موقع الناس     http://al-nnas.com/

انقلاب عسكري .. أهو ترياق لعلاج الحالة العراقية ؟

 

حبيب تومي / اوسلو

الجمعة 7 /4/ 2006

المقدمة
التاريخ الحديث للمنطقة وللعراق حافل بالأنقلابات العسكرية منها الناجحة وأخرى كان نصيبها الفشل . ومفهوم الأنقلاب العسكري كان ينحصر في اجراء تغييرات على قيادة الجيش ، وتنحية الحكومة القائمة وتنصيب حكومة جديدة ، اما اجهزة الدولة وطاقم الوزارات والمؤسسات الحكومية فتبقى على حالها دون تغيرات جذرية ، وتمضي ايام قليلة وتعود الأمور الى مجراها الطبيعي .
اليوم لا احد يريد التفريط بالتجربة الديمقراطية ، لكن لا بأس من اللجوء الى عملية الكي رغم قساوتها إن كانت تشفي المريض ، وربان السفينة يضحي بالغالي والنفيس من حمولته من اجل إنقاذ مركبه من الغرق .

 العملية الديمقراطية
بعد ان تبدلت الأحوال السياسية في العراق في 9 نيسان 2003 ، وأصبحت العملية السياسية تنتهج اسلوباً ديمقراطياً يعتمد على نتائج الأنتخابات النيابية ، كان ذلك انقلاباً جوهرياً على المفاهيم القديمة التي كانت تعتمد بالدرجة الأولى على دعم القوات المسلحة لأي فعل سياسي .
اليوم تمر التجربة الديمقراطية في العراق في مأزق ، وهذا المأزق يكلف العراق والعراقيين الكثير من الأرواح البريئة ويعرقل مسيرة العراق التنموية ويبدد ثرواته الوطنية ، ويبقي العراق وكأنه غابة تسرح فيها الوحوش الضارية ويسود فيها القانون الذي يقضي بأن يفترس القوي الضعيف . وغاب القانون من ارض العراق الذي كان مهد القانون الأول في التاريخ البشري .
لقد شارك العراقيون في عملية التصويت منذ 15 / 12 / 2005 ، ويحدوه الأمل في ان تتشكل حكومة قوية تعمل على بسط الأمن والأستقرار في ربوع العراق ، لتفتح الأبواب امام تعمير العراق والمباشرة بأعادة بناء بنيته التحية ، وإعادة الخدمات الحياتية الضرورية للأنسان العراقي المثقل بمآسي الظلم والحروب .

حكومة الدكتور ابراهيم الجعفري
لقد قدمت هذه الحكومة ما استطاعت ان تقدمه ولعل ابرز منجزاتها كان ترتيب عملية الأنتخابات في موعدها المقرر ، لكن السلبيات على كثرتها قد طغت على الجوانب الأيجابية لهذه الحكومة ، بحيث تبدو وكأن الحكومة كان نصيبها الفشل في كل مفاصل الحياة ، وياتي في المقدمة ارتفاع وتيرة التوتر اليومي حيث ان الأوضاع الأمنية شهدت تدهوراً يوما بعد آخر ، وفي عملية الأنفلات الأمني اليومي يزداد نفوذ الميليشيات التي تتفاوت ولا ءاتها بين الأحزاب والتي اغلبها لها طابع ديني طائفي ، وازدهر عمل العصابات من اعمال الخطف والأبتزاز والسرقات وعمليات الأغتصاب وانتهاك الأعراض والقتل .. ونسمع بسيارات المسلحين تجوب الشوارع ونسمع عن العثور كل يوم على جثث لأناس أبرياء ملقاة في الأزقة والشوارع وأكوام القمامة ، ونسمع عن تصفية العلماء والأطباء وأساتذة الجامعة ، ونسمع عن تهجير الناس من منازلهم ، ونسمع عن قتل الشرطة والضباط ونسمع ونسمع ... انها مأساة يجب على اية حكومة ان لا تقبل على نفسها هذه الحالة ، عليها ان تستقيل وتعطي المجال لغيرها بالعمل .
ان الوزراء او رؤساء الحكومة او الحكومة بكاملها عندما تستقيل في الدول الديمقراطية بسبب فضيحة ما او نتيجة فساد إداري او مالي ، فإن هذه الحكومات تكون قد استلمت الحكم نتيجة فوزها في الأنتخابات لكن هذا الفوز لا يخولها ان تغرق البلد في فوضى الفساد والفضائح والجرائم .

ولكن اين الحل ؟
لو فرضنا ان الدكتور ابراهيم الجعفري قد مهد الطريق لغيره لرئاسة الوزارة ، هل يكون الذي يحل محله افضل من الجعفري ؟
هل سيكون مثلا ً للسيد عادل عبد المهدي عصا سحرية يفرض الأمن والأستقرار في ربوع الوطن العراقي ؟
لكن ما اصبح في حكم المؤكد ان حكومة الجعفري فشلت في قيادة سفينة العراق الى بر الأمان ، ونأمل ان تكون الحكومة المرتقبة افضل من سابقتها .
لكن في حالة تشكيل حكومة جامعة لكل الأطراف ، لابد ان تكون مثل هذه الحكومة ، حكومة مترهلة مثقلة بمعادلات توافقية تعتمد على المجاملات وترضية الخواطر ، لا سيما في حتمية تحقيق المكاسب لكل الأطراف المشتركة ، ويبدو من سير المناقشات ان المكاسب الحزبية والطائفية والقبلية تستأثر بالأهتمام الأول لدى معظم القوى السياسية الحزبية ، وفي النّفَس الأخير ربما يكون هناك مساحة باقية لمعالجة بعض هموم الشعب المسكين الذي ينتظر وينتظر ....
ان الفائزين في الأنتخابات يخوضون في مستنقع تحقيق المكاسب المادية والطائفية والحزبية ، والشعب يتحمل المخاطر الدموية والعذابات والمظالم اليومية ، دون ان يحسب لهذا الشعب أي حساب على اجندة الذين حققوا النصر العظيم في هذه الأنتخابات .
أقول صراحة ان العراق بحاجة الى ضابط مقدام كالمرحوم عبد الكريم قاسم او كسوار الذهب ، او برويس مشرف عراقي ، ليضع حد لهذه المسرحية الرديئة ، التي لا تعجب احداً سوى ممثليها الفاشلين في إدائهم ، وتكلف مسرحيتهم هذه الشعب العراقي كل يوم دماء جديدة .
ان الأنقلاب العسكري الذي يعين مجلس عسكري لحكم العراق لمدة ( 2 ـ 3 ) سنة تكون مهامه :
ــ فرض الأمن والأستقرار في ربوع الوطن العراقي .
ــ وضع حد لسرطان الأصطفافات الطائفية التي باتت تقدح شرارة حرب اهلية عراقية عراقية .
ــ وضع حد للنفوذ الأقليمي للدول المجاورة في الشأن العراقي .
ــ تفكيك الميليشيات المسلحة المختلفة التي تعبث في امن المواطن ،وتفرض نفسها بديلاً للحكومة ، وتحاول تطبيق اجندتها الحزبية على المواطن العراقي المسكين وشرعيتها تنبثق من امتلاكها للسلاح ، وضعف الحكومة . وألحاق افراد هذه الميشيات ( كأفراد ) في صفوف الشرطة والجيش .
ــ القضاء على العصابات التي تزرع الذعر والموت وذلك بتقديمهم الى المحاكم الفورية ، وتطبيق القانون بحقهم .
ــ إبراز وتقديس هوية الأنتماء العراقي وجعلها الهوية الوحيدة البديلة للتعريفات والأنتماءات الدينية والعرقية والمذهبية . وترسيخ وتشجيع مفاهيم التسامح والمحبة بين العراقيين .
وكان الله في عون الشعب العراقي .