|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

الأثنين 14/5/ 2011                                 هيثم القّيم                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

لماذا لا يكون رئيس الوزراء العراقي شـــــيوعيا ً ...!!

هـيــثم القــيّم *
haitham52@aol.com

لـستُ شيوعياً ولم أكن يوما ًفي أي حزب شـــــيوعي .. ولستُ مهتماً بقهقهات مجيد حميد موســى في  منتديات الحلة .. ولستُ مبالياً بتأتاة رائد فهمي أو تفلسف مفيد الجزائري ( مع أحترامي للجميع بالطبع ) .. ولا أعرف أسم عشيرة ماركس ولا عـَمام لينين ولا خالة تروتسكي ولا عـَـمّة ماوتسي تونغ ..!

ورغم التاريخ الدامي للأحزاب الشيوعية في عدد من بلدان العالم .. وفي العراق لهم تجربة شابها الكثير من العنف والفوضــى وخصوصاً في مرحلة الستينات أبان فترة حكم الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ( رحـمه الله ) ، ورغم تشـظـّي الحركة الشيوعية وتعرّضها الى أنشطارات متعددة بفعل عوامل داخلية وعوامل موضوعية ليس مجالها الآن.. رغم كل ذلك وفي المقابل كانت الأحزاب الشيوعية من أوائل من تصدّى للأستعمار البريطاني والفرنسي في بدايات و أواسط القرن العشرين .. ومن أوائل من أرسى قواعد وأساليب العمل الوطني سواءاً في العراق أو في غيره من البلدان .. وقدمّت الأحزا ب الشيوعية قوافل من الشهداء على طريق النضال الوطني على مر السنين.

في وقتنا الحالي وبعد أن أنزاح النظام الديكتاتوري الصدامي بفعل قوات الأحتلال الأمريكي .. وبعد ولوجنا عصر الديمقراطية السعيدة والتعددية المجيدة .. أعاد الحزب الشيوعي نشاطهُ في الساحة العراقية .. واعاد بناء تنظيماته وحياته الداخلية وهو صاحب الخبرة العريقة في ذلك .. وأصبح مـُمـَثلاً في مجلس الحكم الأنتقالي بشخص السيد حميد مجيد موسى .. وفي أنتخابات برلمان 2006 حصل على مقعدين  .. وفي أنتخابات برلمان 2010 لم يحصل على اي مقعد .

الوضع العراقي السياسي الآن أو ما يسمى بالعملية السياسية  .. يمـّر بأزمة حادة وربما منعطف خطير قد يؤدي لا سامح الله الى تمزيق العراق وتحويله الى دويلات طوائف وأعراق لا تلبث أن تتصارع فيما بينها على النفوذ والثروة والمغانم .. وسبب هذا الحال الذي وصلنا أليه يندرج في ثلاث عوامل رئيسية:

1-     النبتة الشيطانية التي زرعها السفيه الأمريكي بول بريمر ومن خلفه أدارته الأمريكية وصهاينة واشنطن وتل أبيب .. تلك هي المـُحاصصة الطائفية والدينية والعـِرقية .. والتي حوّلت الوضع السياسي الى صراع وحوش تجري خلف مصالحها الطائفية والقومية بعيداً عن مصلحة الوطن العليا ومصلحة المواطن العراقي المقهور والمظلوم والصابر .. وتم بنجاح يــُحسـَدون عليه الأجهاز على ما تبـّقى من الروح الوطنية والولاء للوطن ليتحوّل الى ولاء للطائفة والعـِرق والدين ... بدلاً من تعميق  الروح الوطنية لدى المواطن وترسيخ الولاء للوطن أولاً والذي بالضرورة سيؤدي الى حفظ حقوق كل المكونات والمذاهب والأثنيات الجميلة والمتنوعة التي تتعايش في العراق منذ مئات السنين .. وهذا المخطط الأجــرامي بدأت ملامحه تظهر في دول ( الربيع ) العربي أيضاً بعد أن نجحت تجربتـُه في العراق الى حد كبير...!!

2-     كلنا نتذكـّر أن هيئة النزاهــــة تشكـّلت بأمر بريمر نفسه في الوقت الذي لم يكن الفساد المالي والأداري بعد قد غرس قرونه في جسد الدولة والمجتمع  ، بالشكل المـُرعب والواسع الذي وصل أليه .. صحيح أن الفساد لم يكن وليد فترة ما بعد 2003 .. فهو موجود في فيرة حكم الطاغية المقبور .. وخصوصاً في تسعينات القرن الماضي عندما بدأ الأنهيار القيـّمي والسلوكي يعصف بالمجتمع العراقي نتيجة الوضع الأقتصادي المزري ... ولكن هناك فرق جوهري بين الحاليين وهو أن الفساد والرشوة قبل 2003 كان يــُمارس من قبل المستويات الدنيا من موظفي الدولة ... بينما الحال بعد 2003 ( تــَطوّر ) ليشمل جميع مستويات موظفي الدولة ...! أذن أختراع هيئة النزاهة وجدَ للتغطية على الفساد وليس لمحاربته ..! وبما أن الذين تصدّوا للمشهد السياسي والحكومي والبرلماني والمـُحافظاتي ( أن صح التعبير ) وجدوا أن خزائن و كنوز قارون وسليمان مــُشرَعـــة أمامهم وبدون حــِســاب أو رقيب حقيقي .. وبالطبع بدون وازع وطني أو أخلاقي أو ديني يمنعهم من السرقة والأختلاس والفساد ... وربما أفتوا لأنفسهم بتحليل ذلك باعتبار أن خيرات وثروات العراق هي من تركات النظام الصدامي ولذلك يجوز شرعاً الأستحواذ عليها والتمتع بها ..!! وبناءاً عليه تحول البلد الى ( ماخور ) يعجّ بالفاسدين من أعلى هرم السلطة الى أصغر شرطي مرور ( مع كامل أحترامي وتقديري للقلـّة من الشرفاء وأصحاب الضمير ) .. وتحوّل العراق ولحد هذه اللحظة الى أحد الدول ( المتقدمة ) في الفساد عالمياً ..! ولا يمر يوم ألا وتظهر لنا فضيحة فساد جديدة وأسماء جديدة .. وبالطبع المـَخفي أصـــخـَم ..!.

3-     الأجندات الخارجية لعبت ولا تزال تلعب دوراً كبيراً وخطيراً وحقيراً في دفع الوضع العراقي نحو الهاوية التي أشرنا اليها أعلاه .. وهذه ألأجندات هي نفسها أيضاً من شجـّعت المـُحاصصة الطائفية وفي نفس الوقت أتكأت عليها لتحقيق مآربها ومصالحها في العراق الغني بثرواته والغني بموقعه الأستراتيجي والغني بتاريخه وعراقته والغني بموارده البشرية.

وبناءاً على النقطة الأولى أعلاه .. فقد وجدت الأحزاب السياسية الطائفية والعنصرية الشهيرة بأحزاب المحاصصة .. أن خير من يــدعمـُها ويسنـُدها في مواجهة الخصم الطائفي أو الديني أو العــِرقي هي دول الجوار ... وبالطبع كـُلّ على شاكلته ..!! وقد أوضحنا هذا الأمر في مقال سابق أسميناه ( أولاد الــ ... لا أستثني أحداً منكم ).  

أين شيوعيي العراق من كل ذلك ..؟

v     الحزب الوحيد في المشهد السياسي الحالي الذي يعلو فوق الأنتماءات الطائفية والدينية والعــِرقية هو الحزب الشيوعي العراقي  .. نتيجة المنهج و الفلسفة التي يؤمنون بها .. سواءاً أتفقنا معها أم لم نتفق .. والتي تقوم على أبعاد البـُعد المذهبي والديني عن بناء الدولة المدنية الحديثة .. وأن الدين لـ الله وفي المساجد والحسينيات .. والوطن للجميع ... وأعتقد نحن الآن بأمـَسّ الحاجة لمثل هذه الرؤية والمنهج .. بعد أن أثبتت الأحزاب الطائفية والدينية والعرقية تخلـّفها و فشلها وعجزها في بناء دولة مؤسسات يسودها شعار( القانون فوق الجميع) .. بالأضافة الى عنصر التنوع الذي يسود المجتمع العراقي في مكوناته وخلفياته المذهبية والدينية .. والتي لا تـُـتيح لأي طرف ان يفرض رؤيته ومنهجه على الآخرين .. لأنها بالضرورة ستتقاطع مع رؤية ومنهج الأطراف الأخــرى.

v     منذ 2003 ولحد الآن لم أسمع بأي فضيحة فساد كان بطلها أو أحد أطرافها من الحزب الشيوعي .. منذ زمن مفيد الجزائري وزيراً للثقافة ومروراً بزمن حميد موسى برلمانياً وأنتهاءاً بزمن رائد فهمي وزيرا للعلوم والتكنولوجياً .. ولا سمعنا يوماً أن أحد الشيوعيين من المسؤولين في دوائر الدولة ومؤسساتها قد توّرط بفضيحة فساد على الأقل على حد معلوماتي .. في الوقت الذي لم يبق حزب طائفي أو ديني أو قومي او حتى ليبرالي لم تـُنسـَب الى أحد أعضائه أو أكثر قضية فساد .. ولا يــُستثنى أحد من ذلك .. لا الســـُنة ولا الشيعة ولا المسيحيين ولا الأكراد ولا التركمان ...!! ألسنا الآن بحاجة الى هذه العـُملة النادرة في مواقع السلطة والمسؤولية لكي نوقف نزيف المال العام .. وهذا الفشل المـُريع في أدارة ثروات البلد ومن ثـُمّ أنصاف المواطن المحروم صاحب الثروة الحقيقي ..!! ومـَن خـَير من يقوم بهذه المهمة غير الذي جرّبه الناس وخــَبـِروا أمانته ونزاهته ..!

v     كانت الأحزاب الشيوعية وعلى المستوى العالمي تـُـتـَهم بأنها تابعة لموسكو أيام كانت موسكو زعيمة العالم الشيوعي .. وانها تـُنفـّذ أجندة الأتحاد السوفييتي السابق ..!! ولكن الحال تبدّل وموسكو الآن ليست شيوعية .. ولم يبقى من الحزب الشيوعي الروسي غير العواجيز وضريح لينين .. وعليه أفترض أن الحزب الشيوعي العراقي الآن لا يتبع أية أجندة خارجية لأنه عملياً لا توجد دولة تـُحسَب على أنها قـُطب شيوعي عالمي .. حتى الصين غيّرت من سياساتها وأفكارها لتواكب متطلبات العصر والمصالح العليا للشعب الصيني ..  وبالتالي فأن أجندته لابد أن تكون وطنية خالصة .

أذن أيها السادة أليس من الأفضل والأصلح لحال البلد أن يكون على رأس السلطة التنفيذية شيوعي عراقي متمكن ويمتلك خلفية علمية جيدة وخبرة في المجالات السياسية والأقتصادية والثقافية .. وبالتالي يقود البلد الى شاطئ الأمان ويعمل لخدمة الناس والوطن ويحرص على كرامتهما ومصالحهما وحقوقهما ، خيراً من الذين يعيـثـون فساداً وتمزيقاً وقتلاً للوطن والمواطن.

وكلمة أخيرة أوجهها للشيوعيين العراقيين .. لا تـُحاولوا تبييض صفحات الآخرين السوداء .. على حساب صفحاتكم البيضاء ...!!

 

14 / 5/ 2012

 

* كاتب صحفي
ماليزيا


 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter