كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 

الجمعة 24/4/ 2009

اطفـأتُ ناراً .. اشـعـلتُ نارا ! عند وزارة الهجــرة والمهجــريـن حســام آل زوين لا زال حب عـدن في قلوب العراقيين حتى الوقت الحاضر باقي ، حيث اسـتقبلـت اليمـن الكثير من العـراقيين الذين اضطروا الى مغـادرة الوطـن من جراء سياسة القمع والارهاب الدموي الذي مارسها النظام الدكتاتوري ضد ابناء الشعب عموماً . وتقاسمت اليمـن الخبـز والملح مع العراقيين بكل طــوائفهم وقــومياتهم وآوتهـم واسـكنتهم ووفــرت المـسـتلـزمات الضرورية للعـيــش من الســـكن والمــاء والكهــرباء وفتحت المسـتشــفيات والمـدارس والجامعـــات للطـلـــبة ووفـــرت الـوظائف بكل تـواضـع ، حيث لم يبق من العـراقيين بدون عمل ! . ســيدي رئيـــس الــوزراء المحـترم ســيدي وزيـر الخـارجــية المحـترم سـادتي والله وصلت عـدن في بداية الثمانينيات ، بجـوازعـراقي قـديم ممزق منتهية صـلاحية كل تمـديد وتجــديد فـــيه وبدون فيــزة ... ظننت بانهم لا يدخلــونني .. انتظرت بعض الشيئ ، اجابني ضابط امن المطار البسـيط بهندامه وبلكنته اليمنية لا تهتم سوف ندخلك اهـلا وسهلا بك في بلدك الثاني يا عراقي . وما هي الا ثلاثة ايام ووجـدت تعيينا في وزارة الاسـكان والاشغال ، واستلمت رواتب جيـدة اخـرجت نفســي من بعض العــوز والضــيق واستطعت ان اقـدم مســاعدة للمحتاجين من الاخــوة العـراقيين وتغيير بعض الشيئ من وضــعهم النفســـي ، وقـد حصل قسـم من العـراقــيين المـوظفين على جـوازات ســفـر يمنيـة لاجل التحرك والعمل والتنقل في البلـدان العـربية الاخرى ! . ســادتي والله وعند الاحـداث والتفجـيرات في عــدن يتمشى العـراقي بقامــته المـــرفوعـة في ســاعات اللــيل المتــأخـرة لم يســأل احـد عن الهــوية .. هـويته انه من الاخـوة العراقيين ( فخـر العـــراقي ان يقول ها انا بعــل الفـــراتين لـو عن جــــذوره سـُئل ) ، لقد فتحت عــدن ذراعـــيها واحتضنت ابناء العـراق . سـادتي لقـد هاجـر العـراقيون قـسراً ويعودون حتماً بعـد سـقوط من كان على الصــدور جاثما . وتلبية للقــرار الصادر من مجلـس الـــوزراء الموقـر رقم 441 لسنة 2008 حول تسـهيل عـودة الكفـا ءات العلمية من حملة الشــهادات ، قد عادت الكثير من هذه الكفاءات الوطنية الى الوطـن الغــالي ، منهم ممن ترك الوطــن منذ عقــود يئــن في عـــذابات الغــربة ، لا ذنب لـه الا حــبه وتعلــقه واخلاصـه للوطـن . من قـدم وعاد للوطن ، اطفأ نار الشـوق والاشتياق ولكن اشعل نارا اخرى في دواخـــله ، احرقته نار الصدمة والالم من المعاملة التي لقاها عند مراجعته للوزارات والمؤسسات الحكـومية ، من مؤسســة الى اخرى لا احد يعرف لماذا ارسله الموظف الى هناك ، ولا الذي هناك يعرف ما الامــــر، ومن هنا تبدأ رحلــة الانتظــار والعــذاب والتنقل والحــيـرة ، البداية تبدأ بانتظار الموظف الذي يوجهك بكتابة الطلب ولفـترة طويلة ، وما ان تنتهي من كتابة الطـــلب وتنتظره مــرة اخـرى للتوقيـع ، مثلا تفاجئ بان المـوظف المعني قد خــرج ولا احـدا يعـرف متى يعــود مــرة اخـــرى ، ولا يعرف المـراجع متى وكيف يرجع الى محـافـظتـه قبل الغــــــروب ، والله قد حدث الامـر باكثر من دائـرة حكومية ، ويقال حينما تنجز معاملة او توقيع فهذا يعد من انك قد حقـقـت المنجزات ، اية منجـزات وما عــلاقـــة البطـاقة التموينية بالحاســوب بوزارة التجارة بالكــرخ والرصــافة وتوقـيع مختـار المحلــة ودفـتر النفـوس ووزارة الخارجيــة وشـهادة الجنسية العـراقـية وانا الذي هاجرت العــراق منذ عام 75 ولم احصــل لحد الان لا على بطاقة الاحــوال المدنية ولا التمــوينية ولا على جــواز السـفـر الجديد ، اُحــرقت كل الوثائق في عمليات الانفال ، وعند قـمة الجـبل ، عند قبـر زاهــر في منطقــة بـيربينـان الحـدودية والتابــعة لمحــافـظة اربيـل ، عند المثـلث العـراقي التركي الايـراني ، والقبـر شــاهـد على تلك المعـارك ، جئت حاملا حبي وشـوقي للوطن ، وهمومـه في العقـل والضمير تتنقـل معي . انتظـرت الذي بيده الحـل طــويلا ، طلب مني تصـويـر الاوراق والـوثائــق ، وبعد ان انهيت تصــويرها عـدت اليه ، وجـدته خارجـــا ، انتظـرته ، انتهى الـدوام ! ، اسـتطعت المبيت ببغــداد ، ومن الصباح قـدمت الى الـوزارة مبكـــرا ، ولم اجـد المــوظف المعني في مكانــه ، نصــحتني النســـوة وهـن يحملـن اباريق شـاي الصباح بالانتظار، انتظــار لاحـول ولا قـوة لي الابالله العـلي القــديـر، كل المسـائـل التي طـلبت ارفقتـها مع الاوراق ، ســألني ما الفــرق بين الـدبلـوم والمــاجســـتير ، ومتى كنت في العــراق ؟ ، اجبته والله هذا الاسـبوع رجعــت للعراق، تركـت الـوطـن منذ عام 1975 قسـراً ، عدت تلبية للـقـرار الخـاص بعــودة الكــفاءات . من الذي يثبت بعدم عــودتك الى العراق ؟ ، قلت له انت تثبت ذلك متى عدت ومتى هاجـرت ؟ ولماذا هاجـرت ؟ . هذه وثائـقي وهذا اخـر جــواز للســفر من فئة م صـادر من ســفارة العــراق من الخارج ، وقبلها كان جــواز قــــديم من فئة ف والذي نفــذت صلاحية التمـــديد ولم يسمح حينها تمــــديده بالســفارة لغير طلبة النظام . اجابني المــوظف اســـتطيع ان ادون فـقـط من تاريخ اصــدار الجـــــواز فئة ام ، او تـأتيني بالجـــواز القـــديم فئة اف ، اوضحت بان اليمـن الجنوبي توحـــد مع الشــمال وتركته هناك . ولم يعـد لي هنالك من الناس . قال لا اعــرف هـــذا . فلك ان تختـــار بين او بين ! . تقابلـت مع واحــدة من القادمات من الخارج ايضا من الاخــوات المسيحيات في اليوم الثاني من زيارتي لوزارة الهجـرة والمهجرين وافادت بانها قد صدمت على ما عـانته من سـوء المعاملة والانتظار والـدوار! . وانها ســوف تـرجـــع الى بريطانيا ، وتقابلت مع اخرين في مـديـرية البعثـات حيث امضـوا كثيرا من الوقت مثلي للحصول على التصـديق الذي يأخذ الوقت الطــويل ، وقد فقـــدوا اعمالهم واقامتهم في تلك البلدان التي عملـــوا بها قبــل هـذا الوقت ، مع العلم بانها ليست من بلـدان اللجـوء ! . حيرة يا ربي ، جئنا لنطفئ نار الشــوق للوطـن لهذه الســـنين الطـويلة ولعــــذابات الغـــربة ولصـدأ الروح وموتها البطيئ ، احرقنا بنارٍ لم تكن في تصـوراتنا وتفكيرنا ، نار اكثر حــرقــة من الاولى ! . جئنا تاركــين كل المغـــريات واللـــذات وكل ما يبعـــــدنا عن الــوطن ولهــدف شــريف لخــدمـة العــراق الجــديد . اخـرون لم يحصـلوا على اوراق ثبوتية مثل شـهادة الجنســية التي حـرموا منها لســنين طـويلـة واخــرون حصلـوا عليها بشــق الانفــس وخضــر الاوراق التي كانت بحوزتهم بعد ان افـرغت الجيـوب ، تذكـر احـدهم من الواقـفين في ممر الوزارة موضحا حيـنما انتهت الحـرب العراقية الايرانية وكيف ذهـبوا مشــياً على الاقـدام من كردستان الى افغـانـستان ، وحينما عـلم الـرئـيس الافغـاني د . نجيب الله بان القادمـين هم من العـراقـيين وكانـوا من المناضلين في كـــردســتان اكـرمهم ووهـبهم جـوزات ســـفـر افغـانـيـــة لكي يحلـــوا بها بعضا من المشـــاكل التي قـد تعتـرضهم في الطريق ولاغـراض المـرور والعبـور والتنقـل عبر الاوطـان الاخـرى وليسـوا هم بقطـاع طـرق بل منـاضلـون من اجـل ان يعـم الســلام والخـير والعـــدل في العــراق ! . اين مـكانـة الكـفاءات العلمية من الدعـوة الى الوطن ؟ وما الحـل وما العـمل ؟ . جـئنـا تلبيــة للنــداء ... جـئنـا خـدمـة للـعـلم والعـمل ، جـئنـا للتعمـير والبنـاء ... . فافتـح ذراعـيـك وقلبك ياوطــني ! .