| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عماد رسن

Imad_rasan@hotmail.com
http://www.facebook.com/pages

 

 

 

                                                                                     الثلاثاء 1/11/ 2011



العراق... فيدرالية, كونفيدرالية, تقسيم!

عماد رسن

لايستطيع أحد إلا أن يجزم بأن العراق سائر نحو التقسيم كما تسير الشاة إلى المصلخ قبل الذبح. فبعد إعلان محافظة صلاح الدين النية عن إقامة أقليما ً مستقلا ً قبل أيام يبدو أن كل الأمور سائرة بهذا الإتجاه. ومن يعلم بأن محافظات أخرى ربما ستفعل نفس الشيئ لتعلن الإستقلال عن المركز. الموضوع ينطوي على مخاطر كبيرة يمكن أن تؤدي لتقسيم العراق. الغريب في الأمر هو أن المحافظات الغربية من العراق كانت معترضة وبشدة على تشريع قانون الفيدراليات في الدستور العراقي لأنه كان سيضعف هيبة الدولة وسيؤدي إلى التقسيم, إلا أن الأمور اللآن تغيرت بشكل كبير وتحول التفكير الرومانسي في العراق الموحد إلى تفكير واقعي بعراق يمكن أن تأخذ أجزاء منه بعض الإستقلالية,أو قل ذرائعي يعتمد على الفعل ورد الفعل في الموقف السياسي مع غياب الاستراتيجية, أي كموقف ضد موقف الدولة في إعتقال عدد من البعثيين وإقالة البعض من التدريسيين في المحافظة. أن الخطير في الأمر هو: ماذا سيفعل أعضاء مجلس المحافظة بعد أن أعلن السيد المالكي بأن الطلب سوف يرفض وهناك بعض الحديث عن إعلان للإستقلال حتى بدون موافقة المركز؟

الفيدرالية نظام متطور تعالج فيه أمور سياسية وإدارية بطريقة تخدم الأطراف والمركز وهو مطبق في كثير من الدول ذات الأعراق والقوميات المختلفة كالولايات المتحدة والمانيا. أن الفيدرالية هي أن تحصل الأقاليم على سلطة لايمكن حتى للمركز بممارسة بعض الإجراءات إلا بموافقة الأقليم. فالذي يفرق الفيدرالية عن الأقاليم الإدارية هو إستقلالها بقرارات سياسية كثيرة بعيدا ً عن المركز, أما في الأقاليم الإدارية فتحصل الأطراف على صلاحيات في إدارة شؤونها فحسب. ولكن, وبالرغم من ذلك, تبقى الأقاليم الفيدرالية ضمن استراتيجيات الدولة في موضوع السياسات الخارجية وموضوع الجيش الوطني الموحد. وهذا مايفرق الفيدرالية عن الكونفيدرالية وهي الإنضمام الطوعي للدولة العضو في الاستراتيجيات العامة للإتحاد, ولكن يبقى الجزء الكونفيدرالي له جيشه وسياسته الخارجية كدول الإتحاد الأوربي.

أن من حسنات الفيدرالية هي أن تكون السلطة قريبة من الشعب, وأمكانية تمثيل جيد لأبناء الأقليم, والأخذ بنظر الإعتبار إحتياجات الأقليم من جميع النواحي. لكن سلبيات الفيدرالية كثيرة, وخصوصا ً في وضع يشبه وضع العراق. فسيكون هناك صعوبات وتعقيدات في إتخاذ القرارات مع وجود حق الفيتو لبعض الأطراف. يصعب تشكيل حكومة المركز في النظام الفيدرالي كما يحصل في بلجيكا, وأكيد سيزيد ذلك الطين بلة في العراق. الصعوبة في تحديد المسؤوليات بين الأقليم والمركز. الحكم الذاتي في الأقليم يمكن أن يثير النزعة الإنفصالية كما في أقليم الكبك في كندا. هذه هي مساوئ الفيدرالية ولكن, لماذا يطلب الحكم الذاتي الفيدرالي أصلا ً؟

أن النظام الفيدرالي ينصح به في المجتمعات ذات التنوع الأثني والثقافي والجغرافي, كالذي موجود في كردستان العراق. لنرى مايمكن أن يتوفر من هذه الشروط في صلاح الدين. فثقافة المحافظة عربية والعرق الغالب عربي, أما الشيئ الوحيد الذي يميز المحافظة عن الجنوب والمركز فهو الطائفة. وعلى هذا الأساس, لايستبعد أن يكون أعلان المحافظة أقليما ً على خلفية طائفية مما سيولد عواقب وخيمة على المنطقة كلها. أن الموضوع الطائفي سيفتح باب جهنم على كل من يدعو أليه بقصد أوبغير قصد, وسيكون فاتحة شر تؤدي لتقسيم العراق لا محالة.

لست مع الحكومة المركزية في سياساتها مع الأقاليم وغير الأقاليم, إلا أن ردة فعل محافظة صلاح الدين قوية وتخفي ماورائها ماتخفي. فالحكومة جزء من المشكلة في عدم تطبيقها نظام الامركزية في الإدارة لتخفف الأعباء عن المركز وتحمل الأطراف بعض المسؤولية. أما عن التهميش فكل محافظات العراق مهمشة وحال صلاح الدين ليس أفضل من حال الناصرية أو البصرة التي تنتج النفط ولايوجد فيها ماء صالح للشرب. لاعلم لي إن كانت هناك مذكرات ضبط للمعتقلين الذي هم من البعثيين كما يقال ولكن الذي أعتقلوا في جنوب العراق هم أكثر من مناطقه الغربية. فالحكومة المركزية تبقى صاحبة الهيبة والسلطة حفاظا ً على أمن وإستقلال البلد وإن كان هناك خطأ ما فيمكن متابعة ذلك مع القضاء والموضوع ليس أكثر من موضوع وقت ولايستحق أن نعرض أمن ووحدة البلد لمغامرة غير محسوبة العواقب.

أن أكثر ما يخيف في موضوع الفيدرالية هو المشروع الخارجي الذي أتمنى أن لايقع أبناء صلاح الدين وباقي المحافظات في شركه لاسيما ونشهد هناك بعض الصمت من أطراف سياسية كانت تحرص على وحدة العراق. لانريد من العراق أن يكون كونفيدراليا ً, أي عبارة عن دول تلتقي كأعضاء في نظام واحد, ولافيدرالية على أساس طائفي يمكن أن يخلق تكتلات طائفية بالضد, فالفيدرالية على أساس طائفي ستؤدي بالضرورة نحو التقسيم.
 

free web counter