| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إبراهيم الخياط

ibrahim_alkhiat@yahoo.com

 

 

 

                                                                                  الأثنين 2/5/ 2011



"زينب" (1)

 إبراهيم الخياط *

"زينب" .. قصيدة لابراهيم الخياط

هل الشعر هو وسيط للعبور إلى المستقبل، قبل أوانه؟ هل الشعر يؤدي الوظيفة ذاتها التي تؤديها الحاسة السادسة المفترضة، من اتصال بين الأرواح التي خلعت جسدها، وذهبت إلى الرفرفة فوق رؤوسنا؟ أم اننا خضعنا إلى المنطق في حساب صارم لما حدث ويحدث وسيحدث.

هذه القصيدة التي ظلت نائمة في درج الشاعر الخياط، منذ ما يقارب أربع سنوات، تستيقظ على وقع المناسبة؛ مناسبة خروج الناس إلى الهواء الطلق لاسترداد ما لم تستطع الانقلابات المسلحة، والأحزاب الغليظة، أن تسترده؛ آدمية الإنسان!
الشعر الحقيقي هو الذي يتكلم عن مناسبات مقبلة، يصنعها، لا فائتة؛ تصنعه.

د. مالك المطلبي
مجلة "الاسبوعية" البغدادية
العدد 164 في 27 آذار 2011

تحت الكراسي العربية
اكتفت القديسة العذراء
بالتريض في شرنقتها المنسوجة
من حرير النكبات
وصمغ الاكتئاب،
فتبيت ـ كلّ نكبة ـ
ملولا،
ـ كإمائهم ـ
تنتظر من يخون إمبرياليته
ويطارحها النسيب الساخن
في شتاء المذابح،
وكزرقاء الغمامة
ترى جنات
تجري من تحتها دفوقان نضاحتان
بعذب الدماء
وترى أهليها
اللايخافون مقام القاتلين
هم فيها خالدون،
ومتكئين على رفرف
من النعوش المريحة،
ولا تدري
لمن تشي
بالزغاريد المحبوسة في حناجر الثكنات؟
وهي ترى
الشارع الممتد
من أقصى الضاد الى أقصاه
ضاجا على الإسفلت الأخرس
كخشب الكراسي العربية،
وترى ـ بآيتيها المعصوبتين ـ
أسرابا ً
من بوم قرطاجة
تنتظر الخراب العظيم
خلف أبوابنا التي تستظل بعاقول الحظوظ
وتلتقط
ـ على مدار الهجير ـ
موجة الامتعاض
وذبذب الاعتراض
في أثير السكون،
فمن خمسين
ـ في مناسبة نسيتها ـ
ولكن
لا تنسى الأيكة العذراء أنها، من خمسين،
ما استساغت
حساء الرصاص الفاسد
ـ نكبتئذ ـ
فاعتلّ صوتها
وعافها الندماء اللطيفون
همولاً
بين أصيص الانتظار
وذبول القدوم،
وها هي ذي تومئ
على مسناة قصيدتي
وتكاد تقول
للكراسي العربية العتيدة :
(ـ أيها الأبنوس المرصع
بدموع المحار،
هلا دفعت
بالرعاع والمارقين
وكل المغضوب عليهم
الى شاطئ المحرقة،
ويكون المجد ـ كلّ المجد ـ لك
من قبل ومن بعد،
ياذا المراقي السواسن،
وأسوة بالسلف الكريم،
دع الرصاص فاسدًا
ـ ولا محرجة ـ
فالذاهبون اليّ
سيكتفون بأسرارهم المتداولة
فيا أيها الكرسي العربي المبارك
لا تأبه لخشبك السبئي
فالمحرقة بعيدة
وسفراء الغاب محاموك
ولا ويل إلا علينا
في سوارة الوحشة
فلا هادل لله ينوح على
ناي الغصون،
ولا جارية
"تحرر" لنا
قدود الليل والظنون
لكننا قرطاجة الألفية والصحراء،
بل العنقاء
التي ما استلذت
لأنفاس الاحتضان مشمّا ً
إلا حين اعتلت الخراب
وألقت على المحرقة المجنونة
بضع رئات
من زفير النكسات)
لقد أومأت القديسة الفصيحة
بمنديلها الأحمر
في ميناء الكلام
وكأنها القصبة الحافية انتعلت أغرابها
وهي تحمل وريقة توت ٍ
ـ بحجم النكبة ـ
تحملها،
ثم في طقس فكتوري باسل
تنحني
أمام الكراسي العربية الكسيحة.

 

(1) زينب شعث: مغنية سياسية من فلسطين، تألقت في سبعينات القرن الراحل.

 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

free web counter