| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حميد الموسوي

 

 

 

الثلاثاء 9/4/ 2013



الفئران وطحين الأنصار

حميد الموسوي

في بدايات تأسيس الحركة الأنصارية في قاطع بهدنان واجهت الرفاق الأوائل من مؤسسي الحركة الكثير من الصعوبات التي لم يعتادوها في حياتهم الطبيعية السابقة .

لقد بدأت حياة جديدة لكل من إلتحق بحركة الأنصار من الرفيقات والرفاق ,عليهم أن يتعودوا ويتعلموا على نوع أخر من العيش في حياة جديدة بمعنى الكلمة بكل تفاصيلها ,سكن ,منام ,عمل ,شرب وأكل الخ من تفاصيل أخرى .

إذن لابد من تنظيم هذه الحياة الصعبة وفعلا بدأت أعداد الرفاق والرفيقات الملتحقين بالحركة تتزايد وبدأ العمل المنظم وتقسيماته تتوضح تدريجيا .أهم مفصل من مفاصل هذا العمل هو كيفية إيصال وتوفير التموين للرفاق الأنصار إضافة الى مفاصل العمل الأخرى التي لاتقل أهمية التي لا أريد الخوض بتفاصيلها إريد ان أتناول التموين والصعوبات التي تواجه مفارز التموين بشكل مختصر .

لابد أن تكون مفرزة أو مجموعة التموين كفؤة وذو خبرة ودراية في الطرق التي تؤدي الى القرى التي يشترى منها البضائع وهي قرى كردية تركية تبعد عن مواقعنا من 4 - 5 ساعات هذا إذا كانت المجموعة من خيرة ( العدائين ) الذين يتمتعون بالسرعة ومن الذين تعلموا على مسالك هذه الطرق من الأدلاء وأعتمدوا على إنفسهم بذلك ويعرفون كيفية التعامل مع دوريات الجندرمة التركية ونقاط تمركزهم ودورياتهم وكمائنهم وأوقات تحركاتهم .

كل هذا يتطلب جهدا إستثنائيا من قبل تلك المفارز التموينية من إجل جلب وتوفير التموين .كان المسؤول الإداري في مقر القاعدة الشهيد أبو جهاد ( سماوة ) وقد أعد وبمساعدتنا مخزن للتموين وملحق خاص بالطحين وضعنا ألواح من الخشب لترفع أكياس الطحين عن الأرض تفاديا للرطوبه إضافة الى ذلك تغطى أكياس الطحين بأكيس من النايلون خوفا من خرير الأمطار,ولكن كيف تتم عملية جلب التموين وتوفيره صدقوني تتم عبر عمليات قيصرية الى أن تصل المقر ,تنزل أكياس الطحين من على ظهور البغال في بداية الگلی وخاصة في الأيام الماطرة لعدم تمكن البغال من مواصلة المسير الى مقراتنا في داخل الگلی ,الطريق يصبح خطرا حتى على المشاة (ولكن نحن بغال من نوع أخر) عذرا لكل نصير,, عندها يتكفل كل رفيق بحمل كيس من الطحين لإيصاله الى المقر ويسير المسافة المتبقية التي لا يستطيع البغل سيرها مع حمله !! والمسافة المتبقية ليست قصيرة . أتذكر من الرفاق الذين حملوا أكياس الطحين في تلك الفترة وفي مثل هذه الظروف ..أبو وسن ..أبو هند ..الشهيد أبو كريم الشهيد أبو جهاد والشهيد أبو هديل والشهيد أبو إيمان والشهيد أبوعلي النجار والشهيد ناهل أبو أيار ألشهيد أبو لهيب وغيرهم كثيرين ...هكذا وبعد جهود مضنية تتم عملية توفير التموين وخاصة الطحين من قبل هؤلاء الأبطال الذين صارعوا الطبيعة.

في يوم ربيعي جميل حولته الفئران الى يوم حزين !!تفقد الشهيد أبو جهاد مخزن الطحين بعد أن أخذت السماء تمطر والرفيق الخباز ينتظر يريد كمية الطحين المقررة للخبز في ذلك اليوم ! وإذا بالرفيق ينادي النجدة , كنا مجموعة جالسين في قاعة فصيل المقر .. خرجنا وقد أصابنا الهلع لنرى ما حدث .... الفئران داخل أكياس الطحين يا رفاق !!! نادى الشهيد أبو كريم بصوته الجوهري .. هبوا ضحايا الإضطهاد ... هجوم فأري كاسح.... إنه كمين لم نستطع التخلص منه !

أخذنا نرمي الكيس تلو الكيس من طحيننا العزيز في ( الروبار ) النهر الذي أمامنا وإذا بنا نرمي ما وفرناه بالكامل حينها أخذنا بالبكاء والحزن ولم يخفف عنا غير كلمات الشهيد أبو كريم ونكاته وهو يردد ... الله وأكبر ياعرب حتى الفار بعثيية .
 

free web counter