|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأربعاء  12  / 3 / 2014                               إبراهيم الخياط                                  كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

تغريدة الاربعاء

الولد طار .. يمه يا يمه!

إبراهيم الخياط *

"القصَّخون"، هو ذلك الرجل "الملا" الذي يعقد على رأسه (جراوية) ويجعلها في لفتين تشبها بالشقاوات، ولكنه يختلف عنهم بنظارته التي يضعها فوق أنفه ويشدها الى اذنيه بخيط رفيع. وهو يتعمد ذلك لانه بحسابه استاذهم، حسب رأي الباحثين ومنهم باسم عبد الحميد حمودي، الذي يضيف أن أحدهم اذا همّ بالتلاوة او الانشاد، شهر سيفا خشبيا وانطلق على طريقة غنائية خاصة. وانه عندما يصل من القصة، غالبا، الى ان أبا زيد الهلالي قتل في المعركة الحاسمة ألف ألف فارس، يستبد به الانفعال ويحطم بضربة من ضربات سيفه الخشبي الفانوس النفطي المعلق فوق رأسه، ليسود الظلام. فيأخذ صاحب المقهى دوره بالبحث عن شمعة، وهو ممسك بتلابيب (القصخون) محملا اياه مسؤولية تحطيم المصباح، ومطالبا بثمنه.

يحدث هذا كل ليلة، وفي كل مرة يتدخل احد الرواد ليدفع ثمن الفانوس المحطم، وينجو "القصخون".

ذات ليلة صادف ان انشد "القصخون" شعراً وقع فيه أبو زيد أسيراً بيد أعدائه، فدخل السجن. وأنهى "القصخون" الفصل، مؤجلا بقية القصة الى اليوم التالي، غير انه قبل أن يصل الى البيت راعه ان يجد احد (الشقاوات) الشبان ينتظره وفي يمينه خنجر مرهف الحد، ويقول له مهددا :
- ملا.. راح اتطلعه لابو زيد من السجن لو لاع!

وعلى ضوء االفانوس النفطي الذي كانت تنير به البلدية شوارع وازقة بغداد، يفتح "القصخون" كتابه ويواصل ما انقطع من سياق القصة، فيتلو على الشقي بصوت خافت كيف ان ابا زيد استطاع ان يثقب سقف (الزنزانة)، وانه سيحطم باب السجن ويفر منه باعجوبة.

هنا تنفس الشقي الصعداء، فقد خرج ابو زيد من السجن! وبتأثير ارتياحه نفسيا ترك (الملا) سائرا الى داره المعتمة في آخر الزقاق، وخياله أبدا مع أبي زيد.

وأظنه هو الشقي الشاب نفسه، عاد الينا عصر الخميس الماضي بعد أكثر من مائة عام، وارتدى ثياب السوبرمان. فـ "على دين الملوك الناس.. اشما تعبد تقلدها"، ولكنه لم يقف براس العكد، ولم يحمل خنجرا، ولم يهدد "المرواتي"، بل قفز الى طائرة شركة "الشرق الأوسط" اللبنانية وهدد قبطانها :
ـ لك.. راح اتجيبه لابو زيد من مطار بيروت لو لاع!

وعلى ضوء مصباح رب العالمين الذي ينير السماء والارض، يفتح الكابتن "لابتوبـ" ـه عسى أن يتمكن من مواصلة ما انقطع من سياق قصة "ألف بلية وبلية"، فيتلو عليه بصوت خائف كيف ان ابا زيد استطاع ان يثول سلطات مطار بيروت وانه طار بالطائرة الماليزية (التي ستختفي في ما بعد عند سواحل فيتنام).

وهنا يتنفس الشقي الصعداء، وبتأثير ارتياحه نفسيا يسير مجنحا، ومع "رياض أحمد" يدندن :
ـ "الولد طار.. يمه يا يمه".
 

* الناطق الإعلامي لإتحاد الأدباء
 

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter