| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حسام آل زوين

 

 

 

الخميس 26/2/ 2009



راياتهم حمـراء ... اياديـهم بيضاء
اللّــهُ يحـفـظــهم !

حســام آل زوين

حينما تعدوا صفـات الشـيوعيين العــراقـيين الحمــيدة لا تحصـوها … وطيبة الاخــلاق والخـلـق والصـدق ، ناهـيك عن المـــواقـف النبيـلة والمشــرفة السيــاسية والــوطـنية الحـــقـة وبـرامـجهم الســياســية والاقتصادية والثقـــافـية الشــاملة والـوافــية والعقـــلانية ، ونكران الذات والتصاقهم بالشــعب …، وهذا ســــر وجـــودهم وبقائــهم وديمـومتهم رغــم الويـلات والمصائب والدمــاء والمحـــن التي تعرضــوا لها والتي اصابت الشــعب ولحـقـت بالـوطـــن من جــــراء السياسات الهمـجية والعنجهية والارهـابيـة الدمـويــة للانظمـة الظالمـة والجائرة المتسـلطة ، راياتهم حمراء
خفـاقة حاملـة اتحاد الكــادحـين ... نعم ... واياديهم بيضــاء ، قالها وهو يدمــدم يحدث نفسـه تارة وتارة اخرى بصوت تكـاد ان تسـمعه ، لاعنا ً الحـظ والنصيب واليانصيب والبخت والظـــرف
المـوضـوعي والظـرف ال ... .

فـاجأته كلـــمات لصـوت شـخص ليس بغــريب عن الذاكــــرة صدرت من خــلفــه وهو يروم لاتخاذ مكــــانه في المقاعــد المخصصة في الطـائرة التي ســوف تقلـهم الى اربيـل… اربيــل ، هـولــــير ، والتي كان يدخلها الشـيوعيون الانصـار ورغم انف رجالات الســلطة واسـتخباراتها للـقــيام بمهـــامهم الانصــــارية ومهـــــامهم الجمـــــاهيرية ، اربيـــل حيث مكــث في جبــالهــا ومنــاطقها ووديانــها وقــراها ... ومكثت زهـــــرة العمـــــر وكباقي الانصـار الشــــباب ... من بهــدينان ، حصــاروست ، ليــلـكان ، ودراو ، شيخـان وخواكورك ولولان ... .
قال له احــد اصــدقائه ايام المدرســة ذات مساء عندما خـرج من كردســــتان وبانتهاء الحــرب العـراقيـة - الايرانيــة ليحـرجه ويمازحه ؛ انك تحـب كل الكلمات التي تنتهي ب آن ... من يدري لعلها نغمة موسيقية ، ليس في ذلك نقمــة بل معـرفـة ، بل هي نعمـــة ! .
الكلمات والصــوت التي صدرت هي لصـديقـــه الذي التقاه في احدى الجمهوريات الســوفياتية الجنــوبية اثناء دراستهم في نفس الجامعة وذلك منتصف السبعينات مع نـفـر قـلــيل من الطـلــبة العــراقــيين ومن الشــــيوعيين والذين وقعــت ودفعــت بهم المهاجــر والترحــال من كل صوب وحـد .. والله اســمك باقي ياعـــــــدن في الكــتاب والقلــوب وفــرقـــة الطــريق واغاني جعـفــر حسن .

اهي اللعنة ؟ .. اهو القــدر ؟
كان صديقه يقتني الملابس الفاخرة الغـربية ،برحلات الشتاء والصيف المعروفة انذاك ، وتغتني رفوف غــرفته لا بكـتب الـدراســة بل بالاسطـوانات الغـربية ايام الســبعينيات والتي يأتي بها من برلـين الغـربية ولـندن عرف من خلالها دونا سمر واغنية فافلـون وفرقة ابـا السويدية والاسباني هـوليـو اكلسياس ... وحينما تحــل المناسـبات القـــومية يبذل قصــارى جهــده لاثـــارة انتبــــــاه المحيطين يتمــايـل ويتلــوى يرفــس الارض رفسـا ، يحسن ويتقن الدبكـة بل يتفنن بها ..وحسب المجال يلبس زيه الكردي من الصباح الباكر . كان من عـائلــة " مغتنيــة " تمــارس التـجارة في كـردسـتان ، وتجمع هذا الشـــــمل المناســبات الــوطنيــة والاعـــياد القـومـية وبنـــــوروز تثور ثائــــــرته يقيم الحفـــــلات في احســــن المطـاعم لامكانياته المـــادية الجيــدة في ذلك الوقت .

حينما حل طلـبة النظــام وجــلاوزتهم وكثرت اعــدادهم تغيرت بعض المـوازين وتقطعت هذه الدعـــوات والتجمعــات ، حيث بدأ صـــديقه يتـودد ويتقـرب اليهم .. الا ان الشـــيوعــيين ما ان تأتي مناســبة وطــنية الا وقامــوا بأحيـائها واســتثمروها منبرا و حولوهـا مهـرجـاناً تضامنيا مع محـنة الشـــعب والوطــــن .
سقط الطغاة واعتى الانظمة جورا .. سقط نظام افغانستان.. وهرب الشاه وسقط وسوف يزول النظام الارهابي ونهايته لا تطـول ، قال الصديق لن ولن يســقط ويزول .. قلنا سـوف يزول ! ،
قال لن ولن يزول ..

ياصــاحبنا لقد سـقط الطـــغاة من قبل ويزول الطاغية ويزول كل الطـــغيان ..
واستمر هذا النقاش منذ ذلك الحين ولسنوات عديدة .. بمـد وجـزر وحسبما تميل الريح ! .

قبل الاقلاع حاولا الجلوس سوية لتجاذب اطراف الحديث : الم نقل بان النظام ســـوف يزول ! نعم زال النظام ولكن لم تسقطوه انتم بل العامل الخارجي ، نعم ولكن قلنا سوف يزول ، سـيزول.
خـارجي .. داخـلي ... المهم ، النتيجـــــــــة ! . اين عصابات الاتحــــاد الوطني لطلـــبة امن واستخبارات النظام ؟ اين ؟ الذين كانوا يلعبون بالدولارات لعباً ويشترون المســخ .

عملت في ليبيا لفـترة قصيرة ، والان لازلت امارس التـجـــارة ولي من المـكاتـب في محافظات كردســـتان ودبي وموســكـو، ولي حمــايــة وفـريق طهي ، الله يزيـدك طـولا وغنـاء وصــــحة وصـحونا واباريـــق مزخرفـة ، وبالمناسـبة اين فــلانة وفـــلان؟ .. من ضمن اسئلته ...
فلان استشهد ، وفلان دخـل منذ 1983 الى الـداخــل وانقطعت الاخـبار، وفلان في دول المــهجر والاخر في دول اللجــوء ، وكبــرت بناتهم واولادهم .. ويتقنون لغــات تلك الاوطــان ... ومنهم لحد الان بـدون زواج ، وفـلان هنا وفلان هناك ! . اتعلم بان لنا شهيدات استشهدن في بهــديـنان وبارزان وســوران وبشــتاشان .. قادمات من الناصـرية والنجف وكـربلاء والحلـة والـديوانـيـة والســـماوة وميســـان ! . اتعلم كم تعلمنا من اســماء القرى وقمم الجبال والـوديان وانت الان لا تعرفها ! . اتعلم باننا تلـــــوينا جــوعــــاً وشـوينا بـلـوط المقــابر في الـلـيـل ! ، نفترش الارض مع النمـل والقمـل ، وانت تنام على ... يحكم اكثر من طــــاق كســــــرى في الليــل ! ، شــــتان ما بين هذا الليـــل وذاك الليــل ! .

لم يمض كثيرا من الوقت الا وصاحبه غـط في شخير ونوم لا تهـزه طائـرة ولا مطب ولا ريـح ولا بطيــخ ... وقد تجاوزت الطائـرة ميـاه الخليج العــربي ، التفت للشخص الذي بيمينه عند النافـذة ، بادلـه بابتسـامة متواضعة لاجل التعارف لاحساسه بكونه عـراقيا شــمالياً ، وعسى ان يكون من امتداده على ما يبدو من هيئته وملبسه ، ولاسيما شــدة الاشـتياق لسنين طويلة قضاها نصيرا في الجبل ، يسأله عن اربيل وكـردستان ، وبعد كل هذه السنين والتطـور والعمـران الذي لحق بالمنطقة منذ سقوط الطاغية ، ولاجل تبادل اطراف الحديث ومعـرفة اخبار كـردستان ! .
بادلـه الشـعـور نفسه ، تصافحا وتعارفا ، قدم نفسه بانه من حلبجة وابوه وجده من شيوخ المدينة والمرجع الديني الاسلامي هناك ، تكلم عن اوضاع الناس في كردستان ، والمحسوبية والمنسوبية والمحاصصة الحزبية لعبت الـــــدور الســلبي ايضاً ، تصور مدينة الخمسة الاف شــهيد ، تذكر قصيدة الشـاعر شــــاخــوان حينما قرأها عليه بترجمتها للعربية وقت الغروب .. خمسة الاف زهـــرة قد ماتت وذبلت وانتهت وهـوت النجــــوم من السماء ، كانت ضــــربة حلبجة بالســلاح الكيمياوي بالنسبة للانصار الشيوعيين فاجعة ومصاباً والماً وخسارة كبيرة راح ضحيتها الرجال والنساء والاطفال الابـرياء العــــزل .

تصور يا صاحبي بان هنالك اموالا صرفت من اجل تبليط شوارع المدينة ، لم تستكمل البقية الباقية واكتفي بوضع تمــثال في بداية المدينة ، كم من الاموال صرفت وكم من الاموال شفطـت ولفطــت وكم من الاموال تســربت ذات اليمين وذات الشمال ، اقول لك عن حـــق والله شـــاهد على ما اقـول وانا المؤمن المســلم ؛ بان الشـيوعيين الوحـيـدين اياديهم بيضاء ، ولا يقبلون بالســـرقة وعلى حق في كل المواقف ، يحبون الخـير والســـلام لكل الناس جميعهم لا فــرق لهم لا المـذهبية ولا الطـائفية واقــــولها وانا ابـن المــدينة التي اعـــرف شعابها ، والناس تعرفهم حق المعرفة والجميع يحترمهم ، ولا تغطى الشـمس بغـربال ! ، والله يحفظهم من كل مـكروه وهم اناس خيرين ! . اذهل صاحبنا على ما سمعه وســــر به من كــلام ابن المدينة وموقف الناس من الشيوعيين ، واخذ يتفحص معالم وجهه وينظر اليه بعمق على ما ابداه من كلمات حق وصدق تجاه الحزب وسمعته ومكانته .

اخذ يوضح ويشرح بالتفاصيل عن حلبجة ولا يعلم بان الجالس بيساره اقضى زهـرة شـبابه في كردستان ويعرف خطورة القصف الكيمياوي واضراره الجـانبية والمباشرة ، وتذكـر في احدى الامسيات العسكرية التي يقيمها الانصار، يتطرقون الى دراسة الموقف العسكري وتطوراته في المنطقة ، وكيف طرح استفسارا بشكل عـفوي حول امكانية استعمال السلاح الكيمياوي لضرب مـــقــرات الانصــار من قبل قوات النظام العســكرية ، شعر بالضيق حينها لعدم الاكتراث لهذه الملاحظـــة والاستفسار ، وحصلت فيما بعد توقعاته .

بعد ان ساد ود الحديث ، دعاه باصــــرار الى زيارة مدينته حـلبجـــــة ، تبادلا الهواتف . اخيرا صرح له صاحبنا بانه كان نصــيرا في قوات البيشــمركة التابعة للحــزب الشــــيوعي العـراقي ولسنوات عديدة امضى زهــرة العمرمن اجل اهداف انسـانية للوطن والشعب ومن اجل الحقوق القــومية والثقــافية للشعب الكــردي والقوميات والاقليــات الاخرى وجميع الاديـــان ، وما عـاد النقاش من الاولى البيضة ام الدجاجة يســــــد من جوع ! ، هنالك قيم انسانية بحته وقيم مشتركة ومصلحة الوطــــن تضعها فوق المصالح الحزبية الضيقة وفوق المفاهيم البالية الخاطئة والتي تفرقنا لا تجمعنا ، تغيرت مفـــاهيم واســتبدلت مفاهيم بما يتماشى والخصائص الوطنية للبلــد ، تغـير الــــزمـن وتتغير المتطلبات . الــــدين لله والـوطــن للجمـيع ! ، لا يهمنا كيفية ان تصلي متكتفا او متسبلا .

اخذت الطائرة تقترب من المنطقة ، الـح الرجـل على صاحبنا الدعـــوة والاستضافة وبانت على وجهـــه علامات الرضى والســرور، رويدا رويدا بدأت تقلل من الارتفاعـات العالية وتقترب من الهــبوط ، فاق صـديقـه الذي على يسـاره من غـفـوته العميقة ، لعدم كفاية نومه البارحة ، ولطول سهرته الليلية ، هبطت الطائرة في مطار اربيل ، والكل اخذ يجمع حقائبه اليدوية واغراضه . نزل القادمون صفوفا صفوفا لا يعلم صاحبنا في اي طابور يقف ، ابهره المطار وشعر بالافتخار بانه يطــأ ارض مطار عــــراقي يقف بطوله في وطنه الذي غادره منذ منتصف السبعينيات ، لا خوف عليه ولا هم يحزنون .

بافتخار هنا امضى شبابه مقاتلا في قوات البيشمركة الانصار ، واهٍ لو يعلم موظف المطار لقدم له زهرة وورد واستقبله بحفاوة وتكريم وبود ، او سوف يعلق على صدره نوط او نيشان ، نوط الشجاعة او نوط المحاربين الابطال ( تذكرالشهيد ابو كريم ، الله يرحمك يا ابو كريم ، حينما كان وقتها يمازح بمزحه الجميل ؛ كان يقترب من الــــرفاق الـقـــيادين ليسمعهم ما يريده ، كان حينها الرفاق الاعزاء الرفيق ابو سامي والرفيق ابو جوزيف ، ادار لهم ظهره واردف يقول ؛ والله اني عضو حزب وجـميل ومهــندس ، فقط اطلب من الحزب طلب بسيط جدا الا وهو ؛ اضـافة كلمة محلية بعد العضو، واخرى ؛ والله بعد الانتصار ياخذ كل واحد له " جـربايـة كبيرة " ويقع هاط بيط ، ويغير بعد هذا مجرى الحديث حينما يقترب منه احد القادة الحزبيين ، ومعروف ما يقصده ابو كـــريم من حلـمه الانساني الطبيعي) ، والذي حـرم منه الكــــثيرين من الـرفـــاق بعدما مـر العمـر وانتهى ، ومن استشهدت واستشهد في ريعان الشباب . ضحك مع نفســه ولا يعـلم صـديقـه لمــا هذا الضحــك ! .

اقترب القادمون من نقطة تفتيش المطار واصطفوا بطوابير منتظمة ، تقدم صاحبنا صديقه الكردي وهو لا يزال حافظا كلمات اللغة الكــردية البهدينية والســورانية ، سوف يسأل ( جي زلم ) فيقول
( هافال انا ) ، انا رجلكم ، انا نصيركم ، انا رفيقكم ... انا الذي (اضعت الطيش والطبشي ) ، انا الذي دائما حظي اســـــود وحتى في البطــيخ ابيـض ، انا .. انا ، فاجأه صديقه عندما اقترب من موظف الحـــدود هذا ؛ عربـــه ، انا عـربـــه ! ، بكل قوامي انا عربـه ، لا والله لم اقلــها بان هذا عربي وذلك كــردي ابدا ، عــربه ؟ ، لا والله كنا تراباً كنا جسـرا والكل بنا مـرَ ، وداسـنا وركب التــل وللتــل عَــــبر ! اين العمــر والمعــبر واين العــبرُ ؟! ، اســـــفاه ياربي على ما رأينــاه من عذابات وصعوبات وامتحان ومحـن .

نزلت دمعــة ثـقـيلة ، قال لصديقه بانها دمعــة فـرح لكونه لا يصـدق نفســــه بانه بعد هذه السـنين في ارض الـوطــن . ازداد ضجيج الهــواتف النقالـــة الكل خـــــرج والذي كان بيمينه مرة اخـرى وبالحاح اخـر عرض عليه كل الخدمات فتوادعا وقال له لا تخف فانا (كـــــــر منطقــه) ، عند الباب اقدمت حمــاية صديقه على حمل الحقائب ، ورفض صاحبنا كعـــــادته ان يحمل حـقيبته الاخـــرون ! ، اقـلــتهم ســـــيارة المكتب الفارهة الخاصة ، وصل المكان ، كعادته وكرمه الكردي والحقيقة تقال انهـال عليهم اللـبن ، تذكر ايام وادي دراو والماســتاو ومامسـته هجــار الكركوكي ومقامـاته ، جال وحلق نظره بالمكتب يمينــا ويســــارا شــــاهد صور صديقه المعلقــــة مع الســيد جـلال الطالباني والســــيد مســـعود البارزاني ، يالله يامحول الاحـــوال حـول حـالـنــا من حـال الى احسـن حـال ، انت اين والحب اين ، ياحســــافة ،( راحـت الـــزلــم الحــامـض الســـماكي وظلت الــزلم .. ) .

لم ينـم طيلـة تلك الليلــة ، ثــلاثة صـور ومـواقف جثـت على صـدره ؛ ذاتــــــه وصديق الدراسة على يســاره والذي على يمينه شـتان ، قتل الطيب المتنبي برجوعه من خراســان من قبل احــد صعاليك الكــوفـة الجهلة ظنـاً منهم بانه جاء محمـلا بالذهب والفضــة ، صبح الصبح بصوت ديك الجـيران ، منذ زمـــان لم يسمع صـــوت الــديك ، صـاح الـــديك بالـبســــتان والله يخلي بنت السلطان ، ازاح الستارة ، اشـرقت الشــمـس وما اجملها في بلادي ! ، هبت نســـمة الصباح الكردستانية النقية العذبـــة ، استنشقها بكل ما ملك من قـوة ، اغتسـل على عجـل ، اخذ حقيبته ، ودع صديقه بامل لقـاء اخر، واخــذ سبيــله يجــول المــدينـة التي دخلهــا ذات يــوم بشكل اخــــر من الاطــراف الحــدودية قـبل ربـــع قــــرن من الزمـن . وعــلـم بان الحـــقَ والصــــدقَ والمنطـــقَ والعـــدلَ خمــرةُ وعـجينـــُة وخـــبُز وملـــحُ الشــيوعـيين .
 

 

free web counter