الثلاثاء 3/10/ 2006
تعقيب على مقابلة موقع عنكاوا مع الأستاذ سركيس أغاجان
حبيب تومي / اوسلو
وثيقة مهمة مطروحة على بساط البحث ، وهي مسودة مشروع دستور أقليم كردستان العراق ، ومن نافلة القول التأكيد على اهمية هذه الوثيقة لتأثيرها الكبير على مصير شعبنا في هذه المنطقة .
لقيت مسودة الدستور هذه ارتياحاً كبيراً لدى مختلف الأوساط التي ترتبط في هذه المنطقة بوشائج تاريخية واجتماعية واقتصادية ومصيرية .
لقد ورد في ديباجة مشروع الدستور :
إن العراق يتكون من قوميتين رئيسيتين هما العربية والكوردية إضافة إلى القوميات التركمانية والكلدانية والآشورية والأرمن وأديان متنوعة هي الإسلام والمسيحية والأزيدية والصابئة المندائيين. وورد ايضاً في المادة السادسة ، أولاً :
يتكون شعب كوردستان العراق من الكورد والقوميات ألاخرى (التركمان والكلدان والآشوريين والأرمن والعرب) ممن هم من مواطني الاقليم وفق القانون .
يستفاد من هذه المقدمة ان الحكومة الكردية لها رؤى شاملة وهي تولج تخوم الديمقراطية في نظرتها التي تتسم بالموضوعية على واقع العراق وأقليم كردستان .
في مقابلة اجريتها عنكاوا مع الأستاذ سركيس آغاجان وهو وزير المالية في حكومة أقليم كردستان وله صوت مسموع لدى القيادة الكردية ، وهو من المهتمين بشؤون شعبنا ، حول مسودة الدستور لأقليم كردستان ، فجرى التركيز على نقطتين هامتين حيث أفاد : "الدستور الكردستاني يفصلنا وكأننا شعبان، وهذا غير مقبول"
"دستور الإقليم لا يضمن لشعبنا حقه في الحكم الذاتي في مناطقه التاريخية" .
ـ التعليق على موضوع الحكم الذاتي ، في البداية لابد من قراءة المواد ( 143 ــ 146 ) من مسودة الدستور المذكور والتي نصت :
المادة: 143
أولاً: تعتمد اللامركزية الإدارية في ادارة الوحدات الادارية في أقليم كوردسـتان (المحافظة ، القضاء، الناحية) ويكون لكل منها مجلساً محلياً منتخباً بالاقتراع العام السري المباشر تبين طريقة انتخابه وتحدد صلاحياته ومهامه بقانون.
ثانياً: يكون لكل وحدة إدارية مجلس تنفيذي يترأسه رئيس الوحدة الادارية تبين كيفية تشكيله وتحديد صلاحياته ومهامه وعلاقته بالمجلس المحلي للوحدة الادارية ذاتها و والوزارات والمؤسسات المركزية في كوردستان بقانون.
المادة: 144
يكون لمركز كل محافظة وقضاء وناحية وكل قرية عدد سكانها ثلاثه الاف نسمة أو أكثر بلدية يديرها مجلس بلدي منتخب يتولى تقديم الخدمات العامة لمواطنيها بموجب القانون.
المادة: 145
أولاً: تتمتع المجالس المحلية والبلدية بالشخصية المعنوية.
ثانياً: يكون لكل وحدة إدارية أو بلدية ميزانيتها المستقلة.
المادة: 146
يراعى في تشكيل المجالس المحلية والبلدية التمثيل العادل للقوميات المتواجدة ضمن الوحدة الادارية أو البلدية. وينظم ذلك بقانون.
ولكن من الواضح فإن إقرار قانون لحكم ذاتي للمسيحيين ( من الكلدان والسريان والآشوريين ) القاطنين في أقليم كردستان ، سيشكل غطاءاً قانونياً في وثيقة مهمة معروفة بالعقد الأجتماعي وهي وثيقة دستور الأقليم ، لاسيما وإن الفقرة الثانية من المادة السادسة تجيز مثل هذا القانون حيث ورد فيها :
ثانيا ً: لسلطات الاقليم تنظيم حقوق المواطنه في الاقليم بقانون.
إن مثل هذا الغطاء القانوني ( الحكم الذاتي ) ، يضع حداً للأجتهادات والتخمينات والتكهنات والأقاويل التي تتحدث عن مصادر وآلية وكيفية صرف مبالغ لأعمار قرانا وكنائسنا المسيحية في منطقة أقليم كردستان ، ومن الأفضل ان تتسم مثل هذه الأمور بالمكاشفة والصراحة والشفافية لوضع الحد لكل التقولات التي تثار حول هذه المبالغ .
النقطة الأخرى المثارة في هذه المقابلة هو موضوع التسمية على اعتبار ان الدستور المذكور قد قسم شعبنا الى شعبين .
في نفس السياق كانت السيدة كلاويز شابا عضوة برلمان أقليم كردستان وقيادية في الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) ، تعترض على المادة السادسة بقولها : ( نحن ) نريد ان تكون تسميتنا الكلدواشورية بدلاً من الكلدان والآشوريين ... من هذا التصريح فإن السيدة كلاويز شابا تعود بنا الى المربع الأول أي الى نقطة البداية .
ونحن بدورنا لقد تعبنا وأتعبنا القراء الكرام في موضوع التسمية ، وتوصلنا الى نتيجة مفادها أن كل تسمية لها جذورها التاريخية ، وإن ثمة روابط وشائجية بين أفراد كل تسمية وكل منهم له طموح في تحقيق الشخصية والذات . وينبغي احترام الجميع دون فرض وصاية على أحد .
إلا ان السيدة الفاضلة كلاويز شابا تأبى أن تخاطبنا بغير منطق القطيع ، فهي قد وضعت نفسها وصية على الآشوريين والكلدان وغيرهم ، لتقول ( نحن ) نريد تسمية كلدواشورية بدلاً من غيرها . سؤالي للسيدة كلاويز شابا :
هل يقبل الآشوريون بهذه التسمية ؟
وما بالها لم تستشير الكلدانيون ، أم ان الكلدانيين غير مؤهلين للأستشارة ، وليس هناك غير منطق القطيع للتعامل معهم ؟
وتفرعات السؤال ماذا عن السريان ؟ ما هو موقعهم من الأعراب ؟
وآخر تفرعات السؤال ،هل الحركة الديمقراطية الآشورية تقبل بهذه التسمية للآشوريين ، وإن كان كذلك لماذا أبقت الحركة اسمها الآشوري ولم تلتفت الى التسمية الكلدواشورية في حين هذه الحركة هي التي اوجدت هذه التسمية ؟
نعود الى المقابلة مع السيد سركيس آغاجان يقول : نحن مع التسمية المركبة ـ الشعب الكلداني الآشوري السرياني ـ لضمان وحدة شعبنا .
إن التسميات الثلاث كانت جزءاً من حضارة العراق العظيمة وهي تمثل هويتنا وانتمائنا وتحمل في طياتها ملامح هويتنا الأثنية والثقافية واللغوية والدينية ، إن الدستور هو العقد الأجتماعي للتبشير بالديمقراطية ، وهكذا عكفت الحكومة الكردية على انتهاج منهج احترام مشاعر كل الأقليات القاطنة في هذا الجزء من الوطن العراقي .
إن النهر الخيّر لشعبنا يقف على ضفتيه تقاطعات حادة للرؤى ، في هذه الضفة يقف أبناء من كلدان وسريان وآشوريين معتدلين يرمون الى احترام تسميات شعبنا دون استعلاء وتمييز ، وعلى العدوى الأخرى من هذا النهر يقف الخطاب الآشوري الأقصائي المتعصب الذي يفهم من الشراكة الخضوع والتنازل والرضوخ للخطاب الآشوري ، ويقسم شعبنا الى أسياد وهم الآشوريين والعبيد وهم الكلدان والسريان .
إن تسمية الكلدان يعترف بها جميع مكونات الشعب العراقي من أكراد وعرب وأرمن وسريان وتركمان ويزيدية وغيرهم ما عدا غلاة الفكر الآشوري لا يلفظون كلمة كلداني ، وفي سعيهم الحثيث فإنهم يعملون على دفن اللهجة الكلدانية الحية التي يلهج بها في مدننا وقرانا القوش تلكيف باطنايا باقوفا تلسقف .. الخ ويحيون لغة ميتة غير موجودة ، إن هذه المحاولات تجري في قناة عشتار ( الآشورية ) التي تعمل على دفن هذه اللغة الحية في وضح النهار .
في دمقرطة الخطاب وتصفية النفوس والقلوب ونبذ الأفكار الشوفينية والشمولية والتعامل الشفاف والأحترام المتبادل لكل تسميات شعبنا دون استعلاء ، هي المقدمات الفعلية للتقارب ولمد جسور التفاهم ، فالوحدة لا نريدها ان تكون شكلية محصورة في متاهات الأقوال ، إنما ينبغي ان تبنى على ركائز متينة في واقع الأفعال .
ونامل أن تكون هذه البادرة الخيرة لبنة مباركة في بنيان صرح وحدتنا المنشودة ، وعلى ركائز متينة من المفهومية والشفافية والأحترام المتبادل بين أبناء شعبنا الواحـــد .