| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

 

الاربعاء 18/4/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

هل رهبوت خير من رحموت؟
 

احسان جواد كاظم

ابتدعت المجتمعات البشرية منذ فجر التاريخ وسائلها في تنظيم العلاقة بين افرادها,بقيم وتقاليد وشرائع حسب مستوى تطورها التاريخي وطبيعة التهديدات التي تواجهها,حتى تبلورت في شرعة حمورابي الشاملة المدونة على مسلته المشهورة.
مبدأ الثواب والعقاب مبدأ تاريخي متفق عليه ولكن الاختلاف ظهر على مدى هذه العقوبات وتصنيف الجنح والجرائم والعقوبات المناسبة التي تستحقها كل من هذه التجاوزات على حقوق المجتمع وافراده.وهذه كلها ارتبطت بعوامل عديدة منها مستوى تطور المجتمع وطبيعة العلاقات الطبقية فيه والقيم والتقاليد... وتباينت تبعا لذلك الآليات المناسبة لاصدار وتنفيذ هذه الاحكام.
القتل هو جريمة كبرى اما اذا ترافقت مع وحشية منفلتة فتصبح افضع..فكانت العقوبة "العين بالعين والسن بالسن" اى الاعدام مقابل القتل العمد.
من اكثر سلبيات عقوبة " حكم الاعدام" انها نهائية. فلا يمكن الرجوع عنها بعد تنفيذها, اما اعادة الاعتبار للمعدوم بسبب خطأ قضائي فانها لاتعني شيئا.
ولم يبتدع الانسان اية عقوبة مهما كانت شديدة قادرة على ردع المجرم من ارتكاب جريمته والا لكنا قضينا على الجرائم والقتل منها خاصة منذ فجر التاريخ.
يحتج منتقدي عقوبة الاعدام بانها غير انسانية, ولايحق لاي انسان ان يصادر حياة انسان آخر لاي سبب كان. وينبغي الحكم على القاتل بالسجن المؤبد فهو الاكثر تأثيرا عليه,كما انه لايمكن تنفيذ حكم الاعدام لمجرد تطمين الحالة النفسية لاهل الضحية اي الانتقام لهم.فان هذا مقابل وسبب وضيع لقتل انسان آخر.
حجة مؤيدي حكم الاعدام تقول: لاينبغي ان تكون للقاتل افضلية على المواطن السوي...يجب عليه ان يعي ان قتله لانسان سيكلفه حياته ويحصد مازرعه للآخرين. اما ارتكاب القضاء لخطأ بحق انسان بريء فيمكن تلافيه بعدم تنفيذ حكم الاعدام مباشرة بعد اصدار الحكم,الى ان يثبت ارتكابه للجرم نهائيا.
دول العالم النامي يغلب عليها تخلف انظمتها السياسية واستبداديتها, وغالبا ما تستخدم القضاء لتصفية حساباتها مع معارضيها السياسيين وهي ممارسة شائعة, اضافة الى مايعانيه القضاء من فساد ومحسوبية ومنسوبية.
وفي العراق الجديد حيث لازال القضاء يعاني من امراض الحقبة الماضية وتراكمات عهد الاستبداد و عشوائية القرارات الارادوية لبريمر وماتلاه والفساد الاداري والقضائي بسبب المحاصصة الطائفية.... تبقى اهمية الابقاء على حكم الاعدام قائمة, فالجرائم التي ارتكبها نظام صدام البائد ضد الانسان وبيئته ,بكل مالهذه المعاني من مضامين, فضيعة. وماترتكبه العصابات الاسلامية من قتل عشوائي للمدنيين وتدمير للبنية التحتية ومصادرة سافرة لابسط حقوق الانسان العراقي. فاهون جرائمهم كانت القتل الحماعي مع سبق الاصرار والترصد, والاغتصاب الجماعي مع القسوة البالغة وجرائم الذبح وتفخيخ جثث ضحاياهم...وجرائم فضيعة اخرى يندى لها جبين البشرية.
ان المطالبة بالغاء حكم الاعدام سابق لاوانه في عراق اليوم. فالاكتفاء بالحكم المؤبد وعزل القتلة عن المجتمع التي تطالب به دول ومنظمات غير واقعي. ففي ظل الشروط التي تفرضها هذه الجهات تجعل المجرم يهنأ بظروف حياة وادعة في سجنه يحسده عليها الملايين من مواطنينا المحرومين (وكانت ظروف سجن المقبور صدام افضل من ظروف حفرته التي اختارها للاختباء اوضح مثال).
لابل انه حتى الحديث عن تطمين الحالة النفسية للعراقيين من خلال اعدام قاتليهم يصبح حديثا مشروعا... فحجم الجرائم المرتكبة بحقه هائل ولم تكن فردية او محصورة.
ان مايميز الانسان عن الحيوان الاحساس بالعدل وليس العقل واللسان فقط.
ويبقى رحموت خير من رهبوت دائما!!!