| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

عماد خليل بله
ekbelah@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 17/8/ 2009

 

من احباب عبد الكريم قاسم ؟

عماد خليل بِله

من عادة العراقيين حين يتناولون مادة بحديث ان يدلوا كل برأيه ويأخذهم الجدل وتبادل المعلومات عن موضوع الحديث اتفاقا واختلافا ، لكن من الملموس ان الحديث عن الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم يتسع لديهم ويكاد جميعهم يتفقون عليه ، فلكل عراقي ممن عاصر فترة حكمه بوعي او طفولة عمر وحتى من ولد بعد اغتياله وثورة تموز المجيدة الا وامتلك كلمة وصف جميلة بحق الشهيد ، ولم يتلق عبد الكريم قاسم الذكر الطيب من فقراء العراق الذين عمل باخلاص وجد لانتشالهم من واقعهم البائس ، ومن المثقفين والوطنيين ممن يدرك الخسارة الفادحة برحيله بل ويشاركهم بذلك رجال اعمال دخلوا سوق التجارة والصناعة بدعم من الزعيم ، فكثيرا من شرفاءهم يتذكر بتقدير قرار مجلس الوزراء العراقي للجمهورية الاولى الذي تم بموجبه قيام البنوك بمنح قرضا لمن يرغب بانشاء عمل بكفالة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم ومن هنا نشأت فئة جديدة من الرأسمال الوطني الصغير ساهمت بفعالية في تطوير الاقتصاد العراقي.

ولم ينس العراقيون السلوك الانساني للزعيم وممارسته الوطنية ذات الالتزام الاخلاقي العالي بما حفلت به من نزاهة واخلاص وتواضع وتعالي عن الصغائر والاهتمام الجاد ببناء وطن متطور والاحتكام للعدالة القانونية والعفو عند المقدرة، وبُعد نظر لم يُسمح له بأخذ زمنه وقد كشفته الحقائق وخاصة تلك التي سطرها من كان عدو للمرحوم عبد الكريم قاسم ومنهم من اعد وشارك في ذبحه الذي هو عمليا ذبح لمستقبل شعب العراق. فنجد في كتاب المفكر العراقي الاستاذ حسن العلوي بمناسبة مرور 27 عاما على اغتيال الزعيم مثالا قيما لشهادة ليس دافعها مصلحة حزبية وانما صحوة ضمير بعد ان تحكم بالعراق شعبا وارضا طاغية تعدى ظلمه معارضيه ليلحق بأنصاره، ومع ذلك لم يكن هذا الكتاب بما يحتويه يعادل قيمة البايسكل التي اشترته المرحومة فكيكية لحسن العلوي ابن جارهم محبة جار كي يستخدمه للذهاب الى المدرسة ولا يعد يتأخر عن الدوام المدرسي ( وقد ذكَرتُ لابي عمر عام 1986 في لقاء في دمشق في محل كان يلتقي فيه شلة من المنفيين والمهجرين العراقيين في سوق العصرونية ذلك. وحين سألته اين الضمير الانساني والصحفي عن الحقيقة عما اورده في الكتاب – انه مع اخرين بعد قتل عبد الكريم ذهبوا الى البنك لمعرفة ثروته وكشف سرقاته فلم يجدوا في الحساب غير دينار وربع- اجاب الاستاذ العلوي بأن المصلحة الحزبية قضت بالسكوت) . ومعذرة ان اطلتَ عليكم بحكاية اخرى تشهد لكِبَر هذا الرجل وسمو اخلاقه المتعالية عن الصغائر حكاية سمعتها من عراقي اصيل هو الدكتور المهندس ابراهيم فرج الموسوي اطال الله عمره . والدكتور من اوائل اعضاء حركة القوميين العرب منذ بداية تأسيسها حيث ربطه الفكر والصداقة بمؤسسها الدكتور جورج حبش مذ كانا طالبين في الجامعة الامريكية ببيروت في اربعينات القرن العشرين. قال الدكتور الموسوي انه في عام 1959 وخلال حفل نقابة المحامين او الحقوقين اقيم حفل حضره الزعيم ليلقي كلمة ، فتجمعت وذهبت مجموعة من القوميين والبعثيين الى الاحتفال بهدف تخريبه، وحين صعد رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم لألقاء كلمته قاطعته المجموعة عدة مرات بالصياح والصفير والهتاف بالوحدة العربية وفي كل مرة كان الرجل يبتسم ويفسح لتهورهم ان يأخذ كفايته ثم يعود لكلمته . وبعد ان اكمل قوله نزل يدور بين طاولات الحضور يسلم عليهم مصافحا كل منهم، وحين وصل الى الطاولة حيث يجلس الدكتور المهندس الموسوي ( قال الدكتور كان من السهولة اغتياله) نهض احدهم " وهذا الاحدهم اشد المجموعة كرها لعبد الكريم وكان في الحفل اكثرهم صخبا لمقاطعة الخطاب. قام هذا الاحدهم ( نسيت اسمه) ليواجه الزعيم وحين صافحه قال له " سيادة الزعيم توجد بعثات دراسية الى الخارج والكفالة المطلوبة عشرة الاف دينار وانا من عائلة فقيرة لا يمكنها تدبر المبلغ فماذا افعل" رد ابو دعير بابتسامته المعروفة بطيبتها العراقوية وقال" تعال غدا الساعة العاشرة صباحا الى وزارة الدفاع لنقوم بأجراءات الكفالة ، أنا كفيلك". اترك لكم المقارنة مع تجارب العراق اللاحقة.

وكان من نتائج ايجابية القيم والممارسات القاسمية والحاجة لاتباعها ان تعددت في العراق الديمقراطي حركات سياسية رفعت اسم الشهيد عبد الكريم قاسم ، كما اعلنت صحف مطبوعة ومواقع انترنت ايمانها بما حملته هذه الشخصية من قيم وتجارب ، لذا تجد بعض جرائد العراق الحرية ومواقع الانترنت تزين صفحة من صفحاتها بصورة له او حكاية ، المهم ياسادتي الافاضل ممن وجد وقتا لقراءة هذه السطور هي الحقيقة المؤلمة التي كشفت الوجه الاخر من سلوك العراقيين والمتمثل بالانهزام عند الجد ، وبلع كل عبارات التشدق بالمديح والانصاف ، وليس هذا سلوكا غريبا على اي مجتمع، وقد كان هذا السلوك موجود في كل الازمان لكن تفاقمه تعد ظاهرة سيئة ، وهو يبين ان نظام الحزب الواحد قد نجح نجاحا منقطع النظير في تدجين العراقيين ومحو رجولة الموقف الا من قلة اثرت ان تربط القول بالفعل. توقف !!! او ليس هذا بالحدث المكرر؟! ففي زمن ساده انحراف شامل لشرائع الرسالة المحمدية الحقة، وكما تذكر روايات بعث ثلاثون الف من اهل العراق وثائق استنصار ودعوة للامام الحسين بن علي بن ابي طالب (عليهما السلام) للوقوف معه في ثورة ضد ظلم وظلامية سلطة الخليفة ، وحين ساعة الوغى لم يكن معه منهم غير قلة كريمة، كما هو حال القلة التي استجابت لنداء (الحملة الوطنية لانشاء جمعية عبد الكريم قاسم الخيرية)، واختفى أكثر المصفقين لذكرى تموز وقائدها .
 
ما كانت أهمية الدعوة تقتصر على محاولة انصاف هذا العراقي الشهم وانما ايضا التوكيد على مواصفات المسؤول التي يحتاجها شعب العراق في مرحلة اعادة بناءه الحالية بما يتصارع في خضمها من تناقضات وممارسات سلبية جعلت ملايين العراقيين تلطم حظ العراق ، ومئات من كتابه المحترفين والهواة يحشرون رؤوسنا حد التخمة بحكايات عن سرقات واستغلال مناصب وسوء ادارة ولا وطنية وانعدام الكفاءة المهنية والاخلاقية لغالبية من تصمغ بكرسي من كراسي السلطة المنتخبة. ان كان ابناء الزعيم من فقراء الوطن لا يعرفون عن الانترنيت ولا مقدرة لبعضهم من استخدام الكومبيوتر . فاذن اين انتم يا دعاة النزاهة والكفاءة والوطنية . تملصتم كما فعلها الاجداد في الكوفة! وبهذا السلوك لم تُنشر مقالتنا الداعية لانصاف الزعيم عبد الكريم قاسم بتأسيس جمعية خيرية تحمل اسمه الا خمسة مواقع تفضلت مشكورة ومارست قناعتها بصدق، وجاء الاستعداد لتبني الحملة فقط من (موقع الناس). وللاسف قد مر اليوم شهر تقريبا منذ بدء عملية جمع التواقيع الا انه لم يصل عدد الموقعات والموقعيين الكرام الى الخمسمئة مشارك. ومن حضيض السياسة شارك تافه باسم "حسن بيزة حسنة ملص" معبرا عن انحطاط قيمه ووضاعة ردة فعل تقيئتها سوداوية فكرية ، جاهلا ان توقيعه برهان على حاجة العراق لمثل الزعيم الشهيد وبرهان على امتلاك الموقعين وطنية رضعت مثل عبد الكريم قاسم حب العراق، وهنا نتساءل:

أين اصحاب الاقلام المدافعة عن النزاهة والوطنية؟
واين اصحاب المواقف الشجاعة والمنصفة؟

أن احد اغراض الحملة الوطنية لانشاء "جمعية عبد الكريم قاسم الخيرية" التعبير عن التضامن مع القوى السياسية والحكومية والشعبية بمختلف ألوانها والتي تجهد لمواصلة السلوك الوطني النزيه والمخلص في ظروف الفوضى السائدة والصراع لاعادة تشكيل مؤسسات الدولة وفرض القانون.

واكاد أجزم بان هذا المقال لن يجد حظه في النشر بأكثر المواقع اسوة بالمقالة الاولى لان ديمقراطية المشرفين عليها وكفاحهم في سبيل حرية النشر تتوقف عند مزاجيتهم ومصالحهم الشخصية او الحزبية، ويقتصر النشر كالعادة في المواقع التي لا تجد نفسها الا بالالتزام بمصداقيتها بالوقوف مع الفعل العراقي الايجابي.


15اب 2009


 


 

free web counter