| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

إبراهيم عبد الحسن

ibrahemabdalhasen@yahoo.com

 

 

 

الخميس 12/6/ 2008



مربون في الذاكرة

إبراهيم عبد الحسن - الناصرية

كان الطريق موحشا الى مدينة السماوة ونحن نشد الرحال إليها من الناصرية .. كنت قد أخذت مكاني الى جنب سائق السيارة التي تقل عفشنا ولازالت أصوات بكاء توديع الجيران والأقارب لنا وهي عادة لم اكن اعرف سرها يومذاك ..
كان هذا في العطلة الصيفية للعام الدراسي 72-1973 حيث أنى توا قد ترحلت الى الصف الثالث المتوسط وبعد ان أكملنا مستمسكات النقل الدراسية كان نصيبي متوسطة 17 تموز للبنين والتي تقع قريبا من معسكرات الجيش .
كنت احفظ على ظهر القلب واردد كلمة السر التي من خلالها سوف يتم استلامي من مسؤولي الجديد في تنظيمات اتحاد الطلبة العام .. كانت مداركنا للتو قد تفتحت والتي سعى الاتحاد لتنميتها وتطويرها لنشق فيما بعد طريقنا السياسي .. كان البلد يومها يمور بالأحداث السياسية سيما وان نظام البعث المقبور لازال ليس بالقوة المسيطرة تماما أو انه لما يزل لم يكشف عن نواياه واهدافة الشوفينية وسياسة الاستبداد والدكتاتورية التي ترسخت فيما بعد وخصوصا بعد استلام صدام لمقاليد الحكم ..
في الصباحات الأولى لأيلول عام 1972 قادتني عربة اللاندون التي كانت واسطة النقل الشائعة في السماوة آنذاك من محلتي التي تسكنها عائلتي والتي يطلق عليها الى اليوم على ما أعتقد محلة الحيدرية الى مدرستي الجديدة التي استقبلني طلبة الصف الثالث المتوسط بشيء من الاستغراب والسؤال عن هذا الفتى الأسمر الجديد لكن سرعان ما توطدت علاقاتنا الدراسية والسياسية والاجتماعية بعد أن مارست مهامي كأحد أعضاء اتحاد الطلبة العام وفي اللجنة الطلابية في المتوسطة ورغم سرية العمل الديمقراطي والمهني والشيوعي يوم ذاك لكني سرعان ما تعرفت على توجهات مدير المدرسة المربي الفاضل هادي الشيخ علي الذي كان يحرص على أن تلقى كلمة الإدارة في مراسيم رفع العلم من كل يوم خميس ..
كانت الكلمة بمثابة استعراض لمواقف وسياسة الحزب الشيوعي العراقي لما يجري وقتها على الساحة السياسية وهي باعتقادي كانت درسا إضافيا أحب المدير أن يشيعه بين طلبة المتوسطة يوم كان النظام لازال ليس بتلك القوة التي تستطيع تحجيم النشاط السياسي للشيوعيين رغم سريته هذا يجري بالرغم من محاولات معاون إدارة المدرسة وهو مدرس لمادة اللغة العربية وهو بعثي الانتماء ومحاولته الى إلغاء هذا التقليد او على الأقل المشاركة في صياغة الكلمة التي كان معتادا ان يلقيها مدرس مادة الجغرافية وهو شيوعي من العمارة ..
كان الأستاذ هادي الشيخ على يدرس مادة الرياضيات الى طلبة الثالث المتوسط إضافة لمهامه الإدارية وكان ذو مقدرة عالية في إيصال مضمون الحصة قبل منتصف الدرس ليكمل الوقت المتبقي من الحصة بالحديث عن مادة ثقافية او سياسية وبعضا من التوجيهات التربوية باعتبارنا قادة المستقبل ومن طرقه الجيدة هو إبراز دور ومقدرة الطلبة الشيوعيين الذين يعرفهم من خلال حدسه وحنكته الشيوعية حيث كان يوجه لهم الأسئلة حول بعض المسائل الرياضية الصعبة وكان نصيبي الأكثر في الإجابة لشغفي بمادة الرياضيات .. وهكذا استمرت الأيام مع هذا المربي الجليل .. وفي نهاية العام الدراسي بقليل أعلنت نتائج الامتحانات للصفوف المتوسطة للعام الدراسي 1972 –1973 وكانت نتيجتي النجاح من الدور الأول وبمعدل 75%
قبلني المدير باعتزاز وشعرت معزته لنتيجة طالب شيوعي بعدها بأيام أعلن عن انبثاق الجبهة الوطنية التقدمية لتبدأ مرحلة جديدة انحني إجلالا لكل مربي شيوعي ومربي وطني ساهم في إعداد الأجيال تمنياتي له بالعمر المديد بعد ان سمعت عنه الأخبار من رفاقي في مقر الحزب الشيوعي العراقي في السماوة .
 

free web counter