| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

حسام آل زوين

 

 

الجمعة 25/12/ 2009



احْمَيد .. يا مصايب الله !

حســام آل زوين

لا اعرف لماذا لا احسن في اتمام قراءتي لما يكتبه الاخ حميد شاكر وما ينشره في موقع البرلمان من القراءة الاولى فأعيد الكرة تلـو الاخـرى لكي اجد مربط الفرس ، ولا اعرف ما سـرهذه الكوابح التي تعترضني وتسبب لي ولاصدقائي الامتعاض ، وأشـرد وأسـرح وأتيه في اغاني المطرب الريفي الاصيل داخل حسن رحمة الله عليه ؛ في اغنية احميد يا مصايب الله ، واتساءل في نفسي ما الربط بين كتابات الاخ حميد واغنية احميد يامصايب الله ؛ السيد أحميد الذي جرت على رأسه مصائب وبلاوي زمانه والفقر والعوز الذي فيه ، واعود واتذكر واقول ان الربط الصحيح بين هذا وذاك هي اغنية داخل حسن او مسعود العمارتلي ؛ محمد بويه محمد ، خاف من الله بويه محمد ! ، اي نعم هذا هو الربط الصحيح ! .

والله اقول الصدق ذاته ؛ تذكرت الربط الصحيح : الا وهو؛ كان لي صديق في المرحلة قبل المتوسطة ،وكنا نتداول ونقرأ مجلة الموعد والعربي وكراسات وكتيبات اخرى ، ونجمع ونتبادل الطوابع البريدية والتي بدأت بتحفة من الطوابع البريـدية تحمل صوراً للزعيم عبد الكـريم قاسـم وبيده مشـعل الحـرية وطوابع مصر والاهرامات وطوابع امارة ام القوين واندونيسيا ، وذلك من خلال كثرة الرسائل والظروف التي ترسل على عنوان دكان ابيه البسيط في محلتنا ، والذي يتسوق منه الفلاحون القادمون من ريف المدينه من السكر والشاي والسكائر وحاجات اخرى على الحساب . نتجمع عند الصندوق الخشبي وما يحتويه من مشروبات السيفون والكـوثر والسينالكـو مغطاة بقطع من قوالب الثلج في فترة الصيف وايام الجمعة ، ونقضي بعض الوقت ونتبادل اطراف الحديث والمزاح الحلو والاخبار مع اولاد المحلة او الفرق الرياضية في المحلات المتجاورة ، في فترة حكم عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف واخيه عبد الرحمن ، وحتى نهاية مرحلة الدراسة الثانوية ، كنت اسبقه بمرحلة ، ابتعدنا بعض الشيئ في المرحلة الجامعية . سوية قرأنا الدروس وجزء عمة واقتصادنا للسيد الصدر وشعر وفنون وثقافات اخرى ، وحضرنا مجالس الفاتحة وعشوراء وشاركنا في المظاهرات الطلابية والاستنكارات التي عمت المدينة وتفرقنا عند دوارها ( فلكتها ) ، كل حسب تفهمه واستعداده .

عند رجوعي للوطن وبعد اكثرمن ثلاثة عقود ونيف ، حاولت ان اعيد صلاتي مع اصدقاء الطفولة والمدرسة والمدينة ، فلم افلح لضيق الوقت وقساوة المكان والزمان ولعسر الحال . فاجأني اخي بصفحة مطبوعة لمجلة كان محتفظا بها طيلة كل هذه السنين ، صعقت حينما وجدت صورة تجمعني وصديقي عباس ، صديقي الطيب المسالم الصادق المكافح ؛ شهيد من الشهداء ، اصبح فيما بعد عضوا في صفوف حزب الدعوة ، اعدم في نهاية الثمانينيات ، في الحملة الدموية الارهابية التي شنها النظام ضد معارضيه من الاحزاب الوطنية انذاك ( الحزب الشيوعي العراقي وحـزب الدعوة ) بالتحديد .

في فترة من الفترات ، قصيرة جدا ، اختلفنا بعض الشيئ ، تدخل والده في اصلاح الشأن والرأب في علاقتنا ، بطريقته البسيطة المتواضعة وانهى حديثه مشبها كلانا بصغار كلاب الحفرة الواحدة ( انتم مثل جراوة الحفرة ) تلعبون وتتشاجرون وتطعمون وتعيشون وتكبرون في حفـرتكم الـواحدة ، حينها تنفرزت للتشبيه ذلك . قويت علاقتنا وصداقتنا حتى اصبحت اخذ بعض مشترياتي على الحساب لايام واجلس مؤتمنا في الدكان .

نتجاذب اطراف الحديث ونتبادل التبيان والتفسير لما احتواه هذا الكتاب او قصد هذا الكاتب والمقصد اوغيرهما . اتذكر ذات مرة وقع بيد احد الاصدقاء ملخص لقراءة رأس المال لماركس ، تبادلنا النقاش الطيب حول مفهوم الاشتراكية والعدالة الاجتماعية والثورة الروسية والصينية ومفاهيم اخرى ، ويكاد يستمرالنقاش لساعات طويلة بأحترام وود واصغاء وهدوء ، بدون همزة ولمزة ، حان وقت الغروب ، تعجل حميد لفض النقاش ، الحلم والعدالة الاجتماعية واضطهاد الفقراء وفائض القيمة والتمن والثورات وتغير الواقع الذي تفضلتم به كله صحيح ، ولكن ماركس لا يصلي ولا يعرف حتى الوضوء ! ، اجابه الصديق الاخر؛ نعم هو يعيش على مساعدة صديقه انجلس ويقتصد بالماء وهو اقتصادي سياسي او مقطوع عنه الماء من البلدية ! ،انته شحامي حمامك ياحميد ، اجابه الاخر؛ عمي روح خليه هذا ماركـس يتيمم عند صلاته ، ويعرف اللغات الاخرى وحتى الخرطات التسعة ايضا ، اجابه صديقي الشهيد عباس ؛ حميد خويه حميد ... خاف الله ! ، اتقي ربك ! روح صلي روح ولا تجذب ، قابل انته ثارد ثريد ويه ماركس ... كي تقول لا يعرف الوضوء ! ، اكعد اعوج واحجي عدل انته رايح للصلاة . ما الربط بين الوضوء والعدالة الاجتماعية وماركس يا حميد ! ، شنهي ها لطركاعــه .

النقاش والجدل وتبادل الرأي والرأي الاخر حالة صحيحة وصحية بعدما انحرمنا منها طيلة العقود المنصرمة قمعت الحريات وسدت الافواه وقطعت الالسن وزهقت النفوس ، حل الان العراق الجديد ، علينا ان نتبادل الرأي والجدال والنقاش بروح اخوية وبلغة شفافة يسودها الاحترام واحترام الرأي الاخر والصدق والمنطق والحكمة والعقل وشـد الازر وجميل القول ، بعيدا عن المهاترات والسب والشتم والالفاظ والالقاب المسيئة للانسان كل انسان ، صن النفس واحملها على ما يزينها ، حين ذاك يكون للحديث والنقد لذة كالملح للخـبز يا أحميد ! ، وتفتح الشهية للقـراءة وتبادل المعرفة لما فيه الخير لاناسنا والوطن .



 

free web counter