| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

حسام آل زوين

 

 

 

 

الخميس 13/7/ 2006

 

اليك يابن المحمــودية تحية وسـلامـاً
الشهيد رزاق شــعلان محبة واعتزازاً

حســام آل زوين
ابو محمـد يماني

اليك يا ين محمـودية الخـير والسبيل ســـلاما من الجـمع مفعما بالمحبة بالمعـزة بشـوقي وقـبلاتي
واه من كبوة الغدر وبعصف الريح المسمومة الــرعـناء ســلبت الامـنيات وبعـثرت بكل امــنياتي

قل بالله كيف لي ان اجمع قصاصاتي عنكم فى الشتات كتبت وللمدينة الممت بها اجـمل مـذكراتي
قل بالله كيف لي ان استعيد ذكــريات الشباب بشــــذرها صيغــت وارث بها ابــهى ذكــــريــاتي
قل بالله كيف لي ان القى الاحبة والاصـــدقاء وطيبي الـذكر والنـفــس هم من امتـدادك وامتـداداتي

انتم الفخر والشيمة والشهامة والنجابة والنبل انتم الوصف الـنبيل وبوصـفكم تـتيه الشــفاه بكلماتي
انتم حسن المعشر والطيبة والاخلاق والفكـر وبما اوتي الخـلق الجـميل وازهى وباجمل مفـرداتي

طيبة طينتكم كطيب المدينة بالبساتين بالرمان بالتـين بالرياحـين بالطـين رويـت بماء عـذب فــراتي
انهضوا من غــفوة الـــغدر ومزقـوا الكـــفن فبالمدينة النهب والسلب والسبي فاق جميع التصوراتِ



ونحن صغاراً كنا نلعب ونرتع في حاراتنا المتقاربة الهادئة المسالمة البسيطة ، البسيطة بكل معاني الطيبة والاخـــوة والتأخي ، من كل الالوان والاديان ، التقيت رزاقـــا عن قرب ايام الدراسة والمدرسة ، وحينها كنا سوية مع الجــمع نطـالـع ، كان رزاق يكـبرنا في المدرسـة بمرحلتين دراسيتين او اكثر … ، ولقـد كان فيما بيننا ومن على البعــد ودا ، وشعـورا اخـويا حـنينيا متبادلا من الاهتمـام والاحـترام …، وعند المرور بحـاراتنا نتقـابل وجه بوجه يـتسـابق بتبادل التحية والسلام . لااعلم قد كان لبعضنا البعض نفس الرؤيا والرؤية والامتــداد .. ، واعتقد بان الاحـسـاس او الشـعـور الصـادق بالقرب او بالبعد يستطيع ان يفتح ويدخل ويقراء القلوب بالاعماق وما للاخرين من امـتداد وارتداد ، والا فما سـر القول ؛ الطيبون للطيبين ؟! .
لقد تسارع العمـر جريا ولازلت ارى رزاق شابا ً شهماً قـدوةً ومثـل ، مدرسا رياضـياً شـيـوعـياً مثقـفـاً ،اراه بالقلب بالعـين حياً بالضمير والوجـدان خالـداً يجوب شـوارع الـمـديـنـة حاراتها مـدارسها ملاعبها وحلقات الثـقافة ان لم يكن اجتماع . حينما تصادفه يجذبك بسلامه وتحيته بخلقه وادبه ، وعند اللقاء به يبهرك حديثه والكلمات وتختلط الـبراعــة بالابـداع والبشــاشـة والبســاطة في التـواضـع … يتوضح اسـلـوبه في شــرح فــن الممـكـنات … وكم هى كثيرة تلك الكلــمات والمصطلحـات والمفـردات … ، ياتيك الشـــرح مرتباً بسيطاً منتظـماً ودقيـقـاً كـدقـة خيـوط وخطـوط ماكنة الخياطـة في دكـان والــده طـيب الـذكـــــر … .
تتالت ايام الدراسـة وتتالت الايام … واتخـذنا نحن تلاميذ وطلـبة وشـبيبة المدينـة وابنـاؤها الفقـراء من سكة القطــار مكاناً للمطالعة وللمذاكرة وللدراسة والتمشي والنزهـة واجتماع سريعا في حـجـة اللقاء .. اصــدقاء ومعارف وفيما بعد رفاق …ورفاق …اي رفاق … يارزاق ! . نأخـذ السكـة مشيا من اقصى المدينة الى اقصاها ثم رجوعا حتى يدركنا التعب وتتناهى الشـمـس تجر ذيولها للمغـيب وتتصاعد ادخـنــة التنـانـير ورائحـة الخـبزتخـترق المنـاخـير من البيـوت المترامية على امتداد سكة القطار، فيدق ناقوس الكف عن القــراءة والعـودة الى البيوت تهيئة للغـدِ ، بل يسبق العــودة وقـفـة عند دكـة غرفة تحويل الخطوط ( غـــرفة المقصجي ) المقابلة لبيت عــبد الســـادة .. غرفــــة للــــقاء والتجـمع حيث يجتمع الربع ويودع الزميل زميله والصديق صديقه والرفيق رفيقه .. وعيون تنتظر لمحة حبيب ... نلتقي رزاق عند هذه الغرفة . وبقدوم القــــطار ودويه يخرج الموظف ليضع فوانيسه باللون الاحمر او الاخضر ... فيحصل لنا ان نودع بعضنا او نتبادل الكـتب التي اتمم قراءتها الاخرون تاريخ العــالم ... كراسات صغيرة على سبيل المثال مـؤتمـر الشبيبة الشيوعية الكمسمول ... او البيــان الشـــيوعي .. الخ ، فى الفترة هذه كنت فى المتوســطة عندما اعطاني احـــد الاعـزاء كراسا بغلاف احمر اللون ونحن في هذه الاثناء فؤجئت بمقدم والـدي وقت الغروب وبلمـح البصر لا اعرف كيف اخفيته في داخل كتاب التـــأريخ وعند فصل المشـاكل التي واجهت مـدحـت باشــــا في العـــراق والتي كانت من اعوصها مشكلة العشائر ، وفي الامتحان الوزاري في التـأريخ كان هذا السؤال ... .
اتعلم يارزاق لقد قرأنا لشكسبير وقصصا اخرى باللغة الانكليزية ، وقصة عن المستخدم المسؤول عن تغير وتنظــيم دخول القطار في النفق ، اسميناها فيما بعد بغرفة المقصجي تيمماً بغرفتنا المعهودة ، حيث تقع هذه الغــرفة عند وادي رطب ضيق عميق لا تلوحه اشعة الشمس الا القليل وعند احد الانفاق لمنطقـة جبلــية .. عندها يظهر ويظهر بصيـص من ضوء فانوسه احمــر او اخضـر. وكان لنا احب وخيرة الاساتذة الاكفاء الذين هم عن حق بمكانة الاخـوان والاباء صـابئة من الشـذر ومسـيحـيون طـيبون ( اين انت يا بسمارك ؟ ) ، اما لغرفتنا دكة وطالما جلسنا بظلها وقضينا وقت الفراغ ، وحـصى وقضبان سـكة القـطار الجــديد فهى شـواهـد على كل ما صـدر ودار من حـديـث وهـمس وكلــمات ومفردات ومصطلحات واسرار بين القـراء بين الاصـدقاء بين الــــرفاق وكان رزاق شعــــلان محـط اهتمـامـه نحن الذين نصلح لنكون رفاق ! .

احلفك أنسـيت يا حـصى القـطار ؟
فتـيـة مـروا بك هم من الابـــرار!
وشفاه تفوهت باحلام غدٍ واسرار!
اياك استعين بذكرى لهم وباطلالة اذار ...
حصى انت ؟! حطب انت ؟! ام حصب ؟!
الم تكن بصاحبنا يا حصى القطار ؟


انت سلاح مـقاومة درع عزيمةٍ باصرار
بديني انت رجم للشياطين للبغي للاشرار
عندك الملتقى واللقاء فى الغروب والافطار
تململ حرك ساكنا يا حصى القطار
على روؤس الظلم ارميها بحمم ونار
سقط الطغاة وشرهزيمة بخذل وعار
احلفك لاتنسى يا حـصى القـطار !
فتـيـة مـروا بك هم اعزاء بافتخار


كانت مقاهي المدينة تغلي تفـور كأباريقـها بالنقاش السياسي والثقـافي وكان الشـيوعـيون عن حـق انـــواراً وألقــاً ، وذات الايام كانت اركانها تغص بالفـرق الرياضية ... اســماء ... واسـماء ، كــوؤس وانـواط لفرق ونوادي رياضية ومنها ترى مدن الـعــــراق تتقـابل تتصافح من كل صوب وحـد وكان للشـــيوعـين ثقلا ودورا ... وكانوا في الملــعب  والمـيدان ...أصحيح يا رزاق ؟
ويتذكر الجميع فترات كأس العـرب لكرة القدم ... فتألقت بتلك الايام وما سبقها نجوم في سماء الرياضة لمدينتنا ...
اصدقاء ورفاق واناس طيبون ، وزهت الساحات وملاعب المديـنة والمـدارس ... نجـوم واعــلام عن حق وما اكثرهم حين تعدهم ... عبد علي ، ياسين ، دحو ، وادي وغيرهم وغيرهم من الاعزاء ورزاق شعلان احدهم احد الاعلام ...
يحسن فـن كـرة القدم من البدايات .. اتعلم يارزاق بان لك حبــا ً فائقــــاً من اطفـال وشبيبة حارات ودرابين ومـدارس وملاعب المدينة ، كنت اسماً كنت علماً كنت معلماً كنت اخاً كنت حبيباً كنت رفيقـاً احببنا كرة القدم لحبك لها ...
كنت المقدام والرياضي الهندام ... ! ، كنت شـعلــة ! .
صدقني يارزاق لحد هذه اللحظة من العمر اتذكرك كلما انظـر الى رياضي مهنـــدم بلباس وحذاء رياضي وجوراب ابيض ... وها هي ايام كأس العالم لكرة القدم واراك فيها لازلت تلعب فكنت وكنتم روعـة من روعـات المـدينة ! .

لقد صقلت المدينة فتيتها ما بين طالب وكاسب ومعلم ومستخدم وموظف وعسكري وعامل اي كل شغيلة اليد والفكر عمال وفلاحين ومثقفين ثوريين فازهرت زهورا طيبة بالفكر بالوعي بالمعشــر ! . مترابطين الناس ببعضهم البعض لا تستطيع الفصل بين هذا وذاك من الناس لا احد يعرف سر هذه المعادلة الا الطيبة ، بكل معاني الطيبة ، مــــــدراء مدارس معلمون ومدرسون اكفاء حريصون كل الحرص على كل شيئ لا غمــــزة بوطنيتـهم من شيوعـين وقومـيين واخـرين... زرعوا الحس الوطني في النفـوس ورعـوها... وبكم نفس الحــرص والحــس ! ، يتذكر ابناء جلدتي ونحن صغارا كيف كان المعلمون يجمعون التبرعات فلسا فلسا تبرعا لفلســطين اتتذكرها يارزاق وانت المعلم !؟ . فاختلق جيل مجبون بطينته بالوطنية منذ النشأة الاولى ،حيث شاهد ورأى ونظر وشارك وعاصر واستنكر بالكلمة بالمظاهرة بالاحتجاج باضعف الايمـان ، وخرجت مظاهــرات الطلــبة تجوب الشوارع والمـيدان الرئيسي للبلــدة ( الفـلكــة )، لفلسطين اولى القبلتين ، عروس العـرب ، الجزائر( احمد بن بله اهلا بيك شعب العراق يحيك ) و جميلــة بوحريد ، وثورة الجنوب اليمني وجبال ردفان والهور وسجن نقرة السلمان وكردستان وحليف العرب الاتحاد السوفياتي والخ، وكان لكم دورا وادوار وكنتم تعـون ما هية هذه الاحداث التي تجري وجرت في العـراق والبلــدان العـربية .. بفضلكم بحرصكم بغيرتكم بنهجكم فهمنا كلمات ومفـردات ومصطلحات الظرف الموضوعي والظرف الذاتي ، والاســـاسي والرئيسي ، والمتغيرات ، والاهداف وجوهر وطبيعة الحكم والثـورات .. وجاءت ثورة 14 تموز المباركة بالاصلاح الزراعي وتوزيع الاراضي على الفلاحين وحسب الخصوبة وطرق الري ، كان لجــدي يارزاق قـطــعـة ارضٍ فـقـبل الثورة وهبها لاصدقائه من الفلاحين معللاً بان الارض لمن يزرعها وانا رجل عـلم وديـن ، فحسـبوه بانه يميل للثـورة  وللبلشفية .
كم هى ذكراها حزن والم تلك الــريح المسمـومة 1963 ، كنت شابا يارزاق وقـد وقـفـت وقـفـة مشـرفة انت واولاد جلدتك ومنذ ذلك الحين ادخلوك في ســجلات رصــدهم السوداء ومن تحـتـنا كان يجـري المـاء ! وحـلت في كل بيت  مصيبة ونائحة وحل عـزاء .
اتذكر يارزاق ومنذ الساعات الاولى لانقلاب 1968 ، ونحن فتية لم تشـرب عودنا السياسية بعد ، والتفـفنا مع بعضنا نتسائل من جاء بهذا الانقلاب ايكون كسابقه وكيف ، حينها قلت بعد اعلان بعضا من الاسماء المنفذة لقد جاءوا بقطـار أمـريكي ، اي امريكي وسكة القطار الجديدة بناها الاتحـاد الســـوفياتي العظيم بجنب السكـة الانكلـيزية القـــديمة !! .
اتتذكر القطار ونحن احداثا استقبلناه و كيف كان محملا مملوء بانصار ملا مصطفى البرزاني عند رجوعهم للوطن .
وتلاحقت الاحداث ( الوحدة التي لايغلبها غلاب توصلنا من الباب للباب ... ) قــد فـرطــت ، وجاءت انباء وفاة جمال عـبد الناصـر وخيم حـزن في شـوارع المدينة . منذ ذلك الحـين بدأنا نسئل ونتابع ( نحن وكما يقال جيل جـــبرمن بطـن أمـه للقبـر ) ، نعم يارزاق لقد عشنا الاحداث وقراءناها من الحياة ، عشـــنا تتويج المـلوك وفيضان نهــر الفرات ورائد الفضاء يوري غــاغرين وجوزيف تيتو وجيفارا والياسـري والنـواب والســياب والجواهــــــري الكبير واغاني ام كلثوم وفلم ام الهنـد واللقالـق عند خان السبيل وهـــيكل واوين ولــوركا ودافنشي وجــواد سلــيم وموت الملـوك .

لقد ذبحك الاشرار وصدرك مملوء بالاحلام
للمدينة للمدارس للملاعب لسعادة الانسان ،
اسفاه واسفاه من غدر الزمان ،
اسفاه لم تحضر انت والشهداء ابناء جلدتنا سقوط الاصنام ،
ومالذنب الذي اقترفتموه كي يمارس بحقكم ابشع الاغتيال و ابشع الاجرام
ذنبكم سوى عشقكم للثقافة للوطن وحب الانسان
انسيتم يوما قلتموها سوف تاتي مشرقة الايام
وتنقـشع الغـمامة السوداء وتنهي سني الظلام
وتنعم المدارس والملاعب والاطفال والايتام

عندما كنا صغارا ننتظر قدوم العيد ، كنا نردد :
متى يجي العـيد ونعيد
ونحلق لحية سعـيد
وسعـيد كرابتنه
ونذبحله دجاجتنه
متى نلتقى الاطفال لنقص لهم حديث الايام لينشدوا اغنية العيد بفرحة ، متى تفرح الامهات ، متى يدخل الفرح البيوت ؟! .

اه .. اه كم كنت اهوى ومتمنياً بك اللقـاء .. اه كم كنت لكم مشتاق بعد غربة ومخاض والم وشتات وفراق !
اتعلم يارزاق بان مدينتنا ومدن العراق تعاني ما تعاني من ازمات وازمات ازمات ماء!وكهرباء! واخرى .

مدننا تعاني ما تعاني من سلب ونهب وسادية وسراق
وغربان وغرباء و السير مـوحش بظـلام
لم ولم يكن في البال والتصورات والمعايـر
والحسبان والميزان ولا في ابراج الاحـلام

بغيابك بفقدانكم سخط الزمان .. سخط الزمان ...

ففي يوم الطالب لك وردة
ويوم المعلم باجلال وقفة
ويوم الشهيد نشيد وشمعة
ويوم اذار اغنية ودمعة
كل عام تحية وسلام
لكم محبتي
نذرا علي ان اطرق سكة القطار سكة سكة واناشد واخاطب حصى القطار حصى حصى عن كل احبتي من ابناء بلـدتي واجمع الذكرى معلقة مذهبة بيت بيت مطعمة بالشذر من اجمل المعلقات ! .


 

free web counter