نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حبيب تومي

 

 

 

 

الثلاثاء 31 /1/ 2006

 

 

 

العراقيون المسيحيون والحكم الأسلامي في العراق

 

حبيب تومي / اوسلو

لقد كان العراق قبل حوالي 1400 سنة من الناحية الدينية بلد تقطنه اغلبية مسيحية كاسحة ، وكان يمكن اعتباره بلد مسيحي من حيث المعتقد الديني ، إذ كان الى جانبهم اليهود ومعتنقي ديانة زارادشت وعابدي الأوثان من السكان المحتفظين بدياناتهم القديمة من الآشوريين والكلدانيين ومعتقدين بالآلهة اليونانية للحضارة الهلينية ممن خلفتهم حروب اسكندر المقدوني والملوك السلوقيون من بعده .
لقد كان العراقيون المسيحيين يدافعون عن بلادهم وعن استقلالهم ضد المحتلين من الفرس واليونانيين والرومان والعرب المسلمين والعثمانيين .
كان الغزو العربي الأسلامي والمعروف بالفتح العربي الأسلامي [ التاريخ الذي يكتبه المنتصرون هو الصح الأبدي ]، له اهداف دينية وقومية واقتصادية ، فقد فرضت على العراقيين ضرائب باهضة لم تكن تختلف بشئ عن التي كانت مفروضة عليهم أبان الأحتلال الساساني قبلهم ، ثم فرض على اهل البلاد تغيير دينهم الى دين الفاتح المنتصر الجديد ، وتغيير لغتهم الآرامية الى اللغة العربية المنتصرة .
ان هذه الظروف القاهرة التي المّت بالعراقيين من المسيحيين وغيرهم ، قد وجدوا سبيل الأنخراط في الدين الجديد [ الأسلامي ] منفذاً للخروج من مأزق الظلم الذي تعرضوا له ، وكان هذا السبب في تحول الكثير من العراقيين من المسيحية واليهودية والديانات الأخرى الى الدين المنتصر وهو الدين الأسلامي ، وكانت الكفة تسير باستمرار الى صالح التحول الى الدين الجديد حيثما بقيت واستمرت تلك الأحكام والقرارات العنصرية الجائرة ، من جهة اهانة كرامة الأنسان العراقي ومحاربته في حريته ومعتقده ورزقه .
ان هذا الواقع الذي استمر الى اليوم ومنذ حوالي 1400 سنة ، قد افرز واقعاً اليماً بالنسبة للأنسان العراقي المسيحي الذي لم يقبل بالدين الأسلامي .
(( ما اشبه اليوم بالبارحة ها هم العراقيون المسيحيون يتعرضون الى ابشع انواع الظلم والأضطهاد في ظل حكومة اسلامية تدعمها قوات اميركية وميليشيات حزبية )) .
انها حملة لالغاء او تعتيم على حضارة عراقية اصيلة تمتد الاف السنين قبل الميلاد ، والغاء الفترة الممتدة بين انتشار الدين المسيحي في ربوع بلاد الرافدين الى حين ظهور الدين الأسلامي على الخارطة العراقية ، لا بل ان هذا الأمتداد الثقافي الحضاري المسيحي امتد وأثر وتأثر حتى بعد سيادة الدولة الأسلامية [ الحكم العباسي ] على العراق . لكننا نرى ترويج لثقافة مفادها ان تاريخ العراق ابتدأ مع التاريخ الأسلامي ، ويتم التعتيم على حضارة العراق القبلأسلامية .
تفكير سليم للعراقيين المسيحيين
العراقيون المسيحيون لا يريدون اعادة التاريخ القديم ولا يحلمون بخيال تنصير ملايين المسلمين العراقيين ولا بالعودة الى اللغة الآرامية ، ولا بتشكيل حكومة مسيحية دستورها الأنجيل المسيحي ، انما يطمح هؤلاء بتشكيل حكومة ديمقراطية علمانية ، تنظر الى كل الأديان والمعتقدات بعيون انسانية متساوية لا تتأثر بدين او بمذهب الأكثرية او الأقلية القوية ، تضمن حقوق الأفراد بالتساوي بقطع النظر ان كان المواطن مسلماً او مسيحياً او يزيدياً او مندائياً او يهودياً او ملحداً .
ان التفكير السياسي للعراقي المسيحي هو الأعتماد على الهوية العراقية باعتبارها هوية وحيدة لاستلام الحقوق وتأدية الواجبات وهي الدوحة العظيمة الوحيدة التي تشمل كل التنوع العراقي بفسيفسائه الجميل .
إننا ندعو المستنيرين من المفكرين العراقيين ومهما كانت دياناتهم ومعتقداتهم الى العمل يداً واحدة من اجل ان يبقى العراق للعراقيين جميعاً ، وأن يسود التفاهم والوئام بين مختلف مكوناته ونضع حداً للعدوانية والوحشية بين ابناء العراق الواحد .
الصحيفة الدانماركية والكنائس العراقية
المؤسف ان ينبري من يبرر تفجير الكنائس العراقية ، ويربط هذا الموضوع بما نشرته الصحيفة الدانماركية الغبية ، ان الصحيفة كتبت ما كتبته وهي المسؤولة عن فعلها الغبي ، وما هو الذنب الذي اقترفه العراقيون المسيحيون لكي ينزل بهم هذا العقاب .
ان مملكتي الدانمارك والنرويج فيهما جاليات اسلامية كبيرة ، وتتمتع هذه الجاليات بحقوقها كاملة ، وابناء الجاليات الأسلامية متساوون في الحقوق مع المواطن الدانماركي والنرويجي على حد سواء ، وأن ابناء هذه الجالية قد قدمت الى هذه البلاد من اجل العمل ومنهم من لجأ اليها هارباً من ظلم الحكومات الأسلامية في بلاده .
ان هاتين الدولتين وغيرهما من الدول الأوروبية ، هي دول علمانية غير دينية أي ليست مسيحية ، وإن الصحيفة التي كتبت عن نبي الأسلام تكتب عن الأديان الأخرى ومنها عن الديانة المسيحية ، من هنا ان هذه الصحيفة او غيرها لا تمثل ديانة معينة ، ولا نستطيع اعطائها الصفة المسيحية بأي حال من الأحوال ، ثم ما هي الوشيجة التي تربط هذه الصحف بالكنائس العراقية ، لكن يبدو :
( ان ابي لا يقدر إلا على أمي ) .
ان العراقيين المسيحيون في هذه الحالة سيبقون كبش فداء لتصفية حساب مع اية جهة عالمية . اينما يساء الى الدين الأسلامي فستكون الكنائس العراقية معرضة الى التفجير والتنكيل ، انه منطق لا يقبله العقل .
ان الدين الأسلامي الذي يدين به اكثر من مليار انسان لا يمكن ان ينحدر الى هذا المستوى من معاقبة الأبرياء .
ان المسيحيين يعيشون في وطنهم العراق ويتحتم على الحكومة العراقية ، ومهما كانت توجهاتها ، ان تحافظ على ابنائها العراقيين سواء كانوا مسيحيين او مسلمين او غيرهم ، انها بديهية طبيعية يجب ان نرى تطبيقها على ارض العراق .