| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حبيب تومي

habibtomi@chello.no

tomihabib@hotmail.com

 

 

 

الخميس 29/5/ 2008



قراءة في كتاب الأستاذ مسعود البارزاني :
البارزاني والحركة التحررية الكردية
1

حبيب تومي / اوسلو

وصلني عن طريق صديق ، الجزء الثالث من كتاب الأستاذ مسعود البارزاني الموسوم " البارزاني والحركة التحررية الكردية " لكن قبل ذلك كنت مقتنياً من دمشق الكتابين الجزء الأول والثاني لهذا الكتاب الصادر عن دار كاوا للثقافة الكردية الطبعة الثانية لسنة 1997 بيروت .
لقد شئت في وقتها ان اقدم قراءة نقدية للكتاب الثالث حيث كنت في تلك المرحلة في صفوف الثورة الكردية ولمدة تنيف على الخمس سنوات ، لكن هذه القراءة ستكون منقوصة الفائدة دون التطرق الى الجزء الأول والثاني من هذا الكتاب .
الكتاب بمجمله وأجزائه الثلاثة والذي يغطي فترة تقارب القرن من الزمان ، يعد مصدر هام لمن يبحث في التاريخ المعاصر للشعب الكردي ، وبتقديري أن كتاب :
البارزاني والحركة التحررية الكردية سيكون بمنزلة كتاب شرفنامة لمؤلفه شرف خان البدليسي في اهمية المعلومات وغزارتها في مرحلة هامة من التاريخ المعاصر للشعب الكردي . فالكتاب بحق يلقي اضواء كاشفة على زوايا وأركان من القضية الكردية المعقدة ، والتي كان خصومها غالباً ما نعتوها بالحركة الأنفصالية او تمرد عشائري او عصيان قبلي او انها حركة عميلة للاجنبي وهلم جراً ، وبقي الملف الكردي يشغل حيزاً كبيراً من المشهد السياسي العراقي والأقليمي والدولي ، ونظرة حيادية الى واقع الشعب الكردي تبين بأن هذا الشعب الذي بلغ تعداده عشرات الملايين من البشر لم يُنصف له في ان يكون له حق تقرير المصير اسوة بالشعوب الأخرى في المنطقة ، وهكذا كانت قضية الشعب الكردي من الملفات الساخنة والتي لها حضور عبر العقود المنصرمة .
كان الأستاذ مسعود البارزاني الرجل المؤهل للكتابة عن هذه المرحلة لكونه أقرب رجل الى قائد الثورة الكردية الراحل ملا مصطفى البارزاني وعاش ظروف هذه المرحلة التي كان يغلب عليها طابع الظلم والحرمان والعنف ، وهو في بحثه هذا قد استند بشكل كبير على الوثائق التاريخية الهامة التي ارتبطت بمسيرة الثورة عبر هذه العقود .
يحمل الجزء الأول من كتاب " البارزاني والحركة التحررية الكردية " بين دفتيه 488 صحيفة مقسمة الى ثمانية عشر فصلاً ، وأهم ما في الكتاب ان كل فصل يعقبه مجموعة من نسخ الوثائق الأصلية المصورة مع ترجمتها او كتابة بالحروف المطبعية ، مع هوامش وتوضيحات وافية عن الشخصيات والمدن في نهاية كل فصل ، ويغطي هذا الجزء من الكتاب حقبة زمنية تمتد مساحتها بين الحرب الكونية الاولى الى المسيرة

في الصورة الشيخ عبد السلام البارزاني في الوسط وعن يمينه سليمان بك الراوندوزي وعن يساره كاتبه احمد عبدالخالق العقراوي .
الواقفون من اليمين الى اليسار : ميرخان سم ، مصطو هفليري ، سعيد فقي عبد الرحمن ، علي محو ، عبد الله كَور ، ملا جوج ، ملا ابو زيد ، شرو خزيران ، شيخ ملا بله يي ( تحقيق الأصل بمساعدة صالح محمود البارزاني ) عن كتاب مهد البشرية ص 14

التاريخية المعروفة التي سلكها ملا مصطفى البارزاني ورجاله الشجعان الى اراضي الاتحاد السوفياتي السابق عام 1947 .
يبدأ المؤلف ببحثه عن الثورة الكردية الى الحرب الكونية الأولى والمعاهدات التي ابرمت والتي كان لها علاقة بمصير الشعب الكردي ومنها معاهدة سيفر التي كان فيها بنود مشجعة لتحقيق آماله ثم برزت مطالبة تركيا في ولاية الموصل واستخدمت في وقتها القضية الكردية كورقة ضغط على تركيا . وحينما وقعت

الشيخ احمد البارزاني ويقف خلفه مرافقه علي محي بارزاني في انقرة عام 1933

معاهدة لوزان كانت بمثابة الموضع الذي وئدت فيه آمال الشعب الكردي في نيل حقوقه في ظل المظلة الدولية .
من المعروف ان المجتمع الكردي هو من المجتمعات العشائرية وكان لعامل العشيرة دوره الفعال في حراك الشعب الكردي في مختلف مراحلة ، وفي المرحلة التي نحن بصددها كانت العشيرة البارزانية قد حملت على كاهلها قسط كبير من تلك المعاناة والمسؤولية وكان بادئها هو الشيخ عبد السلام الذي توفي عام 1872 ثم حفيده عبد السلام الذي اعدمته السلطات العثمانية في مطاوي عام 1914 . وفي عهده ارتضى كل البارزانيون على الأرتباط بمشيخة البارزان واصبحت العشائر التالية متفقة على زعامته ، وهي :
شيرواني ودولومري ومزوري وبه روجي ونزاري وكَه ردي وهركي بنه جي ومنذ ذلك الوقت اصبحت تسمية البارزاني تشمل ابناء هذه العشائر .
في فصل آخر يتطرق المؤلف الى ثورة الشيخ محمود الحفيد في السليمانية وتأثيرها على مسيرة الشعب الكردي ، وفي نفس الفصل يتطرق الى المعارك التي حدثت في وقتها مع الآثوريين بقيادة آغا بطرس والتي قتل فيها سعيد ولي بك احد قادة البارزانيين المشهورين ، ويقول :
ما لبث الطرفان ان أدركا الخطة الخبيثة التي وضعها الأنكليز وأنتهى القتال ، ويضيف لا يمكن ان ننسى موقف المار شمعون المشرّف الذي وفر الملجأ المناسب للشهيد الشيخ عبد السلام البارزاني عام 1907 م .
كانت هناك ثورة الشيخ احمد البارزاني والى الهجومات التي تكررت على منطقة بارزان ويذكر المؤلف المعارك التي وقعت في هذه الفترة ، وفي هذه الفترة ايضاً لجأ الشيخ احمد البارزاني مع عوائل بارزانية الى تركيا وكان ذلك 10 / 6 / 1932 م ، وفي ربيع 1933 سلمت السلطات التركية الشيخ احمد البارزاني للسلطات العراقية واستطاعت الحكومة العراقية بتدبير نفي وإبعاد قسري للقيادة البارزانية الى الموصل ثم الى بغداد وبعدها الى الناصرية والبصرة ومن ثم الى السليمانية ومنها سوف يعود ملا مصطفى البارزاني الى بارزان وذلك عام 1943 وسوف تبدأ مرحلة جديدة من الكفاح اطلق عليها المؤلف اسم ثورة البارزان 1943 ـ 1945
ويقول الأستاذ مسعود البارزاني بأنه في هذه المرحلة كانت هناك مساعي من اعداء الثورة الكردية لأبرازها وكأنها موجهة ضد العرب وضد العراق ، فأصدر البارزاني نداءه للشعب العراقي يقول فيه :
إنني لم ولن أحارب الشعب العراقي ، هذا الشعب الذي انتمي اليه ، إن نضالنا هو ضد الأستعمار وعملائه ، ضد أولئك الذين امتصوا دماء شعبنا العراقي وداسوا بأقدامهم سيادة الوطن ومصالح الشعب .
وفي ص61 يكتب الأستاذ مسعود البارزاني عن قصة جرت في ديوان كاك مامند مفادها ان الحكومتين العراقية والأيرانية خصصتا مبلغ 50 ألف دينار لمن يلقي القبض على ملا مصطفى ، وجاء قرني آغا الى الديوان حيث يجلس البارزاني ولكنه لا يعرف شخصيته وهو يحث كاك مامند لتسليم البارزاني للحكومة للفوز بالجائزة الثمينة لكن كاك مامند أجابه :
إن الذي يلقي القبض على البارزاني لم تلده امه بعد . ( إن هذه الحادث قد اعيد ذكره في الفصل التالي ص 80 ) .
ويشير المؤلف الى ان ظروف الحرب العالمية الثانية وكيف ان بريطانيا اوعزت الى الحكومة العراقية بضرورة التفاهم مع القيادة الكردية بغية وضع حدد للأقتتال إذ ان بريطانيا كانت تخشى من توسع نطاق الثورة ونفوذها وهي تريد تعبئة الجهود لمسيرة الحرب ، وهكذا الف نوري السعيد في أواخر عام 1943 وزارة جديدة وكان فيها 3 وزراء من الأكراد وبادرت الوزارة مهمتها في التفاوض مع الاكراد وعين ماجد مصطفى وزيرا للدولة محتص بحل المشكلة الكردية . وقد اتخذت الحكومة جملة قرارات كانت في صالح الأستجابة للمطالب الكردية وكان الشيخ احمد ومرافقيه وعوائلهم مبعدين في الحلة فسمح لهم بالعودة الى مسقط رأسهم في بارزان . وكان ذلك في 12 / 2 / 1944 م .
في هذا الجزء من الكتاب يورد الكاتب تفاصيل كثيرة عن ثورة 1945 حيث كانت وقتئذٍ وزارة الباجه جي المتشددة فأنذرت الملا مصطفى البارزاني بوجوب تسليم نفسه للسلطات الحكومية وهددت رؤساء العشائر بأقسى العقوبات ( ص 125 ) إن هم تحالفوا مع البارزاني وأعلنت الأحكام العرفية في 19 / 8 / 1945 في لوائي اربيل والموصل ثم اعلن سريانها في منطقة بارزان وأقضية راوندوز وعقرة وعمادية ودهوك .
ثم تحركت القوات العراقية للهجوم على المنطقة واندلعت معارك كبيرة في جبهات العقرة وبالندا والعمادية ومناطق اخرى ورغم بسالة الثوار في هذه المعارك لكن الحكومة عرفت من اين تأكل الكتف ، حيث استطاعت إمالة رؤساء العشائر بعد إغارئهم بالمال وتأليبهم لمحاربة الثورة ، وبدلاً من ان يقف هؤلاء مع خط الثورة القومية انقلبوا عليها من اجل حفنة من الدنانير ، لا شك ان مفاهيم الثورة لم تكن بمستوى النضوج الذي يتعين فيه ان ان تكون الرابطة القومية اقوى من الرابطة العشائرية .
ويشير الأستاذ مسعود البارزاني في الفصل الثامن بإن البارزاني حينما شعر ان الأقتتال اصبح داخلياً بين فصائل كردية آثر الأنسحاب ، فأصدر اوامره بالأنسحاب الى الحدود الأيرانية بشكل منظم وبعدها يتم إخلاء المنطقة من العوائل .
يليها الحلقة الثانية



 


 

Counters