موقع الناس     http://al-nnas.com/

خطورة تداخل الصراعين السياسى و الدينى فى المجتمع المعاصر

 

عماد الاخرس

الأحد 2/4/ 2006

الصراع السياسى والصراع الدينى مصطلحان ذات دور هام وبناء فى المجتمع المعاصراداريا وتربويا وعندما تكون حركتهم فى المجتمع متوازيه اى استقلاليه احدهما عن الاخر ، ولكن اذا اريد لهما التداخل فممكن .... ولكن قد ينجم عن ذلك نتائج سلبيه خطيره ، حيث ان استثمار الصراعات الدينيه باختلاف اشكالها من قبل الساسه لخدمة اغراضهم السياسيه الحزبيه والشخصيه وبالعكس حيث يستثمر رجال الدين الصراع السياسى لخدمة اغراضهم المذهبيه او الدينيه او الشخصيه ايضا ، لذا ففى كلتا الحالتين من الضرورى جدا الابعاد الميدانى لاحدهما عن الاخر ومحاولة عدم التقارب والتماس او التداخل خوفا من تصادمهما وماينتج عنه من مأسى والمتمثله بالحروب وبمختلف اشكالها.
فالصراع الدينى ، هو صراع بين وجهات نظر وتفاسير واجتهادات متعدده ومختلفه بين رجال دين لمنظومة العقائد والاخلاق والاحكام التى تحدد علاقة الانسان بالله وعلاقته باخيه الانسان وا لمستمده من نصوص وردت فى الاديان السماويه او غير السماويه وتتولد من تباينها انشقاقات تتبلور فى تيارات ومذاهب متعدده تحدد قوتها وحجمها بقوة وثقل رجال الدين ومدى نفوذهم فى الوسط الذى يعملون به وصلاحيتها للمرحله .
اى ان اسس الصراع الدينى ضيقه ومحصوره ضمن الاوساط الدينيه وقياداتها ، وكل جهودهم وسعيهم من المفروض ان تصب اصلا فى خدمة الدين اى صراع تطورى ونحو الافضل ، لانه لايستطيع رجل الدين مهما كان ان يمس بدساتير الاديان لكونها ذات منبع الهى مطلق وحق لايتحمل الخطأ ، ولكن يفسر ضمن مايراه هو الصحيح النافع وضمن المنظور الواقعى التطبيقى ، ولكن تبقى النصوص الاصليه ثابته وبلا تغيير وهنا تكون الحدود واضحه ولايمكن لاى رجل دين ومهما كان ثقافته ومكانته ان يتجاوزها .
واما الصراع السياسى ، صراع لادارة شؤؤن المجتمع وضمن خطه مدروسه تضع فى حساباتها كل احتمالات التغيير اى انها شأنا اجتماعيا لذا تتفاوت الجماعات فى صور ايمانها والتزامها و صياغة مفاهيمها و تتنظم فى هياكل حزبيه او تحالفات متعدده للحصول على السلطه لاداء مهمتها وكل حسب مايراه من المفهوم الصائب لتطوير وقيادة المجتمع ، وتتجسد هذه من خلال خوضها ميدان المنافسه على الحصص والمقاعد الانتخابيه الاكبر سواء كانت فى صيغة المجالس الرئاسيه او البرلمانيه او النيابيه ، ويقود هذه الاحزاب والتحالفات رجال ساسه يستندون على افكار ونظريات اقتصاديه وسياسيه وضعيه لعلماء سياسيين او اقتصاديين اى ان ا لسياسه بشريه لذا فانها نسبيه وتتحمل الخطأ والصواب والحق والباطل وتحدد من خلالها سياسة الرجال المرتبطين بها ووجهات نظرهم لضمان القياده الافضل والسبل الكفيله لانعاش البلد او الحزب الذى يقودونوه وضمن مايرونه افضل السبل لتحقيق الانعاش الاقتصادى والاستقرار السياسى .
لذا فالصراع السياسى المحصور ضن الوسط السياسى واقصد بين الاحزاب او التحالفات لاخوف منه ويمكن تجاوزه او السيطره عليه فى اى وقت لارتباطه بافكار وضعيه بشريه متغيره وتقبل الصواب والخطا وبالتالى التغيير.
اما المفاهيم الدينيه حساسه وخطره جدا لانها الهيه فطريه لدى البشر وغير قابله للنقاش والجدال و صالحه لكل الازمنه والاوقات، وليس كالمفاهيم السياسيه حيث انها وليدة نظريات وافكار ممكن تقبلها او الحياد عنها او تطويرها وبعض منها يصلح لموقع ما ولايصلح لموقع اخر وبالاخص لبلد ما وليس لبلد اخر.
اما كيف تنشأ صيغة الترابط والتداخل بين هذين الشكلين من الصراعين وكسر الحدود بينهما فهى عن طريق حلقة الوصل المتمثله بالمراجع العليا القياديه لهما والمتمثله برجال الدين او الساسه الذين يحاول احدهما استثمار الجهه الثانيه من الصراع ويستغلها كوسيله لتحقيق غاياته بمحاولة الجمع بين الحكمه والمعروف بها رجال الدين والدهاء المرتبطه بالرجال الساسه .
فعندما يحاول الرجل السياسى الاستفاده من بعض وجهات النظر الدينيه لرجال الدين وربط تفسيراتهم بما يتلائم مع نظرياته وتحاليله... سياسية كانت ام اقتصاديه فى ادارة الدوله والمجتمع ، هنا يكون قد استخدم جانب من الدين ليخدم قضيته فى كسب هذا الرأى واتباعه من اجل الحصول على نسبه اكبر من المؤيين وعلى نفوذ سياسى اكبر لشخصه او لحزبه ايضا وهنا تتجسد عملية الدهاء السياسى .
والعكس هو الصحيح فرجل الدين واخص هنا رجل الدين السياسى اى من يربط الدين بالسياسه و خيط وصلهما، فهو من يستخدم الدين ومذهبياته كوسيله يستطيع ان يقنع الجماهير باحقية مفاهيمه المطلوبه فى تسير سياسة البلد او الوسط الذى يعيش فيه عن طريق اضافة القداسه على حملته والشرعيه من صلب الخلق والمفاهيم الدينيه وبالتالى الحصول على مكاسب سياسيه لشخصه او لاتباعه مستندا على تابعى المذهب او الدين الذى يمثله ، وهنا تكمن سر تلاشى الخطوط الفاصله بالنسبه لرجل الدين عن رجل الدين السياسى حيث يكون الثانى مضطرا للجمع بين الحكمه المستمده من العقيده والاخلاق الدينيه وبين الواقعيه السياسيه المعروفه بمتطلباتها من الكذب والدهاء والمراوغه والخداع وا السكوت عن بعض القناعات طمعا فى الكسب السياسى وبهذا يكون قد ا اصبح ازدواجيا ملوثا وغير نقيا ولديه المقدرة الكبيره فى ممارسة الارهاب الفكرى من اجل تحقيق غاياته .
واخطر مافى الصراعين هو ترابطهما حيث ان لاخطوره ابدا عندما يكون كل صراع ضمن حدوده سواء كان سياسيا ضمن ادارة المجتمع او الدوله او دينيا ضمن التجمعات او الحوزات او مراكز العباده ، ولكن اى حالة مساس ولو كانت صغيره مثلا بالدين او المذهب تصبح لها سلطه ونفوذ مدعومين من الجانب السياسى فى الدوله المجتمع و عندها تكون الظروف الموضوعيه مهيأه لاحداث حالة التصادم لارتباطها بمشاعر الناس وعواطفهم الفطريه الدينيه ومنها تنشأ حالة الحروب واصغرها الحرب الاهليه ضمن اطار سياسى صغيركالمجتمع اوالبلد اوعلى مستوى اوسع بين الامم وبما يسمى صراع الحضارات .
فبلد مثل العراق يمتاز بتاريخه الطويل الحضارى ولقدمه التى تشهد له الحضارات السته ومهبط لكثير من الاديان السماويه والرسالات لابد ان يعمل الجانبين الدينى والسياسى بشكل منعزل احدهما عن الاخر ولاتنفع الاهذه السياسه وهى الخيار الصحيح اى وكما تسمى بالسياسه العلمانيه ، لان اى محاوله لزج اى دين اومذهب بالسياسه او ادارة الدوله وفى ظل مجتمع المتعدد الاديان والمذاهب فمن المؤكد ان يخلق نوع من التسلط والاستحواذ لهذا الدين والمذهب وفى نفس الوقت خلق حالة النقيض والتكتل والطرف المعادى وبالنتيجه السير نحو حالة التصادم ومن الصعوبه جدا السيطره عليه لان كما اشرت لارتباط الدين الالهى الفطرى بمشاعر واحاسيس الناس .
من كل هذا يجب ان يبقى للموقعين الدينى والسياسى مكانتهم المستقله و المرموقه المميزه والمحترمه فى المجتمع ، الدينى لقدسيته ولواجباته العقائديه والتربويه والسياسى لاهمية فى ادارة وتنظيم المجتمع وافراده .