موقع الناس     http://al-nnas.com/

بعيداً عن يوسف الصائغ … أي قريباً منه
 


إبراهيم الخياط

الأحد 19 /3/ 2006

بعد 9 نيسان 2003 وفرار قيادة إتحاد أدباء العراق المعينة من قبل المكتب المهني المقبور ، تولى الأدباء أمور إتحادهم حتى كان المؤتمر الانتخابي الكبير في تموز 2004 ، إذ إلتزم الإتحاد خيار الشعب في العملية السلمية الديمقراطية في العراق الحرّ الجديد .
ولذا فقد دسنا مأساة الماضي الأسود ، إنطلاقاً من قناعة مفادها أن المثقفين بأجمعهم كانوا رازحين تحت قهر أعتى دكتاتورية في التاريخ ، فبدأت إشاعة ثقافة الحوار والصفح الجميل والخصام الجميل والتسامح والشفافية والتعددية والإنفتاح مع الإصرار على استبعاد نهج الإقصاء والإلغاء وهذا ما دأب عليه إتحاد الأدباء في نشاطه الثقافي اليومي ، فلم يتهم الاتحاد ولا خوّن عضواً ، كما لم يمنح صك تزكية لسبب بسيط هو أن الإتحاد لا يخلق أديباً بأيّ وجه من الوجوه ، بل الأدباء هم الخالقون إتحادهم ، ثم ان الاتحاد ليس حصة لفئة دون أخرى ، ولا هو مع موقف إيديولوجي بضد غيره ، وإنما هو تجمع مهني لمحترفي الأدب الملتزم ساميا فوق الميول والاتجاهات ان لم يكن موجهاً للميول والاتجاهات.
ان إتحاد أدباء العراق هو ضد الإرهاب والعنف ، وأيّ أديب لا يكترث للدم العراقي المقدس المباح ، ولا يدين أعمال الإجرام التي تقصد أبناء شعبنا قصداُ بيّناًً في الشوارع والأسواق ودور العبادة والجسور وحتى في بيوتهم ، ولا يأبه لخيار شعبنا وقواه الوطنية المعروفة في الاحتكام إلى صناديق الإقتراع ،أقول من لا يكترث حتى لو كان أديباً مرموقاً ومناضلاً كبيراً قبل سقوط النظام ، فإنه يقذف بنفسه خارج الاتحاد العريق ، والاتحاد بدوره في حلّ منه ، ولا يجمعه معه جامع إحتراماً وتبجيلاً وتقديساً لشهداء شعبنا الذين لا نعرفهم بالأسماء ولكنهم وهج في مدار العراق .
عليه فما أشيع بأن الاتحاد ـ لأسباب أيديولوجية أو لمديح رخيص ـ لم ينع أديباً أو لم يعلق لافتة عزاء له ، فلا صحة للمقول جملة وتفصيلاً ، لأن رأي الأتحاد واضح جلي ، فلا تابوات ولا غيتو ، والموقف إخلاقي مستمد من التقدير العالي لشعبنا ، وضرورة أن يجهر المثقفون بأصواتهم ضد الإرهاب والتكفير والموت المجاني ، فلا حياد للأديب مع نحر أهلينا .
إن كل عمل مسلح هو إرهاب مسهم في إطالة أمد الإحتلال ، الاحتلال الذي ادباؤنا صوت عال ضده ، كما كانوا ضد القمع والاستبداد ، وكما كانوا ضد خيار الحرب طريقاً للتغيير ، وكما هم الآن ضد الإرهاب ، وهم منادون الآن ايضا لإنهاء تواجد القوات الأجنبية على أرضنا المقدسة ، المقدسة بالأضرحة والمعابد وأجداث مبدعينا ، وبالأدباء .

إن اتحاد الأدباء ليس بوصيّ على أيما أديب ، ولم يرد من أعضائه المدحوا إعتذاراً ، لأنه لا يريد أن يذل أحداً ، فكيف بالأديب وهو الإنسان الشفيف ، ثم ان الجمهور هو من يحدد العلائق بالمسامحة أم بالانتعال .
أهلاً بالأدباء وهم ينورون مبنى إتحادهم ، وهم يلعنون قتلة الشعب الصابر ، ويؤمنون بخياره الذي هو خيار الأدب الملتزم .
وحتم ، ههنا ،أن نحيي الأبطال من الأدباء ، ونطيب ذكر الراحلين منهم ، وأن نقدر للأدباء المضحين مقارعتهم وسكوتهم وامتناعهم عن السير بمشيئة صغار الفاشست وكبيرهم ، وأن نشد على أيدي الذين إنتبذوا الأقاصي ، وتحملوا نير المنفى وأذاه حتى تبقى كلمتهم بيضاء مثل وجوههم .