| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عماد رسن

Imad_rasan@hotmail.com
http://www.facebook.com/pages

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 4/10/ 2011



العراق من أسوأ البلدان في العالم

عماد رسن

هل هي حقيقة من أن العراق من أسوأ البلدان في العالم؟ الموضوع مهم ويحتاج إلى وقفة للتأمل طويلة جدا ً. لايخفى على أحد بأن المنظمات التي تصدر تلك تقارير, هي منظمات غربية, وإن المقاييس التي تعتمد عليها في قياس مستوى المعيشة هي مقاييس غربية بحتة. أن كل شيء يتعلق بمقياس مستوى المعيشة يرتبط إرتباطا ً وثيقا ً بالنظام الرأسمالي. فالمنطلق الأساسي لقياس مستوى معيشة الإنسان هو مقياس إقتصادي بحت, ويعتمد بشكل كبير على مستوى دخل الفرد القومي. حتى مستوى التعليم ومدى فاعلية النظام الصحي والبيئي أو تماسك النظام السياسي يعتمد على العامل الإقتصادي. ولكن, وبالرغم من هذا التشكيك, لايستطيع أحد إهمال هذه التقارير بشكل كلي لأسباب عديدة, ومنها أنه لاتوجد هناك منظمات أكثر موضوعية ونزاهة من تلك التي تصدر تلك التقارير.
من جهة أخرى, هل نستطيع أن نتأكد من أن العراق من أسوأ البلدان في العالم, بعيدا ً عن تلك التقارير التي تنطلق من منطلق إقتصادي؟ بالتأكيد يوجد هناك أكثر من طريقة. فإن كانت تلك التقارير ذات طابع إستدلالي, تعتمد على منظمات أغلبها غربية, فهناك بالتأكيد واقع يمكن أن نستدل عليه بشكل إستقرائي, إذا ما أستخدمنا مصطلحات طرق البحث العلمي. فهناك التقارير الحكومية التي تصدرها منظمات تتبع الحكومة العراقية, مثل ديوان الرقابة المالية, أو منظمات شبه حكومية كهيئة النزاهة. وهناك تقارير تصدرها مؤسسات كبيرة كلجنة النزاهة في البرلمان, أو منظمات مستقلة كمنظمات المجتمع المدني. كل التلك المنظمات تتفق على أن العراق بلد ينخر فيه الفساد, وفيه جيش من الأيتام والأرامل, وفيه جيش آخر من المعاقين والأميين والعاطلين عن العمل. تصور أن في العراق أكثر من ستة ملايين أمي, ونصف سكان العراق تحت خط الفقر. إنها بالفعل أرقام فلكية. لا أريد أن أتحدث عن البيئة في العراق, فهي ليست ضارة فحسب بل تحصد أرواح الآلاف كل عام وتسبب خسائر إقتصادية كبيرة للدولة والمواطن.
من جهة أخرى, يوجد هناك مصدر آخر يمكن النظر اليه بإعتباره أحد المصادر المهمة في مقياس مستوى المعيشة في العراق, ألا وهو تجربة الإنسان العراقي البسيط التي يرويها من خلال شاشات التلفزيون وفي جميع القنوات. فالعراقي كان يعاني, ومازال وسيظل يعاني مادام الوضع على حاله. إنه يعاني من نقص الماء الكهرباء, من الرعاية الصحية وتدني مستوى التعليم, يعاني من قلة الخدمات وفي أحيان كثير إنعدامها, يعاني من الفقر والجوع, يعاني من الإرهاب والجريمة, يعاني من البطالة وتدني مستوى دخل الفرد, إنه يعاني من تجاهل المسؤول والسياسي, يعاني من جهل المسؤول والسياسي, يعاني من سرقة وفساد المسؤول والسياسي.يعتقد البعض بأن من لم يسرق من السياسيين فهو ليس بفاسد, وهذا مالاحظناه في أزمة عقود الكهرباء الأخيرة حين ادعى البعض بأن العراق لم يدفع فلسا ً واحدا ً لتلك الشركات وذلك ليبرئ ساحته من المسؤولية. إن الفساد ليس سرقة فحسب, بل سؤ إدارة أيضا ً. فإن وجدت بلدا ً يتمتع بدخل عالي وفيه طبقة فقيرة, فتأكد بأن هناك سرقة أو سؤ للإدارة.
متى يدرك المسؤول والسياسي العراقي بأن العراق بحاجة لنقلة نوعية, لخطة طوارئ غير إعتيادية, أو لتخطيط عال المستوى من قبل خبراء ذو خبرة ومهنية عالية لإنتشاله من واقعه المرير. متى يدرك السياسي العراقي الذي يتصارع على كرسي لن يدوم بان المواطن العراقي ينتظر الكثير منه لأنه وببساطة يملك مصادر الثروة في البلد وهو من يمتلك السلطة والقرار السياسي.
هل مازال هناك من يعتقد بأن العراق أفضل بلد في العالم! بالتأكيد يوجد, فالذين يعيشون على موائد خزينة الدولة يعتقدون ذلك, بل ويتبجحون به, أولئك الذين لاتلائم بدلاتهم الأنيقة أجسامهم أو أشكالهم, وكأنها فصلت لغيرهم, حتى ربطات عنقهم ذات الألوان الصارخة تفتقد إلى القليل من الذوق.نعم, فقط هذه الفئة التي تعتقد بأن العراق مازال بخير وأن كل تلك التقارير هي عبارة عن مؤامرة من أجل تحطيم العراق القوي.
لم يكن العراق أول بلد في العالم يدخل حربا ً, ولم يكن الأول من تتحطم بنيته التحتية ومؤسساته عن بكرة أبيها, فهناك اليابان وقبلها المانيا. أن الفرق بين العراق من جهة وبين اليابان والمانيا من جهة أخرى هو الثقافة التي تسود بتلك الدول. فثقافة اليابان والمانيا قائمة على احترام الوقت,والعلم, وحب والوطن, أما في العراق فهناك هدر للوقت, فلا قيمة له, وإحتقار للعلم لتسود بدله الخرافة والجهل, وأناس يحبون طوائفهم وقومياتهم وأحزابهم. لقد سقط النظام السابق الذي أورث العراقيين مشاكل لاتعد ولاتحصى, وتركة لازال يدفع العراق من مستقبله الكثير على أثرها, لكن الذي جاء لم يفعل شيئا ً, فهو غارق بالسرقة والفساد وسؤ الإدارة. فليس من المعقول أن لانرى مشروعا ً إسترتيجيا ً كبيرا ً في خدمة المواطن العراقي, بالرغم من الدخل الهائل من واردات النفط والتي تعادل مجموع دول أفريقية كثيرة تجتمع مع بعضها.
أن الذي يؤلم هو أن العراقي مازال يعيش في بلد دخله يوزاي دخل بلد أوربي ومستوى معيشة لاترقى لمستوى أي بلد أفريقي. فلازالت أوغندا وكينيا وساحل العاج تتقدم على العراق في مستوى المعيشة, فإن كذبت تقارير المنظمات الدولية, فإن حياة المواطن العراقي ستؤكد تلك الحقيقة المرة التي لايريد السياسي أن يلتفت اليها.
 

 

free web counter