| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

د. حسام آل زوين

 

 

الثلاثاء 15 / 4 / 2014

 

 بلادي وان جارت عــزيزة

د. حسـام آل زوين

بلادي وان جارتْ عليّ عزيزةٌ
اهلي وان شـــحوا عليّ كـــرامُ

تبا لك ولصراحتك .

نعم أن بعض المواقف الوطنية قد وضحها الوطنيون الملمّون العارفـون بالسياسة ، نُحتتْ في الذهن وصيغتْ في الضمير كلمة الحق ، حب الناس والوطن في القلوب منذ عقود ، حينها لازال اللاهــثون الجـدد المتسلطون بعصى الطائفية ولباس الدين لم يلـدْ منهم أحـد بعد ، ونحن لسنا بقادمين من بلاد الهنـــد والســـند ، أو بلوشــستان ؛ نحن أولاد " البكــعة " ، نحن أولاد " الكرية " ، " يامن تعب يامن شقى يامن على الحاضر لقى " ، قل ما شئت ، لاتخف طالما الحقيقة معك ، فالخـوف سـقط مع سـقوط الاصنام .

لحظتها ربما لم يحسن اختيارهذه التسميات . فهو عن حق ٍلا يفرق اذا كان الانسان هنـدياً ، صينياً ، من باكستان أومن سـستان ، أبيضاً ام أسـوداً ، أصفراَ ام احمراً . منذ زمان أثناء دراسته في الجامعة لم يعر أهمية ولم يسئل عن القومية ، العرق ، الطائفة ، المذهب أو الدين ، بل يهمه عمل الانسان وانسانيته وعلاقاته ، ويعتبر بأن اسئلة بهذا الخصوص ليست من اللياقة الادبية ، وعيب للسائل فيها ، اكتسب ذلك العرف الجميل لمعيشته في دول المهجر .

ذات مرة مازحه أحد اصدقائه القدامى بجلسة أحتفاء بعد خروجهم من عمليات الانفال في كردستان ، قال له ؛ لكونكم أمضيتم سني شبابكم بالجبال اصبح تعودكم وتعلقكم بالكلمات التي نهايتها على وزن " ســتان " . ضحك الجميع لمعرفتهم بانه يصنع النكتة !.

لا فرق بين عربي على أعجمي الا بالتقوى . والمؤمنون متساون كأسـنان المشط .
... الا من أتى الله بقلب ســليم . والخ .. .

بعد الســقوط باتت المدن العـراقية التي فيها العتبات المقدسـة ؛ تعج وتروش بالوافدين من ايران ، أفغانستان ، بلوشستان ، باكستان ، الهنود ، الصينيين والاتراك والافارقة ومن كل المـلل ، ورائحة الفلفل و"العنبة "والبهرات تعط بها المطارات وتشق المناخر ، وأن شاء الله عن قريب سـوف يستملكون قطع الاراضي والبيوت الجاهزة طلبة الحوزات الدينية القـادمون من هذه البلدان هم وعوائلهم لتسهيل مهمتهم في " وغربوا النكاح " وعقود " زواج المتعة " بكافة اللغات ، وفي أفريقيا تبنى المساجد بتمويل ، الله وحده يعلم بذلك والمقـربون ، وعوائل عراقية وأطفال تتخذ المقابر والمزابل لها ركناً ، وشـهداء المقابر الجماعية يندبون الحظ على سـخرية القدر، " الشهداء اكرم منا جميعا " أي تكريم ، وياهــؤلاء انتم ذوي الكفـاءات العلمية العائدة للوطن واللذين لم تثلم ضمائركم بعد ، لم يتذكركم أحد من كل الذين جلسوا على الكراسي الفارهة هنيئاً لهم ذلك ، بنوط أو شارة أو كلمة شكر أو " أستكان شاي "على جسامة التضحيات التي قدمتموها بشبابكم وارواحكم قبل عقود ، ولازال البعض منكم خفيف الظل من ظل أعزباً ، الان في وطنكم لم تتملكوا شبراً من الارض أو حتى " تنكة " أو "جينكوة " ترقدون فيها ، او "عربانة " ثنائية الدفع تتنقلون بها ،
... وفي الوطن انت ؛ لم تمتلك ركناً تجمع به قصاصاتك ... ذكرياتك ... كتبك القديمة والذكريات ، كل ما أســتقبلته ؛ مجاملات زائفة مقيتة وأحاديث فارغة في السحر والتطبير، الوضوء والحجاب والجـن وملاقات الحور العين .. ، وأمسـيت غريب الـروح غريب الـديرة ، تباً لك وتباً لمن علمك القراءة والكتابة والتواضع ونكران الذات

عـش بفلسـفة العـلم والعـمل تشبعك في دنياك ، وتواضعك يزيدك هيبة ومكانة في مجتمعك الجديد ، الذي انتظرتموه ، كانتظار الافطـار للايتام الصيام .

أن ما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً علمه ونشـره ، من هذا الجانب ؛ يرحمكم اللهُ في الاخــرة . فانتم أهلاً للعلم والثقافة ، اما فيما يخص العمل والعمال فهو خبزكم اليومي ؛ فحدث فلا حرج . واللهُ شـاهدٌ على ما اقـول .

نعم ربي وهو أرحم الراحمــين .
سُئل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ما المؤمن يارسول الله ، قال (ص) : المؤمن الذي لا يكذب ، سُــئل واجاب ثلاث مرات .
سُئل ابو كاطع في عموده المشهور : ماهو الرفيق الجيد ، أجاب ؛ " اللي ما يعرف يجـذب " .
تبا لك ولصراحتك ايها الحـاج .
كم اختلطت عنده .. تسميات الحاج .. الحاج ما قبل السقوط والحاج ما بعد السـقوط .
والله لم نكتشف أمريكا ، هذا الذي كنا قد تعلمنـاه من كلمات التـربية الوطنية والدين بشكل صادق .
أثناء زيارته للوطن بعد غياب طويل ، التقى الاهل والاقرباء ، تفقدهم بيتاً بيتا ، التقى أخاه الاصغر ، ذات يوم سـلمه أخوه اطروحة الدكتوراة متفاخراً ، يسمعه بتأنيب ؛ بأنه قد كتبها في ظل ظروف الحصار الاقتصادي .. " الاقتصادي " ولم يستطع الحصول على الورق ، وكأنك انت الاخ الاكبر لم تساعده بذلك بتوفيره , لاسيما وانتم تعيشون بالخارج وتتمتعون بكل الامكانيات المتاحة والرواتب العالية والسيارات ، ( يا أخي ورب الكعبة التى حججت بانكم سـطحيون وتغالطون الحقائق وتبتعـدون عن الصـدق وتبدلوا الحق بالباطل ، ويجب ان تعلموا بأن ظروفكم في الوطن مهما صعبت فهى اسـهل واهون من ظروف الخارج والغربة في بعض الحالات ، حيث لا يستطيع بعض من هاجر من الاصحاب من سـداد فاتورة الماء والكهرباء أو من شـراء الدواء ). اين الاخوة ؟ ، اين صلة الرحم التي تتمنطقون بها ؟ اين تلك العلاقات الاخوية الجميلة ؟ ، مالذي جرى لكم ؟ . يجب ان تعلموا بأنكم ايها اللاهثون الجدد بأنكم مهما فعلتم ، زوّرتم ، بعتم أشــتريتم عالي العقار بأسماء وأسماء في مدن الضباب ، سرقتم أدخرتم أمولاً ليست اموالكم فلا تستطيعون جمع أموال الدنيا كلها ، ولاتستطيعون وقف الغضب الذي هو اقوى من الزلزال على كراسيكم وأموالكم وتصرفاتكم وحصونكم ، والحـور العيــون ، طالما ظلمتم وعلمتم طريق الحق والصدق وانتم عنه زائفـون .

أخذ يتفحص الاطروحة من بدايتها الى أخر الصفحات ، وبدأ يطالعها ، في المقدمة استوقفته بعض العبارات " الروزخونية " ، بل هـزته بانفعال ، كانفعال وغضب ربة البيت " المعثرة " على " هـرة " المحلة عند لعـقها الطهي المعـد للتو والمنتظر . لا يعرف ما يفعله بهذا اللقاء الاول باخيه بعد طيلة هذه السنين . اغلق الاطروحة وارجعها الى مكانها ، رمقه اخوه الاصغر من وراء نظاراته الطبية كانها قاعـدة قـدح الشاي وسئله ؛ ها ؛ ما الامر أفهمتها ام انك لاتجيد القراءة باللغة الانكليزية جيدا ، قرأتها بكل ما امتلكت من سـرعة البديهية والقراءة تحت السطور ! ، وهي لا تحتاج الى اكسفورد او شكسبير ، فهمتها من مقـدمتها وفهمتها كلها . أجـابه بصراحة بأنه لا مكانة من ذكر هبة الحج لهذا العام في مقدمة اطروحة علمية ، يفهمها الناس الاخرون بأنها نفاق ، نفاق من كـوى الجبين ، ومن ازاد محابس الشـذر والعقيق للاصابع ، من المقربين وعلى سـدة الحكم والقرار قابع ، .. الاكثرية منهم في الامس من حمل رشاشاً لحماية سـيده الصنم ومن أول أطلاقة هـرب يسابق الهزيمة ، ومنهم من عاد من دول الجوار بأشكال متلونة لم يمس بشرتهم المتوردة ضوء الشمس ، على الارائك متخمون وعلى عرش السلطة والمال جاثمون . اما المخلصون من الناس فهو من اطبق الاجفان والافواه على مرارات الغربة والفقر والعوز في الوطن او في المهجر ، ومن نام على حلم وطني بسيط سُـرق ولٌم يتحقق ، سـرقوه في وضح النهار، سـراق الاحلام وغامطي الحقوق ، لقـد حرفـوا العـرف والذوق ، ونحروا الطقوس والاديان ، بسيف الكذب والسرقة والـزيف ، الوصولية والانتهازية ، وخنجـر التعنت والعنجهية والطائفية ، التهميش والقمع والطغيان ، فمن يكون لهم الانسان .

اليس الامــس كان بقـريب بهـاوية الاصنام ! .
لقـد ملئتم قلبي قيحـاً ؛ قالها أمير المؤمنين (ع) .
فكيف يملئ القلب بالقيح ، أدرك ذلك بعد حين .

خلال زيارته الاخيرة للوطن لم يزره أخوه الاصغر ، ولم يراه خلال العامين الا بلقاء عابر في شـارع المدينة أو بمحض الصدفة ، يلاقيه بعجل وخجل خوفاً من ان يراه أحـد من الاخرين ويلفت الانتباه ، ألم تبق قطرة خجل في الجبين ؟ ، أو بقايا من ذرات الاخلاق التى علقت قبل التدهور ، قبل السقوط ، قبل حين ..

يعلم ويدرك ويفهم بأن الخوف الذي زرعه النظام السابق في نفوس الكثيرين من الناس لم يكن من السهل تجاوزه ونسيانه الا بعد علاج شامل للانسان وأصلاح نفسياته وبناء الانسان الجديد . يعلم بأن الزوج كان يخاف من زوجته ويخاف الحائط والاحفـاد ، ويعلم ثقل الكراهية والاحقاد .. ويعلم ، ويعلم . لهذا أستبشر عامة الناس خيرا بسقوط الاصنام ، حتى بمجيئ الشيطان .

.. كالحرباء هو التسلط والطغيان .
قد خابت الظنون ولم تجــن الناس الا الوعود الكاذبة ، وقد تم ترحيل قسما منها الى القسمة والنصيب وما موعود من رزق السماء .
لكن أرزق السماء لمن كان قريباَ من الدفة او لمن هب للتسلق على أكتاف من ضحى من الاشراف.
ولمه رزقهم أخضر معـدود عبر الحـدود ، ورزق المهمشين محـدود .
لقد كان صنماً واحدأ والكل له سـاجدين ، ولكن من بعده ظهر الكثير من الاصنام الشريرة المخيفة في مسـجدنا وكنيستنا ومعبدنا وضريحنا العــراق ، وتحتار لمن الركـوع والسـجود .

ذات مرة دخل احد مساجد حارته القديمة تلهفا ً ولقراءة الفاتحة ، لفت انتباهه " مكيف الهواء" المعلق في الجدار هدية من أحدهم ، وقد خط عليه " جنجلـوتية " كبيرة من الاسماء والالقاب والمكانة ؛ .. هدية السيد ،الحاج ، الاستاذ ، الدكتور ، الفلاني ابن الفلاني ..، لمه هذه المقدمات، هي هدية لبيت من بيوت الله ، الهدية ، المساعدة ، عمل الخير يتم بدون مقابل او مقدمات . قبل فترة رحلت الفنانة عفيفة اسـكندر ، وبعد رحيلها نشر احد المقربين عنها خبراً مفاده بأنها كانت ترعى وترسل الايتام والمحتاجين للدراسة الى لندن على حسابها الخاص وتخرج منهم احسن الاطباء ، وهذا لم تذكره طيلة حياتها . وهنالك الكثير والكثيرات من مشاهير العالم في الادب والفن الساعين لخلق حياة افضل للاخرين أمثال المغنية مـادونا ، أنجليـنا جـولي وغيرهن وغيرهم ممن سـخر أمواله في عمل الخير في مساعدة الاطفال اليتامى والمرضى ، المحتاجين والعجـزة ، وتبني وبناء المشاريع الخيرية بدون " هـرج ومـرج " . فعمل الشر يبقى مع الانسان وعمل الخير يعود له .

لقد تعلمت هذه الفئة الجديدة من الناس وما بعد السقوط ؛ وتفننت بفنون المكر والخداع وأغتنت، مستغلين مناصبهم " الدمج" والفخرية وزيفهم المبرقع بلباس الطائفية والدين وغياب الوطنية والقانون ، هؤلاء امراض كالعث كالسرطان في جسم المجتمع وتأثيراتهم وعدواهم على الناس الاخرين خطير .
يمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين .
من سـن سـنة سـيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة .
أمــوعظــة ؛ لم يزل الزعيم عبد الكريم قاسم ساكنا ً القمــر والقلـوب .
والفجـر يأتي بعد ليل بهيم .
لكن الشيئ الوحيد الذي لم يفهمه ولم يتصوره هو؛ كيف تغيرت علاقات الناس وحتى علاقات الاهل والاخوة والاقرباء ان تصل الى مستويات لم تكن في التصورات ولا في الحــسبان ، غريب .. غريب هذا الذي يحصل في مجتمعه ! .
لقد ملئ قلبه قيحاً عما شـاهده من سـوء المعاملة والتصرف في العلاقات بين الناس وماالذي يجري في بلده ؟ .. .
لقد ترك في القلب جرحاً أليم .
عاود يدندن مع نفسه ؛ بلادي وأن جارت علي عزيزة .. أهلي وأن شـحوا علي كـرام .



 

 

free web counter