|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الثلاثاء 24/7/ 2012                                 إبراهيم الخياط                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

.. ودمع لا يكفكف يا دمشقُ

 إبراهيم الخياط *

للطغاة وجه واحد، انهم يختزلون الاوطان على قياس أنفسهم، والامثلة كثيرة في التاريخ والجغرافيا، أقصد في مراحل عدة من حياة شعبنا عبر أزمان متعاقبة، وفي دول ومجتمعات أخرى عانت مثلنا، أيضا.

ويكاد يكون السيناريو واحدا، فالوطن دوما في خطر، وحماية أمنه واستقلاله هي مسؤولية الجميع، أما خيراته فلا يحق لأحد أن يسأل عنها، أو حتى أن يعرف عنها شيئا، ومن السيناريو ـ أيضا ـ أن "الاوغاد" الخونة هم عملاء للأجنبي الطامع، وطبعا يقصدون ـ دوما ـ الشعب الثائر عليهم، وطبعا ـ أيضا ـ لا يشذ طاغ عن زملائه، اذ لا يهمه في نهاية المطاف كما في أوله سوى روحه الغالية.

الان، ونحن نسمع ونرى الرعب الذي يغطي أديم سوريا، ولا أعني النظام ورأسه، بل البلد/الجنة، والناس/الذهب، سوريا التي كانت على مرّ ويلاتنا ملاذا للمعارضات العراقية، وكلنا (يعرف) قصة المتنبي ولجوئه للشهباء حلب مع رمحه وقرطاسه والقلم، وكلنا (يتذكر) أواخر السبعينات عندما تحولت سوريا الى وطن ثان للمعارضة الديمقراطية والاسلامية العراقية، وكلنا (عاش) سنوات الاحتراب الطائفي 2006 ـ 2007 حيث لجأت اليها وفازت بالامان آلاف الأسر والعوائل العراقية.

ولاحتني، مع رفقة لي، بسببها سياط لا أقسى منها على ظهري ولا أوقع، ففي دهاليز أمن بعقوبة، عام 1982، كنا رهطا فتيا من الشيوعيين المعتقلين، عبد العظيم الكرادي، أحمد صفر، ظامر خليل موسى، رعد عزالدين الخالدي، طالب عبود فليجة، حسين هادي، محمود الهويدراوي، كريم ناصر ثابت، علي خزعل، وأنا، وقد ابتكرنا طريقة للكتابة على بياض (جص) الحائط، باستعمالنا الوجه الثاني لأغلفة علب اللبن الصغيرة، وكتبنا (يجب أن نتعلم الحقد)، (قد يتحطم الانسان لكنه لايهزم)، (أمران يستحقان النضال والقتال: أمرأة تحبك ووطن حنون)، (قد نتفرق لكننا لن نفترق)، (الانسان: موقف)، (حييت سفحك عن بعد فحييني.. يادجلة الخير يا أم البساتين)، (سلام من صبا بردى أرق.. ودمع لا يكفكف يا دمشق)، والعشرات غيرها من كتابات كانت تمنحنا القدرة على البقاء والصمود والامل، وفي تفتيش روتيني دخل عنبرنا مفوض أمن حانت منه لفته للحائط المسوّد بالحكم والشعارات، هو بالكاد يفك الحروف لأنه كان يتهجاها، ولم يعر اهتماما لها، لكنه جفل وشاط من بيت شوقي، فصاح هائجا: وي وي .. دمشقووو..

كان نظام الطاغية صدام قد حدّ أسنانه على الرؤوم (دمشق) لانها كانت موئل المعارضين والناقمين والرافضين له، نعم أستحضر ـ الآن ـ البهية (دمشق)، هذه التي آوت الالاف من معارضينا والملايين من أهلينا، ومع قلبي أفتح بيتي (المستأجر)، وأدعو أن نفتح بيوتنا، ومباني منظماتنا، ومدارسنا، ومزارعنا، وشوارعنا، وموصلنا، ورمادينا، وبغدادنا المديدة، فأهلنا السوريون في رعب وقتل يومي وعلينا أن نكون السلام ودار السلام.

وقبل أن يكون الاستقبال وفاءً، فانه واجب وفرض تجاه بكداش وبدوي وقباني والماغوط والغوطة وجبل قاسيون وسوق الحميدية ومقهى الروضة وخان أيوب الذي ما أحد دلنا عليه ولكننا اهتدينا.

بروحي تلك الأرض ما أطيب الربى

وما أحسن المصــطاف والمــتربعا

وأذكـــر أيام الحــمى ثم أنثني على

كبــــدي من خشـــــية أن تصــدعا

 

 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter