| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إبراهيم عبد الحسن

ibrahemabdalhasen@yahoo.com

 

 

 

الخميس 3/1/ 2008



شواهد من تاريخ شباط الاسود
بيت آمر الحامية (1)

ابراهيم عبد الحسن -  الناصرية

شيدت حامية الناصرية عام 1925 م يوم كان العراق تحت نير الاحتلال البريطاني، وفي أحد معانيها (( معسكر الجيش )) تقع شرق مدينة الناصرية، وقد شيدت على الطراز الانكليزي وفي السياق العسكري أن يكون دار سكن لآمر الحامية قريبا منها، لهذا جاءت تسميته (( بيت آمر الحامية )) الذي هو موضوعنا.
يقع البيت ولازال في طرف المدينة الثاني او ما نطلق علية الصوب الثاني في مدخل الاسكان ,, وقد حول انقلابيو شباط الاسود هذا البيت الى أحد المعتقلات الوحشية، فقد ضمت جدرانه العديد من شواهد الزمن المر عندما اقتيد الى هذا البيت المشؤوم العديد من الشيوعين الذي سطرروا فيه اروع الملاحم منهم (( طعمة مرداس – ناجي السعيدي – الشاعر فائز الزبيدي – الراحل فؤاد مكطوف – عبد الله ناصر – غانم المصور الذي سنقف على شهادته الحية –المرحوم صاحب حسن جبير ابو باسم –حزام عيال – طالب عبد الحسين.. ومن النساء عليه مطرود – فتحية احمد – سميرة يوسف – نوريه عبد جياد وكل التنظيم الطلابي النسوي.
سيظل هذا البيت وصمة عار في سجل الجلادين القتلة امثال المقبور غازي سيف والمجرم عباس حمادي وفهمي روفا وسفلة اخرين بينما خلد التاريخ ضحاياهم فقد قيل الى طعمه مرداس أعترف قال :
الاسم الحزبي \ اسود
المنظم \ الرفيق فهد
الدرجة \ عضو محلية
وسكت .. وقال لهم غير هذا لن تنالوا ابدا وأدار لهم ظهره وأثار تعذيب لعدة ايام دون ان يخون قضية حزبه قضية الشعب كله!!
اما الفلاح ( عبد الخضر وادي ) ايضا قيل له اعترف :
صفع جبهته وقال هل انا افندي واعترف انا فلاح واستمر معه التعذيب ثلاثة اسابيع دون جدوى .
اما البطل حزام عبال فقد سأله نعيم حداد  :
شنو رأيك الان انتهى الحزب الشيوعي العراقي ؟
قال له : لا نحن على عتبة التاريخ اليوم كأنها لعبة كرة قدم بدون جمهور ما الفائدة!؟
هكذا ابطال ضمتهم جدران بيت آمر الحامية الذي سجل للعفالقة تاريخا موشوما بالخزي والعار ستظل جدرانه شاهدا على سلوكية قوم تجردت قلوبهم من كل النوازع الانسانية.
كان البيت في الطرف الثاني من المدينة المكان موحش تماما الى درجة انك تشعر وانت تدخله بأن يدا صارمة تقبض على صدرك لاشي هنا غير الموت.. وأي موت!؟
وجوه كالحة مكفهرة تستقبلك بشغف سادي، معصوب العينين موثق اليدين يلوي ضلوعك زمهرير ذاك الشتاء الكئيب .. شجيرات من اليوكالبتوس تتوسط الحديقة الخارجية، وما أن تدلف الى الداخل حتى تتفاجأ بثلة من الحرس القومي مدججين بالسلاح يرمقونك بنظرات الحقد والكراهية، انهم فعلا أشبه بالكلاب المسعورة يكشفون لك عن انيابهم التي تقطر دما، ومن خلال تعليقاتهم التي تنضح بالعهر والصفاقة وانعدام الادب يتبادر لذهنك سؤال كيف استطاع هؤلاء الجهلة الاجلاف وبهذا الفكر الشوفيني اسقاط كل قوانين الحياة!؟
كيف تمكن من ان يلوي اعناق الشرفاء من هذا الوطن المتسم بالكبرياء!؟
كانت باحة الدار مكشوفة ..غرفة قادة الحرافيش تمتاز بتأثيثها الفاخر تقع مباشرة بالقرب من غرفة الحرس، اما غرفة التعذيب فتقع في زاوية البيت الشمالية فيها كل أدوات الموت جدرانها وارضيتها لم تزل ملطخة بالدماء .. السلك الكهربائي المثبت بصورة بدائية يصعقك حتى تشعر ان قلبك يحاول ان يفر من صدرك .. مراوح التعليق التي يمكن بسرعتها المذهلة فصل كتفك عن بقايا جسمك الذي يتفصد عرقا ودما من لسعات الصوندات المحشوة بالحصى، إضافة الى عمليات الاحماء التي تبدأ بأطفاء مجموعة كبيرة من اعقاب السكائر ثم تهدأ سورة العنف والغضب فينزلونك وانت مثخن بالجراح على أرضية مرشوشة بالملح .. ويستمر معك هذا المسلسل الدموي ليلا ونهارا!!
اما في الجانب الثاني فيقع الحمام ومساحته ( 3 في 3 ) هنا ستكون نهاية المطاف!!، او قل انه مرفأ الراحة حيث يرمى بجسدك المكدود فوق اكداس من البشر لتخلد الى النوم وسط هذه الاجواء الغريبة من سيمفونية الموت!!
قلوب ملتاعة واجساد مزقتها سياط الجلادين وأنين لاينقطع يمزق أستار الصمت المشوب بالخوف، رؤوس منتفخة كالبالونات ووجوه تيبس فوق مسحاتها الجنوبية الدم الراعف يتناهى الى سمعك بين الفينة والاخرى صوت أشبه بحشرجة الموت انها فعلا من اكبر الجرائم التي ارتكبها اقزام البعث الفاشيست ثم تخلد الى النوم بعد ان تهمس في سرك هذا هو درب الابطال.


 


 

Counters