| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حبيب تومي

 

 

 

 

الأحد 15 /1/ 2006

 

 

 

نأمل ان لا تتورط حركة الزوعا في متاهات تقويض كنيسة المشرق

 

حبيب تومي / اوسلو

مقدمة
الأب الدكتور يوسف حبي ، رحمه الله ، كان يفضل تسمية ( كنيسة المشرق ) للدلالة على كنيسة بلاد ما بين النهرين وامتداداتها التاريخية . وهذه التسمية تزيل الألتباس الحاصل من تسمية كنيسة الشرق التي يراد بها كنائس القدس وانطاكية واالأسكندرية والقسطنطينية ( بيزنطية ) وكنائس الكتلة الأشتراكية سابقاً ، وهذه الكنائس ليست مشرقية بالمعنى الدقيق والحصري كما يذكر الدكتور يوسف حبي طيب الله ثراه . والذي يضيف ايضاً :
ان التسميات مهما كان نوعها وأصلها تظل اموراً ثانوية نسبة الى الوحدة الأساس التي تجمع اعضاء كنيسة المشرق في جسد واحد رأسه المسيح الواحد ، ولكل عضو موقعه من الجسد ... وفي هذا المقال نعني بكنيسة المشرق : كنائسنا الكاثوليكية الكلدانية والمشرق الآشورية والشرقية القديمة والسريانية الأرثوذكسية ...

الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا )
حزب سياسي عراقي ، ويعتبر من الأحزاب السياسية العقائدية التي تتميز بتنظيمها الحديدي ، وتشكل مركزية التنظيم عقداً مهماً في كبح جماح اية حركة انشقاقية داخلية ، لكن من تجارب الأحزاب العقائدية هذه ، ان بلوغ النصر ومرحلة اقتسام المكاسب ، أي ما يعرف بتقسيم جلد الدب المصطاد ، غالبأً ما تطفو على السطح الصراعات المكظومة . ونتمنى لهذه الحركة التماسك ووحدة الصف في كل الظروف .
في اعقاب سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003 نزل مسلحو هذه الحركة من مقراتهم في كردستان الى مدن وقصبات عراقية بضمنها مدننا وقرانا الكلدانية والسريانية ، وقد رحب ابناء شعبنا بقدوم هذه الحركة ، وكان ثمة تعاطف معها ، لا سيما وإن الساحة السياسية كانت شبه خالية من اية تنظيمات سياسية .
اضافة الى ذلك فإن الكنيسة لم تتوانى في التعاطف مع هذه الحركة ، وتعضيد خطواتها يحدوها الأمل في جمع شملنا على الأقل على النطاق السياسي والقومي ، وكان تأييد الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية بثقلها الديني والأجتماعي والسياسي لخيار الحركة في التسمية المركبة ، الكلدواشورية ، وذلك حرصاً من هذه الكنيسة على توحيد الصفوف بالرغم من افتقار المصطلح المركب للخلفية التاريخية ووعدم موضوعيته وصعوبة تطبيقه على ارض الواقع .
لكن مع مرور الأيام تبين ان الحركة الديمقراطية الأشورية ارادت الأستفراد بالساحة السياسية مع الأعتراف بالأحزاب الآشورية الصغيرة ، ولكن بوضع تابو على الأحزاب الكلدانية وعدم السماح بأن تتبوأ مكانها الطبيعي بين جماهير شعبنا . ناهيك عن المحاولات والتي لا زالت قائمة في طمس الهوية الكلدانية والأبقاء على الهوية الآشورية .

البداية مع الكنيسة الكاثوليكية
في الأطار التفسيري للحقيقة المجتمعية وتجريدها وتأويلها الى ما يتلائم وقناعاتها ، بدأت الحركة الديمقراطية الآشورية وبفضل نفوذها في الأوساط الحاكمة ، حاولت تمرير التسمية الآشورية لوحدها ، وبالمقابل صمم الكلدان على تثبيت هويتهم في الدستور ، وتجاوبت الكنيسة الكاثوليكية مع شعبها ، فكان تثبيت الكلدانية كقومية منفصلة في الدستور .
من هنا كانت الحملة التي عرفت بنداء الى الآباء الروحانيين للكنيسة الكاثوليكية الكلدانية ليقوموا بدور معين ضد رأس الكنيسة ، والى شرذمة الكنيسة وتقسيمها الى اوصال مشتتة .
وقد حشدت حملة لجمع التواقيع لتأييد هذه الحملة التي كانت اشبه ما تكون دعوة الى التمرد او العصيان ضد الكنيسة ، وبالذات ضد رأس الهرم الكنسي .
لكن التنظيم الفولاذي المتماسك لمؤسسة الكنيسة الكاثوليكية للشعب الكلداني ، قد احبط هذه المحاولة وهي في مهدها . دون ان يكون لها أي صدى او تأثير في الأكليروس الكنسي او في الوسط العلماني .
ويتحتم علينا ان نجيب على سؤال مداره :
ولماذا حركة الزوعا بالذات ؟
والأجابة :
ان معظم او جميع الموقعين من القوش مثلا كانوا من المتعاطفين مع حركة الزوعا او المجلس الكلدواشوري التابع لها او احدى تنظيماتها الأجتماعية او الثقافية التي تمولها الحركة ، اما المستقلين الذين وقعوا على تلك المذكرة كان توقيعهم بعد اتصال اعضاء من تنظيم الزوعا معهم وحثهم على التوقيع .
ومن هنا فإن الحملة كانت من تحت ابط الحركة الديمقراطية الآشورية وفق كل المعطيات المتوفرة .

المحاولة الأخيرة
هذه المرة يحدث التململ او التعثر في صفوف كنيسة المشرق الآشورية التي يقف على رأس هرمها التنظيمي قداسة البطريرك مار دنخا الرابع ، ويتضح مما نقرأه في المواقع وما نسمعه في غرف البالتوك ، ان الحركة الديمقراطية الآشورية تستثمر هذه الحالة وتؤججها ، وذلك بتفعيل زيارة البطريرك مار دنخا للسيد مسعود البرزاني ، وبدعوى ان انشطار الكنيسة يصب في مصلحة وخدمة الوحدة القومية ، ان الأنتقال الى احدى غرف البالتوك يتضح لنا خطاب واضح بتورط الحركة الديمقراطية الأشورية بصورة وأخرى في المساهمة في تمزيق وحدة الكنيسة الآشورية والتي يرأسها نيافة البطريرك مار دنخا .
لقد كانت الحملة الأولى التي دشنتها الحركة ضد الأكليروس الكاثوليكي هو بحجة تثبيت الكلدانية في الدستور ، وفسر من قبل منظري الحركة على ان ذلك هو خطوة على طريق الأنفصال وتمزيق الأمة .
واليوم تفسر زيارة البطريرك مار دنخا للسيد مسعود البرزاني على انها خيانة للشعب الآشوري ..الخ وهكذا نقرأ ونسمع ما ينشر على المواقع من نشر الغسيل لاسيما ما يخص الأمور الداخلية للكنيسة والتي ينبغي ان لا تخرج من تحت سقف المؤسسة الكنسية ، لكننا نسمعها وهي تذاع على الهواء وبأساليب رخيصة بعيدة عن الذوق العام وعن الأسلوب الحضاري .

اوهام اديولوجية حول دور الكنيسة
الحركة الديمقراطية الآشورية حركة سياسية قومية علمانية ، والاستقراء في خطاب الحركة السياسي يشير بجلاء الى مساعي الحركة في ازاحة او تحجيم دور الكنيسة السياسي ، وهذا الخطأ ترتكبه هذه الحركة إذ تضع كنيسة المشرق [ انظر المقدمة ] بمصاف الكنيسة الأوروبية في القرون الوسطى التي كانت حجر عثرة امام التقدم الحاصل وقتئذٌٍ ، ناسية او متناسية ان كنيسة المشرق هي لحد اليوم كنيسة مضطهدة [ بفتح الطاء ] ولم تصل الى ان تكون مضطهدة [ بكسر الطاء ] .
والخطأ الآخر هو تحميل الكنيسة جريرة تقسيم شعبنا الى مذاهب ، ان الذي يحسب هذا الحساب الساذج يكون قد اهمل التاريخ كلياً ، ويكون كمن يعاتب ويعاقب [ الضحية ] ، ان كان لا بد من تحميل كنيسة المشرق جزءاً من المسؤولية في تشرذم كنائسنا ، فإن العودة الى التاريخ يكشف لنا كم قاست هذه الكنيسة من التدخلات والتجاوزات ، وكم وضعت في مرمى الأهداف السياسية والعسكرية من قبل المنتصرين والمهزومين في الحروب التي كان تتواتر على المنطقة .
في الراهن يتجلى وضع الفكر القومي في مصاف المقدس ، كما ان النزوع الى رفض الأعتراف بصيرورة كنائسنا وخصوصياتها وتمرير قناعة مؤداها ان الكنيسة تمزق الوحدة القومية ، وهي حجر عثرة لتحقيق الوحدة ، وتحميل الكنيسة مغبة الأنقسام ، كل ذلك يفتفر الى التحليل الموضوعي والواقعي للامور .
ان الأعتقاد الذي يقول ان ازاحة الكنيسة عن الطريق يصب في مصلحة العمل القومي والوحدة القومية ، فإن هذه الفرضية لا تصمد امام الواقع ، فالعمل القومي يمكن سلوكه دون ازاحة الكنيسة او محاولة إضعافها .
ومن هنا اقول مخلصاً :
ان التورط في الأشتراك او تعضيد او تشجيع او حتى السكوت عن الأنقسامات في كنيستنا المشرقية الكاثولوكية الكلدانية سابقاً وكنيسة المشرق الأثورية حالياً ، سوف لا تؤدي بأي حال من الأحوال على تحقيق الوحدة القومية او تعزيز مكانتها ، وعلى احزابنا القومية وفي مقدمتها الحركة الديمقراطية الآشورية [ الزوعا ] يجب ان تكون بمنأى عن هذه المحاولات ، لا بل ان يكون لها دور ايجابي فاعل في تقريب وجهات النظر المختلفة لرأب الصدع وتكثيف الجهود وتوظيفها من اجل تقريب وجهات النظر المختلفة ومنع الأنشقاقات في كنائسنا ، وذلك خدمة لشعبنا وبعيداً عن المصالح الحزبية الضيقة .