| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حبيب تومي

habibtomi@chello.no

 

 

 

 

الثلاثاء 5/12/ 2006

 

 

حكومتنا .. لأنها تؤمن بالديمقراطية فعليها ان تستقيل


حبيب تومي / اوسلو

أجل ان الديمقراطية ، التي تعني حكم الشعب ، تشكل غاية وأمل كل الشعوب في بلوغها ، لكن في عين الوقت تعتبر وسيلة لحقيق طموحات الشعب في البناء والحرية والأمان والكرامة .
فالحكومة الشرعية المنبثقة من البرلمان او بموافقته فهي شرعية 100 % ولا اعتراض على هذه الحقيقة ، لكن هذه الشرعية لا تعفيها او تصونها من المحاسبة والمساءلة ، فارتكاب اخطاء فاضحة او تنصلها او ابتعادها من برنامجها في البناء والأستقرار ، وهناك اسباب كثيرة تجبر الحكومة على الأستقالة وتفسح المجال لتكشيل حكومة جديدة تقوم بالمهام .
قد تكون اوضاع البلاد الداخلية او الخارجية استثنائية وينبغي تشكيل حكومة طوارئ تنقذ البلاد من الأزمة الماحقة بالبلد ، ومن هذه المعطيات فإن الحكومة الشرعية المنتخبة ليست أزلية أو لها حصانة ضد المساءلة والعقوبات ومهما طال تقصيرها بالنهوض بواجباتها او مهما ارتكبت من اخطاء أو طرأت تغييرات في ظروف البلاد والمنطقة .
إن الحكومة المنتخبة معرضة للمساءلة اليومية من قبل البرلمان والصحافة واحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني والمواطن العادي .
إن الحكومات في الديمقراطيات الغربية تمثل أصدق تمثيل إرادة الناخب ولا شكوك تحوم حول شفافية ونزاهة الأنتخابات التي اوصلتها الى الحكم ، مع ذلك فإنها معرضة في اية لحظة لاحتمال الأستقالة فاسحة المجال لغيرها لأدارة سدة الحكم .
في الحكومة السابقة لدولة النرويج كلف بتأليف الوزارة رئيس حزب ليس له في البرلمان سوى 8 مقاعد والسبب ان الحزب الذي كان يهيمن على الأكثرية في البرلمان لم يكن له الشخصية التي يملك مؤهلات رئيس الوزراء ، بل كانت في الحزب الصغير شخصية سياسية مشهود لها بالتجربة والحنكة السياسية ، وهكذا اكتفى رئيس الحزب الفائز بالأكثرية بحقيبة وزارة الخارجية وأصبح رئيس الحزب الصغير رئيساً للوزراء .
إن هذا المثال يبين ان مصلحة الوطن هي فوق مصلحة الحزب حتى لو كان هذا الحزب يملك الأكثرية في البرلمان .
يقول الأستاذ نوري المالكي رئيس الوزراء : إن حكومتي تمثل كل العراقيين ولا حديث عن بديل .. ويضيف ، حسب رويترز ، إن الحديث عن حكومة أنقاذ وطني يعني الأنقلاب على ما حققه العراقيون والعودة بالمتسكعين من جديد ليحكموا العراق .. وإن الحكومة الحالية تمثل إرادة الشعب ومن يتعرض اليها يتعرض للشعب .. وإذا أراد أحد ان يغير فليغير ( لكن ) ليس من خلال التآمر والمتآمرين .
إن هذا الكلام لا غبار عليه ، لكن أين مصلحة الشعب لما يجري في العراق ؟
نعم هناك حكومة مخلصة وشرعية ، لكن ما هي حصيلة انجازاتها على الأرض . لقد شخص المالكي بذهنية المدرك العارف بالحالة العراقية المستعصية ، وقال ان السلاح ينبغي ان يكون محصوراً بيد الدولة ، والميليشيات ينبغي ان تحل ويذهب أفردها للأنخراط في أجهزة الحكومة المدنية والعسكرية ، ويجب تقديم الخدمات للمواطن ، ويجب معالجة الفساد .. الخ إنه تشخيص لطبيب حاذق خبير بالحالة العراقية .
لكن ما فائدة تشخيص الداء دون استخدام الدواء ؟
ماذا حققت حكومة المالكي من برنامجها المخصص لاستتباب الأمن وتقديم الخدمات ومعالجة الفساد ؟
لا أعتقد ان الحكومة قدمت شيئاً يذكر . كيف تقدم الحكومة الأمن والأمان للمواطن في حين هي نفسها لا تملك مثل هذا الأمان ، وكما هو معروف فإن فاقد الشئ لا يعطيه .
إن قياس وفرزنة الحكومة ومدى نجاحها وإخفاقها منوط بما تنجزه من البرامج التي طرحتها قبل تشكيل الحكومة ، وبهذا المقياس تكون حكومة المالكي قد اخفقت فيما وعدت به . ونحن نقدر موقف الحكومة الصعب في ظل الأوضاع المعقدة المحيطة ، لكن أهم اسباب الأخفاق الحكومي يكمن في تركيبة بنائها الهش المعتمد على ملاط الطائفية والمذهبية .
إن وضع مصلحة الشعب والوطن فوق مصلحة الحكومة هو جوهر الديمقراطية التي تعني حكم الشعب كما هو معروف .
إن الأستاذ نوري المالكي يبقى عاجزاً عن معالجة الأوضاع ما دام الأمر يتعلق بالميليشيات التي يرتبط مع احزابها بعلاقات تراتبية .
إن الوطن بمرور الأيام ينحدر نحو الأسواء في كل مناحي الحياة ويبقى على حكومتنا التي لا نشك في اخلاصها ان تنسحب بشجاعة وتفسح المجال لحكومة تكنوقراط بعيدة عن منهج الطائفية ، ويعمل طاقمها بحرفية ومهنية . لا يستطيع ان يعمل في هذه العقلية سوى من يؤمن ويتسم بعقل علماني تنويري . إن العلمانية تحترم جميع الأديان والمذاهب والأعراق دون محاباة او انحياز لطرف او فئة .
إن مصير الوطن العراقي مرهون بشرف وضمير ورجولة وشهامة كل العراقيين المخلصين من النسيج العراقي المتنوع الجميل .