| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إبراهيم عبد الحسن

ibrahemabdalhasen@yahoo.com

 

 

 

الخميس 18/9/ 2008



الناصرية . مواهب وذكريات

إبراهيم عبد الحسن - الناصرية

كنت شغوفا ومنذ طفولتي بقراءة اليافطات التي تتصدر واجهات المحال التجارية ومحال الحلاقة والفنادق والأطباء والمساجد .. ويعود سر هذا الشغف الىولعي بالخط العربي وقواعده وأنواعه حتى إنني لازلت أتذكر تشجيع واهتمام معلم الفنية لنا أصحاب الخط الجميل ونحن لما نزل في الخامس الابتدائي حتى انه قرر اقامة دورة تقوية لنا لتنمية مواهبنا بعد الدوام الرسمي كان هذا في مدرسة الجمهورية الابتدائية التي كانت تقع يوم ذاك بجانب مصرف الرافدين والتي تحولت الى فندق شبعاد واليوم مستشفى اهلي تخصصي والتي كان مديرها يوم ذاك المرحوم عبد الكريم خضير ومن معلميها الاساتذة عبد الرزاق سكر وعبد الرضا هاشم وعباس هليل والفلسطيني ابو فادي وشهاب احمد ومعلم التربية الفنية صاحب فكرة الدورة الاستاذ ابراهيم حمود وكان مصدرنا في الدورة كراسة الخط العربي للمرحوم هاشم الخطاط بعد ان زودنا المعلم بأنواع من اقلام الخط المصنوعة من القصب وباحجام مختلفة وقد زادة هذه الدورة من مواهبنا وقابلياتنا فمنا من واصل مع هذه الموهبة لكنني في العام الدراسي اللاحق حيث التحقت بالصف السادس الابتدائي انتقلت لممارسة موهبتي الاخرى مع الرياضة وبالتحديد في فريق المدرسة الكروي يوم كانت السابقات المدرسية تحضى بالاهتمام بل كانت الرياضية المدرسيو منجم المواهب والطاقات التي تخرج منها اكثر الاسماء الرياضية التي عرفتها الناصرية وفي الاول متوسط وفي ثانوية الجمهورية انتقلت الى موهبة اخرى نماها الأستاذ شاكر الجنديل مدرس مادة اللغة العربية من خلال المطادرة الشعرية وفي الصف الثاني متوسط حيث تفتحت مداركنا أكثر فقد عمق ولعي بالأدب والرواية استاذ مادة اللغة العربية الاستاذ الفاضل نوري عبد الرحيم الذي كان يقرأ علينا كبريات الروايات من الأدب الروسي والذي اختار المنفى هربا من استبداد النظام ولم اراه الا بعد اكثر من ثلاثة عقود التقيته في اروقة جريدة الصباح العراقية وهو يعمل مصححا لغويا في الصحيفة كان هذا عام 2005 ولمتابعتي لما يتلوه علينا الاستاذ نوري عبد الرحيم من أحداث تلك الرويات التي كانت تعبر عن معاناة الإنسان وجور الاستبداد ومنها وجدت طريقي الى اتحاد الطلبة العام الذي ساهم بقدركبير في الاخذ بيدي نحو تنمية المواهب والمدارك ومنذ ذلك التاريخ والى الان أخذت السياسة كل اهتماماتي حيث انني لازلت في صفوف الحزب الشيوعي العراقي الذي نما وشذب كتاباتي السياسية والتاريخية والصحفية وغيرها..
أعود الى شغفي بالخط العربي وممارستي لقراءة اليافطات حتى اليوم تلك الهواية التي احببتها كثيرا حيث قادتني الى محاولة استذكارات اولية لتلك اليافطات التي مر على خطها او كتابتها اكثر من نصف قرن او اقل بقليل وهي مذيلة بتواقيع لأسماء خطاطين عرفتهم الناصرية منهم قيس لفته مراد وحسني الخطاط وهو من سوق الشيوخ عم الممثلة العراقية المعروفة سناء عبد الرحمن وقد قرأت توقيعةه على واجهة سينما الاندلس وبتاريخ 1947 ولكن بعد دخول اجهزة العرض الحديثة وانتشار اجهزة الستلايت التي حرمها نظام صدام حسين لانعدام الديمقراطية قل ارتياد السينما الوحيدة التي ظلت في الناصرية حتى الشهور الاولى بعد سقوط صدام حسين مما اضطر مالكها موفق الحاج حمودي الحاج طالب الى استئجارها كمعامل للألمنيوم الذي قام المؤجر بدوره الى التعريف بمعمله فوق تلك اليافطة وهو لايعرف قيمتها التاريخية ومهما يكن من امر فقد كان المرحوم حسني عازفا معروفا لآلة العود وهو ايضا خطاط ومصمم في شركة البيبسي كولا المشهورة ومن التواقيع التي قرأتها كانت للخطاطين جواد الشكرجي وعبد الحسين جولان وجواد السنجري ومنعم القيسي وكاظم سندال واحمد عبد الجبار وفلاح القيسي وكاظم الخطاط وعبد المطلب وحيد الجاسم وفخري رشيد وغرباوي والسباعي وباقر ومحمد المشعل ومعذرة للأسماء الاخرى .. وكانت هذه اليافطات تعمل من الخشب المعاكس بعد طليها باللون الذي يختاره الزبون او الخطاط نفسه وبأحجام مختلفة واستمرت هكذا قبل ان تدخل الاعلانات الضوئية التي هي اكثر حداثة وقد عرفت الناصرية العديد من هذه الإعلانات الضوئية منها خياطة سبورت ومحلات دمشق للأحذية وخياطة عبد المشيهيدي ومرطبات نعيم ومحلات الدبوس ومحلات الموصلي وكثير غيرها حتى آلت اليوم الى اليافطات التي تعمل بجهاز الحاسوب ففقدت جمالية الخط العربي وجميل ان نختتم مقالنا هذا مع احد الخطاطين الكبار وهو التقدم للخط هذا هو توقيعو اول ما حط رحاله في الناصرية قادما من الديوانية وهو رجل كبير تبدو عليه علامات الالم والعذاب جراء دكتاتورية النظام السابق حيث سجنه صدام لانه يذيل كتاباته الخطية بتوقيع التقدم وهو تعبيرا عن الافكار التقدمية التي يحملها هو واخيه الشيوعي الذي أعدمه صدام حيث اننا نلاحظه يوميا يجوب شوارع الناصرية والحي الصناعي حاملا عدته المكونة من علبة الأصباغ والفرشاة لتجديد بعض اليافطات او خط الجديد منها وكان اول ما وصل الى الناصرية يذيلها ب التقدم للخط للتعبير الى أهالي الناصرية بما يحمله من افكار تقدمية يحملها جل ابناء الناصرية ولما لم يجد رواجا لمهنته أخذ مؤخرا يذيلها بتوقيع ابو الهم وكأنه يريد هذه المرة أن يعبر عن هموم المهنة التي طالتها التكنلوجيا  .
 


 

free web counter