| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

إبراهيم زيدان

 

 

الأثنين 15/6/ 2009



الديمقراطية في العراق
هل هي أكذوبة ؟

إبراهيم زيدان  *

ممارسات كثيرة ظهرت للوجود تهدد الديمقراطية في العراق على الرغم من أنها لا تزال تجربة فتية تحتاج إلى المزيد من الدعم والرعاية من خلال الالتزام والعمل بالدستور ، ولكن يبدو أن بعض العقليات من سياسيي عراق الاحتلال الأمريكي لاتؤمن إلا ّ بهيمنة الحكومة على كل شيء من دون تمييز ، بدليل سعي الحكومة من خلال وزارة الدولة لشؤون المجتمع المدني إلى جعل مؤسسات المجتمع المدني العراقية التي كفل الدستور استقلاليتها وألزم الدولة برعايتها تابعة للحكومة عبر الوزارة المذكورة وكأنها فروع لها !

ويبدو أن الرعاية هذه يفهمها البعض من ذوي العقلية الشمولية لا تأتي إلا ّ من خلال الوصاية كما كانت أيام النظام السابق الذي احتوى والتهم جميع الاتحادات والنقابات والجمعيات عبر (الحزب القائد) من خلال مكتبه المهني الذي كان يشرف ويوّجه التشكيلات هذه بوصفها فروعا لحزب البعث الذي أعطى صورة جديدة مغايرة لمفهوم الديمقراطية والعمل الديمقراطي في العالم .

ومن بين هذه الممارسات كما أشرنا سعي الوزارة المذكورة التي طالب الكثيرون بإلغائها ، لان منظمات المجتمع المدنية غير حكومية ، وبذلك تنتفي الحاجة إلى وجودها ولكنها تشكلت انسجاما ومبدأ المحاصصة الديمقراطي وليس بدافع الضرورة التي لا تقر وجودها ، إذ أن الوزارة مطالبة بتوفير الدعم المالي للمنظمات والإطار القانوني لعملها لكي تحميها من الوقوع في براثن الجهات المشبوهة المعادية للعراق التي تقدم المنح بشروط تخرج المنظمات عن أسباب نشوئها وتضعها موضع الشبهات كما ينظر إليها اليوم .

وقد انتقدت الدكتورة أزهار الشيخلي وزيرة الدولة لشؤون المرأة سابقا ورئيسة إحدى منظمات المجتمع المدني العراقية سعي الحكومة لجعل المنظمات جزءا تابعا من المؤسسات التابعة لها مع أنها منظمات غير حكومية ، وهذه في تقديرنا مغالطة مفضوحة تمثل انتهاكا خطيرا للدستور ، لان التوجه هذا يتنافى والدستور ، وللاسف الشديد أن الكثير من سياسيي العراق الجديد ينظرون بريبة إلى جميع منظمات المجتمع المدني العراقية على أنها واجهات سياسية لأحزاب أو مخابراتية لدول وبالتالي تمثل خطرا على المجتمع العراقي ، وهي تهمة طالت جميع المنظمات التي لا تزال في دائرة الاتهام حتى تثبت براءتها .

وكانت السيدة آلاء الطالباني رئيسة لجنة مؤسسات المجتمع المدني في مجلس النواب قد أشارت أيضا إلى التوجه الخطير هذا في مناسبة سابقة ، وقد رأت انه غير دستوري مؤكدة رفض لجنتها لما ورد من مواد قانونية في مشروع قانون منظمات المجتمع المدني الذي تقدمت به الوزارة المذكورة ، وقد وصفت واضع المشروع بأنه أما أن يكون ( بعثيا ) أو ذا عقلية لا تؤمن بالديمقراطية أصلا ، مشددة على أن مشروع القانون مرفوض جملة وتفصيلا كونه استند في معظم مواده إلى قانون الجمعيات الذي أصدره النظام السابق من خلال الإجراءات العقابية والشروط والقيود التي وضعها على المنظمات وكأنها فروع للوزارة وليست منظمات غير حكومية مستقلة ، الأمر الذي يتعارض مع ما ورد في الدستور ويتنافى أيضا مع الأمر (45) الذي أصدرته سلطة الائتلاف المؤقتة أيام الحاكم المدني بريمر .

وختاما إن إقرار مثل هذا القانون لا يهدد التجربة الديمقراطية الفتية في العراق حسب ، إنما يرسخ القناعة لدى الجميع بأن الديمقراطية التي اقرها الدستور هي أكذوبة وان الدستور هو أكذوبة كبرى ، ففرض الوصاية على منظمات المجتمع المدني العراقية التي تعد ركيزة من ركائز البناء الديمقراطي إلى جانب حرية الصحافة يعيدنا إلى النظام الشمولي الذي لا يؤمن إلا ّ بديمقراطية الحاكم المستبد .

 


* صحفي وكاتب عراقي


 

free web counter