها بغض النظر عن انتماءاتهم وحل الميليشيات بالوسائل السياسية والاقتصادية اللازمة لذلك مع ضمان حرية الصحافة و تنمية نهوض المجتمع المدني وبناء مؤسسات الدولة على أسس احترافية – وطنية عادلة و حل سلمي لقضية كركوك يأخذ في الاعتبار آراء جميع مكوناتها تأريخيا ومصالحهم وايضا احترام حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية وهذه البنود التي حملتها الوثيقة.. واخرى غيرها عناصر محددة خلال المرحلة القادمة امام الحكومة العراقية لتبيان جديتها في العمل على إقرار الأمن في البلاد وتحقيق المصالحة الوطنية بين المكونات و القوى السياسية العراقية و هي التزامات متبادلة من جانب العراق والمجتمع الدولي للمساعدة في نجاح العملية السياسية فيه، وكذلك لدفع جهود إعادة الإعمار فيه .و الحكومة العراقية بوضعها الحالي المعروف غير مهيأة لتنفيذ تلك الالتزامات من جانبها كما هو واضح بغض النظر عن تصريحات بعض المسؤولين فيها وحتى لو جائت حكومة اخرى تحمل ذات الخصائص فأنها غير مؤهلة لتنفيذ تلك الألتزامات والتعهدات. وهذا المؤتمرالذي عقد في (الثالث من آيارالجاري) في مصر، ، ومعه اجتماع وزراء دول الجوار العراقي في شرم الشيخ، وحضره مصر والبحرين، وألأمين العام للأمم المتحدة وأمين الجامعة العربية والخمسة الدائميين بمجلس الأمن، وعدد من وزراء خارجية بعض الدول الصناعية الكبرى، ومعهم ممثلين لاكثر من 80 دولة بعيدة عن العراق .. كلهم ..بحثوا شأنه..(كم أنت مريض وعصي على الشفاء أيها العراق..!؟).
لم يتحلحل الوضع العراقي الداخلي بعد كل تلك المؤتمرات السابقة - والمؤتمرهذا ايضاـ.. وصخبها الخطابي والأعلامي والتعهدات والوثائق الموقعة فيها..لا بل زاد وضع العراقيين سوءا مع كل الاحاديث عن نوايا المصالحات ومؤتمراتها وضجيجها وكل ما قيل ويقال فيها عن حلول تعقبها أو تعقب الـ"خطط الأمنية" لـ"فرض الأمن والقانون".
تنحصر الرؤية العراقية لمحيطه العربي- الإقليمي، على ثوابت أهمها رفض التدخل في الشؤون العراقية الداخلية، وعدم العودة الى ما قبل 9/ 4 /2003 وإلغاء المنجزات السياسية التي تحققت ،على كل آلامها وعذاباتها وخساراتها في عراق ما بعد صدام، ورفض تكريس الحراك الإقليمي- العربي تجاه طائفة أو قومية أو فئة ما فيه..بهدف خلق منافذ دائمة للنفاذ عبرها الى الشأن العراقي الداخلي ، والتأثير فيه ، مع وضوح التأكيد على ان العراق ليس طرفاً في المشاكل والعلاقات المتوترة بين بعض دول الجوار وبعض الأطراف الدولية، وأن لا تتحول مدنه وشوارع وأحياء عاصمته المدحورة، ومدنه الغارقة في البطالة و سوء الخدمات وشحة الدواء والحياة الرثة وتخلف الوعي الاجتماعي ، إلى بؤر لتصفية حسابات بعض تلك القوى، التي تسعى لاحتكار الساحة الإقليمية وفرض تصوراتها فيها، من خلال ديمومة التوتر في المنطقة واستغلال ما يسمى بـ"المأزق الأمريكي في العراق " لزيادة الضغط على أمريكا وحلفائها في الساحة العراقية ، لتليين مواقفهم في ساحات أخرى او مفاوضات ما ، لابد ستحصل بالمباشر او عبر وسطاء ، بشأن ما يجمع عليه العالم في أن تبقى هذه المنطقة الإستراتيجية خالية من الأسلحة النووية او السعي لامتلاكها اولتقاسم النفوذ فيها تحت معطيات ذلك المأزق واستغلاله بتحويل العراق إلى ساحة حرب مفتوحة لدعم كل من يدعى محاربة (الأمريكان) على الساحة العراقية باستخدام كل الوسائل المتاحة ومنها دعم الإرهاب وتسهيل مهمته التي حولت يوم العراقي إلى جحيم دائم وخربت نسيجه الاجتماعي بتكريس النزعات الطائفية وإستغلالها سياسيا وأجهزت على فرص بنائه وألحقت بما تبقى من بنيته التحتية المخربة أصلا خرابا مضافا، معطلة فرصا متاحة للبناء في مناطق "آمنة" كان يمكن للعراقي فيها ان يحصل منها على شروط جديدة للحياة اليومية الشاقة التي يكابدها منذ ثلاثة عقود.. لذلك فأن على مَنْ يواصل بدأب من دول الجوار تسهيل وإشعال النيران في البيت العراقي أن يعلم ان ثمة في التاريخ البعيد والقريب والواقع المنظور ثوابت لا تقبل التفسير والأجتهاد والتأويل الأحادي وأهمها ان نيران الإرهاب ومخلفات العنف الاجتماعي، والعمل على زعزعت الاستقرار ، وغض النظر عن تجنيد المجندين الأرهابيين و نشاطاتهم، لديمومة خراب العراق بحجة مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية ومخططاتها الراهنة أو بعيدة المدى في المنطقة،لا يمكن ان تتجمد او تتوقف عند عوامل الزمان والمكان الراهنين.. ويمكن لهذين العاملين ان يتغيرا بتغير الشروط والوقائع والإحداث وتطوراتها واللاعبين فيها والمصالح التي تختفي خلفها..ومسألة " الأفغان العرب" وغيرهم وما مارسوه ويمارسونه في بلدانهم بعد انتهاء اللعبة وشروط التحالفات التكتيكية السابقة يجب اعتبارها في الحسابات الراهنة والمستقبلية لسياسات الدول المحيطة بالعراق. لذلك فأن العمل على إخماد النيران العراقية تتطلب جهوداً مشتركة من قبل جميع دول الجوار العراقي ، ومنها البدء الفور والفعلي في تفعيل الاتفاقيات الأمنية، وضبط الحدود، وتقويض خطط المتسللين وإيقاف تجنيد ((المرتزقة-المجاهدين))،والحد من تحركاتهم، وكشف خلاياهم الإرهابية ومن يقدم لهم الدعم المادي واللوجستي للخلاص منهم في بلدانهم ولإغراقهم في ما يسمى بـ((المستنقع الأمريكي في العراق)) وتبادل المعلومات والتنسيق مع الجهات العراقية في هذا المجال، لأن نيران العراق اذا اتسعت ستحرق الجميع عربا وغيرهم، وعلى بعض القوى في الشارع العربي،خاصة تلك التي تشهد نهوضا لعوامل ومسببات لا مجال لبحثها آلآن ، ان تتأكد ان شبح (صدام حسين) الذي يهدهد أحلامها، لم يعد له وجود.. ولن يبعث ثانية..صحيح ان ما أسس له صدام من قيم ورؤى وممارسات فظة لم تندثر في العراق الآن وان بعض ما جار فيه لعله افضع وأحلك واشد قساوة.. وهي مرحلة ستنهي ومعها ستزول أشباح لـ(صدام) تم استنساخها حاليا من قبل اعوانه سابقا و بعض أعدائه ايضا.. والعراقيون كفيلون بذلك وهذه مهمتهم اساسا .. وعلى بعض(الاخوة) العرب وشوارعهم الصاخبة الضاجة ان لا يقايضوا "صدام" بالعراقيين..فالعراقيون والعراق أبقى من شبح صدام وغيره من الأشباح التي تجول في أرضهم آلآن. وعلى المسؤولين في العراق وكل السياسيين فيه العمل على خطاب فعلي عملي في طمأنة دول الجوار العراقي، خاصة تلك التي لها علاقة متشددة بالولايات المتحدة الأمريكية، بان العراق لا شأن له بمشروع أمريكا في "دمقرطة المنطقة" والذي يشهد انحسارا في امريكا ذاتها بسبب الأخطاء والاثمان الفادحة التي رافقت ما سمي بـ"تحرير العراق". لابد ايضا لممثلي العراق في هذا المؤتمر او في غيره من المؤتمرات من إيضاح ان العراق لم ولن يكون قاعدة امامية لإسناد أي هجوم ضد دول جواره تحت أي ظرف او ضغط او شرط والسعي معها لموقف فعلي عام مشترك يقضي بان أمن العراق من امن المنطقة وأمن دولها وشعوبها ، إذ لا يمكن التصور في ان العراق وساحته ستكون معزولة عن الدول المجاورة له وسيبقى وحده غارقا في دوامة العنف الحالي وشراسته ومهيمنات ردود أفعال الثأر الإرهابي- الطائفي دون ان تتسع تلك الدوامات و لهيبها وجحيمها لتشمل الجميع عربيا وإقليميا..تلك رسالة العراق والعراقيين الواضحة لمن ينبغي لهم سماعها والعمل عليها من المسؤولين العراقيين الذين سيمثلون العراق في المؤتمر وإيصالها بوضوح لا لبس فيه للدول العرية أو المجاورة له.. فالوضع الراهن في العراق إذا وصل نقطة اللاعودة لن يبقى محصورا بساحته فقط..لذا لابد من مساندة الشعب العراقي واحترام خياراته واتخاذ جميع الإجراءات المتاحة لإخراجه من النفق المظلم الراهن، وتبديد مخاوف اندلاع حرب أهلية قد تنشأ فيه، وهي تمتلك الشروط والمقدمات حاليا، وستأكل عندها الجميع ، وتهدد أمن واستقرار وثروات شعوب ودول المنطقة برمتها.