موقع الناس     http://al-nnas.com/

فوبيــا النقد والحوار .. ( الزوعا ) نموذجاً

 

حبيب تومي / اوسلو

الأثنين 12 /6/ 2006

الحوار ضرورة حياتية في مجتمعاتنا البشرية والأرتقاء بمستوى الخطاب الحواري ظاهرة حضارية ، والحوار مطلب نخبوي نحتاجه وعلينا ان نتحاور بصوت عالي مجتازين الخطوط الحمراء المفروضة كحدود قصوى . وعلى الجانب الآخر من المعادلة يظهر النقد الذي يأخذ أشكالاً متباينة ، ولكنه يشكل ركيزة لحالات الخوف والتشنج والأمتعاض وأحياناً الأنتقام من الناقد من قبل المنظمات او الأحزاب التي تضع تابوات عديدة لا تسمح بتجاوزها ، وأكثر من ذلك تخشى التحاور حول تلك الثوابت لا سيما تلك المنوطة بالأديوجيات والثوابت الحزبية فتحيط هذه الثوابت بهالة القدسية ، وعلى الجميع التسليم بها باعتبارها حقائق مطلقة مقدسة .
حالة النقد لمؤسسة او حزب او منظمة او شخصية قد تحمل في طياتها فائدة للجهة المنتقدة ، وفي هذه الحالة تكون حالة النقد هذه ذي فائدة لتلك الجهة .
في حالة أخرى إن كان الناقد على خطأ ، وهذا احتمال وارد ، فإن الموضوع يكون قد نوقش من كل جوانبه ويتم الرد على الناقد وتشخص اخطائه ، ومن هنا إذا عوملت حالة النقد بروح رياضية لا تخلو من فائدة في كلتا الحالتين الى .
أما الحوار من جانبه يضع الجوانب التنظيرية على طاولة التفكيك والتشريح ، إضافة الى وضعها في قالبها العملي على ارض الواقع للأستفادة من ميكانزم الحوار والتفاهم .
مثلا ً إن معضلة الفصل العنصري والقضاء عليه ، والتي كانت متفاقمة في جنوب أفريقيا قد تم القضاء عليها بالحوار وذلك بإنشاء لجنة الصلح والتسامح . والمسألة تتلخص في نقل الخلافات الى طاولة الحوار والتفاهم وجهاً لوجه بدلاً من تبادل العنف الجسدي او العنف اللفظي الذي هو اسوأ من الأول باعتباره يولد الأحقاد والكراهية . والصراع العربي الأسرائيلي يبقى قائما ما دام الحوار مهمشاً ، والعمليات الثأرية قائمة بين الطرفين .
إن معظم التنظيمات الاشورية وفي مقدمتها الحركة الديمقراطية الآشورية مع الأسف تبدي الخشية والرهبة من عملية النقد ، ولا تحاول تفعليه او مناقشته ، وبدلاً من ذلك تتمسك بالأدوات القديمة للأحزاب الأديولوجية القومية من قبيل : الحزب القائد ، حزب الطليعة ، الحزب الثوري ... الخ وتحت ظلال هذه الأفكار المؤدلجة يجري قمع الأفكار المعارضة او إسكاتها او في أفضل الأحوال التعتيم عليها لكي لا ترى النور في نشرها وإيصالها الى الملأ .
إن الخشية من النقد والحوار أرث متوارث من العقود الماضية ، وليس من السهل هضم عملية اللعبة الديمقراطية ومبادئ حرية الفكر واحترام الرأي والرأي الآخر .
الخطاب الآشوري بشكل عام يخص شعبنا ، ومن حقنا ان نبدي رأينا بصراحة ودون خوف او مجاملة ، إن الخطاب المذكور قد أضر بوحدة شعبنا باعتباره خطاب قومي إقصائي ، وهو لا يلائم روح العصر . اما الحركة الديمقراطية الآشورية باعتقادي أنها تتباكى على اطلال كرسي وزاري زائل ، ومن أجله أيضاً تتخبط في العملية السياسية وهي تريد ان تخسر كل الأطراف من اجل بعض المكاسب الآنية المحصورة في الحصول على حقيبة وزارية .
إن تخبطها في الحقل السياسي ينحصر :

أولاً :
عزل الحركة الديمقراطية الآشورية نفسها حينما تنأي بنفسها عن الأعتراف بالوزراء من أبناء شعبنا الذين تم تعيينهم في وزارة اقليم كردستان او في الحكومة العراقية ، وكأن هؤلاء الأشخاص هبطوا علينا من كوكب المريخ ، ولا ينتمون لشعبنا ، ولا يمكن لهم ان يدافعوا عن شعبنا ، والبديل الوحيد ينحصر في تعيين وزراء من الحركة الديمقراطية الاشورية دون سواها .
الجدير بالذكر كان في الوزارة السابقة وقبلها ايضاً وزراء من الحركة الديمقراطية الآشورية .
وسؤالنا بسيط : هل تتكرم الحركة الديمقراطية الآشورية بإعلامنا عن المنجزات التي حققها وزراء الحركة لصالح شعبنا ؟
وثانياً :
من أجل هذا المنصب وضعت الحركة نفسها في موقع المعارض لحكومة اقليم كردستان وهي تصفق لكتاب يكيلون تهم الخيانة للأكراد . إن هذا الخطاب لا يمكن ان يتبناه حزب يدعي ان له تاريخ وتجربة سياسية ، وأنا مستغرب لهذا التوقيت وهذا السلوك .
وثالثاً :
ان الفعاليات الجماهيرية حق مشروع وضروري لكل حزب سياسي ومن هذه الفعاليات حق التظاهر ، وقد سّيرت الحركة مؤخراً تظاهرات في كندا وأمريكا ، وباعتقادي ان هذه المظاهرات وشعاراتها المرفوعة لا تقدم ولا تؤخر في العملية السياسية . وإن مفعولها لا يتعدى عملية اشغال اعضاء الحركة ومؤيديها بشئ ما ، حتى لو كان هذا الشئ عبارة عن سراب .
ورابعاً :
تضع الحركة الديمقراطية الآشورية ( الزوعا ) نفسها في موقع المدافع الأوحد عن شعبنا ، وهي تعلم جيداً ان هناك أحزاب أخرى وهناك مؤسسة الكنيسة بكل فروعها ولها مكانها ووزنها الدولي والأقليمي ، وحتى على الساحة السياسية العراقية ، وهناك احزاب وجهات عراقية ـ احزاب ومنظمات وشخصيات ـ تدافع عن شعبنا . ومن هنا فإن احتكار حق الدفاع عن شعبنا مسألة يجب ان لا تكررها الحركة لأنها تفتقر الى الدقة في التشخيص وفي المصداقية .
نعود الى فوبيا النقد والحوار فلا نرى سبباً راجحاً لعملية التخوف هذه والسعي الى تجنب هذا النقد او اسكاته بطرق مختلفة ليس إلا محاولات يائسة للهروب نحو الأمام ولكن بعيون معصوبة عما يدور حولنا.
إنني حينما امارس عملية النقد لا اسع الى الاستخفاف او الأنتقاص او الأنتقام من تلك الجهة المنتقدة ، إنني اسلط اضواء على زوايا مخفية وابدي وجهة نظري بصراحة ، وقد أكون مخطئاً او مصيباً فيما أبديه من رأي . لكن تبقى عملية الألتفاف على النقد ووضعها في أماكن مظلمة تبقى محاولة لتغيب حرية الرأي وهي لا تتوائم مع هدف بلوغ الحقيقة.