| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

 

الثلاثاء 12/6/ 2007

 

كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس




الموت للانتحاريين !.


احسان جواد كاظم

لا... لم اجن بعد, لكنها امنية استباق الحدث. فكلنا نشهد مدى العجز في وقف هذا القتل المجاني للابرياء واستفحال الفهم البهيمي للتضحية. ورغم الدراسات السايكولوجية المتعددة لسبر أغوار التلافيف القطرانية لدماغ الانتحاري, الا ان العلماء لم يخرجوا لنا بنتيجة ترضينا وتشفيه.
حب البقاء شيْ غريزي لدى الكائنات الحية , وكل يسعى ان يحيا اقصى مايمكن, لكن ثقافة الموت التي يتشربها هؤلاء في كتّاب مشايخهم من وعاظ السلاطين, تجعلهم يضحون بأحلى سنوات شبابهم من اجل سراب.
سأل احدهم مرة الشيخ العلاّمة القرضاوي: لماذا لايقوم هو او احد ابناءه بعمل انتحاري؟ فأجابه بغضب : أتريد ان تحرم الاّمة من علمائها ومشايخها؟ ! ! والشيخ عنده حق. فيجب ان يترك ذلك للناعقين وراء كل ناعق من رعاع الدين والملّة " والذين اذا اجتمعوا غلبوا واذا تفرقوا لم يعرفوا " كما وصفهم الامام علي بن ابي طالب. وهم الآن كثر.
وهؤلاء الرعاع ليسوا بالضرورة من اناس مهمشين... وليس صحيحا انه ليس امام المواطن المقهور سياسيا وثقافيا واقتصاديا, غير الانتحار... فهناك مئات الملايين من البشر لم ينتحروا رغم الجوع والاحتلال والتخلف.
وكان التاريخ قد عرف انتحاريين استهدفوا اعداءهم, كما فعل اسماعيليو قلعة آلموت وأميرهم الصبّاح ولكنهم لم يتعرضوا للابرياء من الناس. ثم هناك طيارو الكاميكاز اليابانيون الذين هاجموا بوارج الامريكان اثناء الحرب العالمية الثانية.
تعاني شخصية المسلم عموما من شيزوفرينيا واضحة في سلوكه وتفكيره, تتمثل في كره الآخر والتعالي عليه مع التمسك بقيم حضارية أكل عليها الدهر وشرب. وهذا التناقض في شخصيته تجعله صيدا سهلا لمشايخ الارهاب والتكفير ليحولوه الى بهيمة متفجرة بعد شحنه بجرعات كبيرة من الحقد على الآخر.
ولابد لمن قابل متدينين مسلمين بالغرب يجدهم يلعنون اليوم الذي جاء بهم الى عالم الكفر والفساد هذا, مع ان هذا العالم احتضنهم وعوائلهم وآمنهم من خوف وأطعمهم من جوع, ومن المؤكد انه سوف لن يأسف عليهم ان قرروا العودة الى جنتهم التي جاءوا منها." اذا اقمت في دار الكفر للتطبب او التعلم او التجارة, فأقم بينهم وانت تضمر لهم العداوة ". هذه الفتوى الذهبية لأبن تيمية جعلت بعضهم يحللون السرقة بحجة انهم في دار حرب وهذه غنائم غزواتهم ضد الكفار ماعليهم الا ان يتمتعوا بها هنيئا مريئا, حلالا بلالا. ولكنهم يستلمون من جانب آخر المساعدة الاجتماعية من هؤلاء الكفار بلا تردد فانهم مجبرون على دفعها لهم وأرجلهم فوق رقابهم لأنها حق من حقوقهم الطبيعية...وذلك في جحود مطبق لمضيفيهم. ورغم ان المساعدة الاجتماعية هي من اموال ضرائب يدفعها الافراد والمؤسسات بما فيها معامل الخمور والبارات ومجازر الخنازير وبيوت الدعارة والبنوك الربوية, الاان ذلك لايهم فهي اموال حلال مادامت تدخل جيوبهم.
ان تعالي الخطاب الهستيري للاسلاميين الذي تحول لاحقا الى فعل عنفي يخفي عجزا تاما في اقناع الآخر بما يفكر وفي تقديم شيْ جديد ذو قيمة وعدم قدرته جذب الانتباه اليه فيلجأ للقتل والانتحار في ابراز عدمي لذاته المأزومة. ان البديل الطبيعي لثقافة الموت هي ثقافة الحياة حيث الانسان أثمن رأسمال وكل شيْ يكرس لأسعاده.
وان التطور العلمي والتكنولوجي الذي اكتسح العالم وعمّ نوره كل الزوايا المظلمة وسقوط كل العوائق التي منعت الاطلاع على ثقافات وحياة الآخرين ودخلت كل بيت, وضعت مرحلة الانغلاق في خبر كان. والتغيير قادم لامحالة.