| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إحسان جواد كاظم

 

 

 

                                                                 السبت 03/ 11/ 2012



المسألة اكبر من بذرقة حجيج !

إحسان جواد كاظم

انقضت ازمة الحجاج الاتراك على خير باعطائهم تأشيرات سفر عراقية وغادروا اراضي البلاد,ووضحت الامور وتبين انها لم تكن بذرقة حجيج كما كان يحصل قديما عندما تدخل قبائل البدو في صراع دام على حق كل منها في حماية طرق قوافل الحجاج الذاهبة الى مكة طمعا بما تدره من اموال, سواءا بابتزاز الحجاج انفسهم او باستحصال اموال من بيت المال في عاصمة الخلافة. فالامر يتعلق عندنا بالخلاف على الصلاحيات والحقوق بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان.
 
واول بوادر تعقد المشكلة, حد تشكلها في ازمة سياسة وصلاحيات بين الجانبين كان بعد زيارة وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو الى كركوك بدون علم او تنسيق مسبق مع وزارة الخارجية وتصاعد النقاشات عن الجهة التي اعطته تأشيرة السفر, ان كان قد حصل عليها فعلا. فكما هو معمول به في كل دول العالم, فان لوزارة الخارجية حصرا صلاحية اعطاء تأشيرة او حجبها عن اي شخص اجنبي.

كما ان الخلافات طالت مسألة المنافذ الحدودية وتبعيتها ومن يديرها واين تذهب عوائد الضريبة الكمركية التي ينبغي ان تحول الى الخزينة المركزية. فكل يوم تعبر الحدود العراقية آلاف الشاحنات المحملة بالبضائع وهذا يعني مئات الملايين من الدولارات سنويا ان لم يكن اكثر, حيث تصادر حكومة الاقليم هذه العوائد كما هو حاصل حاليا بدون وجه حق, رغم ان العدد الاكبر من الشاحنات تفرغ حمولاتها في العمق العراقي.

لقد كان لتغير موازين القوى بين احزاب المحاصصة الطائفية- العرقية القابضة على السلطة,واستتاب الامور نسبيا لرئيس الوزراء نوري المالكي محفزا له للشروع بقصقصة جناح سلطات الاقليم واستعادة صلاحيات وحقوق تخص الحكومة الاتحادية , كانت سلطات الاقليم قد استغلت ضعف قبضة الحكومة المركزية وانشغال اطرافها في الصراع الطائفي وضعف اجهزتها الامنية واستفحال الارهاب وانتشار الفساد بين اركانها للتمدد الى مساحات اوسع من الصلاحيات وبسط النفوذ من خلال قضم الاراضي وضمها تحت جناحها مستفيدة من اجواء الاستقرار السياسي والاقتصادي النسبي في الاقليم وتجميعها الدائب لمقومات دولة .

ويبدو تصريح البعض عن ابلاغ الادارة الامريكية حكومة الاقليم عدم دعمها لقيام دولة كردية امرا ليس ذي تأثير حاسم امام ارادة شعب في الاستقلال, وخصوصا وان قيادة الاقليم قد هيئت اسباب النجاح لهكذا خطوة فهي تعمل على الدخول الى الدولة الكردية من بوابة شركات النفط المتعددة الجنسية ( شركة شيفرون الامريكية وشركة اكسون موبيل كورب الاميريكية وشركة توتال الفرنسية ) التي تتمتع بجبروت مالي و نفوذ سياسي وتأثير بالغ على مصادر صنع القرار في العالم, من خلال توقيعها على عقود مشاركة سخية معها لاستغلال الحقول النفطية في كردستان ولآماد طويلة.

ان تصاعد حرب التصريحات بين اطراف المحاصصة واتهامات بعضها البعض بالفساد والاستيلاء على الاموال العامة حد تهديدها بكشف المستور امام الشعب ثم نكوصها عن هذه التهديدات, دفعت المواطن ليفكر مليا في طبيعة الصفقات والمساومات فيما بينها ومدى قانونيتها والاجحاف الذي تسببت به لحقوقه .وتوصله الى الدواعي التي تجبر اكثر القوى تضررا من استقواء واستحواذ القوى الاقوى على الغنائم على التزام الصمت وعدم فضح ماتعرفه من تجاوزات الكبار على حقوق الوطن والمواطن, فهي رغم تضررها فانها تبقى مستفيدة من نعم المحاصصة الجلى, ان لم يكن ما يمنعها تورطها مع الآخرين في فضائع.

ان ما يهم مواطننا العراقي ليس فقط استرجاع موارد المنافذ الحدودية الى الخزينة المركزية وغيرها من موارد بلادنا الغنية في اية بقعة جغرافية منها بل كيفية استغلال هذه الثروات لفائدته ورفاهه ومنع سيطرة قلة مهيمنة على مقدراته.
 

free web counter