| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حبيب تومي

habibtomi@chello.no

tomihabib@hotmail.com

 

 

 

الخميس 30/10/ 2008



كلمة رثاء للصديق المرحوم سالم اسطيفانا

حبيب تومي / اوسلو

كان خبراً محزناً ذلك الذي طرق اسماعنا بوفاة الصديق سالم اسطيفانا . من غريب الصدف وأنا اكتب عن تلك المرحلة التي التحقنا بها في صفوف الثورة الكردية ، وكان ذلك في العقد السابع من القرن الماضي ، وفي فقرة فيها بدأت اسرد ممن تحضرني اسماؤهم من الذين ساهموا بالثورة في تلك الفترة ، وذكرت من وافاهم الأجل ومن الذين لا زالوا على قيد الحياة في دول المهجر او في الوطن لا سيما في القوش ، وذكرت الصديق سالم اسطيفانا وأشرت على اسمه بانه يعيش مع عائلته في القوش ، وبعد سويعات معدودات وأنا أتقلب اخبار شعبنا في مواقع الأنترنيت ، فوقع نظري على النبأ الحزين بوفاة الصديق سالم اسطيفانا .
إن كل من تعرف على سالم سيعلم الكثير عن الجانب البارز من شخصيته وهو قضاء ردح كبير من حياته في سوح النضال والكفاح .
إن سالم اسطيفانا ينتمي الى عائلة القوشية أصيلة اشتهرت بعطائها ومواقفها النضالية الثابتة ، وكنت على علاقة من الأخوّة والصداقة مع هذه العائلة الكريمة ، ولا سيما الصديقين سعيد ونجيب منذ فترة الدراسة المتوسطة والثانوية ، أما المرحوم سالم فقد تعززت معرفتنا وصداقتنا بعد التحاقي بالثورة الكردية مع توما توماس .
لقد كان سالم إنساناً هادئاً رصيناً شجاعاً ، كل ما يحمله من رصيد من متاع الدنيا هو تاريخ نضاله ، فلم يكن يطمح الى جمع الثروة والمال بقدر ما كان يصبو الى تحقيق اسباب المعيشة له ولعائلته فحسب .
لكن محور حياته وجل تفكيره كانا يدوران في حلقة النضال والكفاح في سبيل الشعب ولم يكن ثمة امراً مهماً يشغله عن هذا الجانب المحوري من حياته .
في مطاوي 1964 ـ 1965 كانت عائلتي قد شردت من القوش نتيجة ملاحقة السلطة لأقارب كل من كان ملتحقاً مع توما توماس ، وفي فترة المفاوضات كنا نزور الأصدقاء في القوش وبعد ذلك نعود للمبيت في بيتنا . إن هذه الفترة قد عززت من معرفتنا وصداقتنا ورأيت في سالم إنساناً سهلاً بسيطاً لا يتشبث برأيه في المناقشات ، وغالباً ما كان يحدثني عن الملاحقات التي كان يتعرض لها بسبب مواقفه السياسية وأفكاره ، وعن تجربته بهذا الصدد كان يقول :
إن افضل مكان للاختفاء عن عيون السلطة هو الأحتماء بالدوائر الحكومية ، ويضيف انه كان يذهب الى بعض الدوائر المزحمة بالمراجعين ويبقى هنالك ينتظر وكأنه مراجع ينتظر دوره ، في حين انه اسمه كان قبل ايام قد نشر في الجرائد على انه من المطلوبين .
بعد عام 1968 حينما نزلت الى بغداد وكان هنالك بعض الأنفراج في الأوضاع ، زارني المرحوم سالم في الدكان الذي كنت املكه في منطقة السعدون وباركني على الزواج ، ثم طلبت منه ان يتزوج هو ايضاً لا سيما وهو اكبر مني بحوالي عشر سنوات . فقال لي : كيف اتزوج في هذه الظروف ، وإنه ينتظر تحسن الظروف ليقدم على الزواج .
فقلت له إن أنتظرت تحسن الظروف لاسيما السياسية منها يا أخي سالم ، سوف تبقى طول عمرك دون زواج ، فعجلة التغير ، ولا اقول التطور ، عندنا تسير نحو الأسوأ في المحصلة النهائية ، فتزوج اليوم أخي سالم افضل لك من الغد . وفعلاً كانت عجلة التطور في العراق إن صح التعبير تدور دائماً نحو الأسوأ .
لقد سافر سالم الى القوش وهو عاقد العزم على الزواج ، فكان له ماشاءالله من البنين والبنات وكوّن عائلة كريمة محترمة . ولعل موقف الألاقشة من ابنه النبيل آزاد يوم نقل الى مستشفى في الموصل وتهافت الشباب الألاقشة لهذا المستشفى للتبرع بالدم كان دليلاً على محبة هؤلاء الشباب واعتزازهم بشخص الشاب المؤدب آزاد وعائلته الألقوشية الكريمة .
في سفرتي الأخيرة الى القوش طلبت من صديق الطفولة نوئيل عوديش ان نقوم بزيارة لهذه العائلة ، ولكن في نفس الفترة صادفت الأخ سالم في الجمعية الثقافية وتصافحنا هناك ، وكان يبدو عليه التعب وثقل السنين .
أجل إنها السنون التي لا ترحم ولا تفرق بين الغني والفقير ، بين الملك والشحاذ ، بين العالم والجاهل ، بين السعيد والتعيس ، إنه الموت الذي يساوي في حكمه لكل المخلوقات . ماذا نفعل إن كانت لحظة الموت مكملة للحظة الولادة بعد وجود مؤقت على اديم هذه الأرض ؟
إنه الموت المتربص بالأنسان في كل لحظة ، انه الزائر المباغت الداخل دون استئذان الذي غيب صديقنا سالم اسطيفانا .
نقدم التعازي القلبية لولده آزاد ولكل افراد العائلة الكريمة وللاصدقاء الأعزاء سعيد ونجيب وعزت ، ولجميع آل اسطيفانا الكرام .
ونتضرع الى الرب ان يتغمد المرحوم بوافر رحمته ويسكنه فسيح جناته ، ولكم جميعاً الصبر والسلوان .

 

free web counter