| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

                                                                              الأحد 24/ 6/ 2012



صحوة نيابية ام هرج اعلامي ؟

إحسان جواد كاظم

لم يجانب النائب المستقل في الائتلاف الوطني جواد البزوني الصواب عندما صرح بان : " جميع الكتل السياسية متورطة بعمليات فساد ". ورغم ان هذا الاستنتاج قد استغرق وقتا طويلا ليتوصل اليه احد من آل البرلمان, والتي هي معلومة يعرفها المواطن العراقي العادي منذ ايام التحاصص الطائفي- العرقي الاولى, الا ان الجديد فيها هو عدم استثناء السيد النائب لكتلته البرلمانية والسياسية عنها. فكما هو معتاد, يجري عادة كيل الاتهامات لاعضاء الائتلافات والكتل السياسية الاخرى بالفساد والارهاب... ونسبة الأمانة والغيرة على مصلحة الوطن والمواطن لكتلته.

هل هذه ارهاصات لصحوة اخلاقية حقيقية في اوساط برلمانيينا؟

كنا قد استبشرنا خيرا عندما لمسنا اولى مظاهر الصحوة النيابية, عندما انسحب النائب عن الائتلاف الوطني جعفر الصدر من عضوية مجلس النواب ولكن تبين لاحقا انها جاءت احتجاجا على استئثار اشخاص محددين في اتخاذ القرارات. وخاب ظننا به لان خطوته كانت ناقصة ومن منطلق ذاتي.
وكذلك يمكن وضع الانسحابات والانشقاقات التي جرت في القائمة العراقية والتيار الصدري وغيرها.

المظهر الآخر للصحوة, والذي يمكن اعتباره تطورا نوعيا, هو تصريحات ومواقف النائب المستقل الشيخ صباح الساعدي والتي اتسمت بالجرأة والصراحة في انتقاد وفضح مواقف السلطات التنفيذية وسكوتها وتغطيتها على الخروقات القانونية ومظاهر الفساد المستشرية في اجهزة الدولة وبالخصوص المقربين من رئيس الوزراء نوري المالكي, وهو بلاشك محمود على ذلك, لكنه لم يتعرض جديا الى فساد المشاركين الآخرين في عملية المحاصصة السياسية.
ورغم ان اتهام النائب البزوني جميع الكتل السياسية بما فيها كتلته, لاسيما وانه ينتسب الى القائمة الاكبر في مجلس النواب " الائتلاف الوطني العراقي " , الا ان ذلك بقي في حدود الاعلان اللفظي ولم يلحقه باجراء عملي, كأن يرفع ملفات فساد متعلقة ببرلمانيين او موظفين حكوميين سواءا من ائتلافه او من الكتل الاخرى الى القضاء.

آفة الفساد عنصر ملازم لنهج المحاصصة منذ اليوم الاول لاعتماده, رغم ما طرح من تبريرات وتعليلات لذلك, تحت حجة ضرورة الاتفاق بين القوى السياسية لتسيير امور فترة انتقالية محددة لعظم التركة السابقة ولوجود تكالب اقليمي ودولي على العراق يدعم الارهاب وايتام نظام الدكتاتورية البائد, لكن القوي المهيمنة استطعمت اطايب هذه الفترة الانتقالية وتبين لها ان المحاصصة دجاجة تبيض ذهبا فاصرت على المضي في هذا النهج رغم فشله في تطمين ابسط مطاليب المواطن العراقي في الامان والخدمات والعيش الكريم. لابل ان صراعاتهم فاقمت الامور وولدت مشاكل جديدة حد تحول الامور الى ازمة نظام وحكومة خانقة اصبحت حجر عثرة امام اي تطور.

وكما اشرنا فان نهج المحاصصة يحمل في رحمه جرثومة الفساد, فهو يخرق بلا مواربة البند الدستوري: " ان المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات". اضافة الى تجاهله لبند آخر: " ان الدستور يضمن فرص متساوية لكل المواطنين ". وكان استناد المحاصصة الطائفية - العرقية على ما يدعى بالمكونات, التي لاتمثلها بالضرورة الاحزاب والكتل والتحالفات التي تدعي ذلك, اكثر مظاهر الفساد فضائحية. على حساب مبدأ المواطنة الذي تنتهجه الدول الديمقراطية والذي تقوم على اساسه دساتيرها, وبذلك فقد صادر اباطرة المحاصصة حقوق المواطن لتطمين اطماعهم وتجاوزا على حرياته.

ومما عقد الوضع العام في البلاد هو اصرار القوى المهيمنة على تفصيل قانون انتخابات على مقاسها يؤبد بقائهم في السلطة بالضد مع ما ثبته الدستور في بنوده وهذا ما دعا المحكمة العليا الحكم بعدم مشروعية اقرارهم لهذا القانون وبطلانه وبذلك عدم مشروعية وجودهم على راس السلطة... وتشبثهم بالسلطة بالطبع فساد قاد الى سلسلة من اشكال الفساد في مجالات الحياة الاخرى وهو ما ترتب عليه تشكيل حكومة ال42 وزيرا, والتي كان الاصرار على استمرارها هو اكثر مظاهر الفساد وقاحة.
قد لايكون لبعض نواب مجلس النواب دورا شخصيا في الفساد المستفحل الا ان صمته عن ممارسات كتلته, يضعه في موقع المسائلة القانونية يوما ما, على الاقل بسبب حنثه بالقسم الذي اداه وخيانته للامانة التي اودعوه اياها منتخبوه بان يدافع عن مصالحهم. حينها يصبح " حشر مع الفاسدين عار ".
لذا يمكن ادراج تصريحات النائب البزوني في خانة التعميم لارضاء الذات وكتعبير عن رفع العتب لانها تخلو من الجدية.

صحوة نيابية تحت يافطة المحاصصة وفي اطار قوانينها هي مجرد هرج اعلامي وذر رماد في عيون المواطنين.
لن يعبر علينا الامر !


 

 

free web counter