| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

الأثنين 7/1/ 2008



الحرية والديموقراطية في العراق..!
(4)

هادي فريد التكريتي  *

كل مؤسسة من مؤسسات الحكم في العراق ، لها فهمها الخاص لمحتوى" الحرية والديموقراطية " فالمجلس النيابي ـ الذي انتخبه المواطنون العراقيون ، تحت طائلة التهديد بالقتل والتفجير والتفخيخ ، من قبل قوى الإرهاب المختلفة ـ غير مكترث لما يعانيه الشعب العراقي من أوضاع ، أمنية متردية ، ومعاشية مزرية ، ومآسي وأحزان القتل والتهجير، التي طالت طوائف مختلف الأديان والمذاهب العراقية ، فمعالجة مثل هذه الملفات ، قد غابت عن اغلب جلسات ومحاضر مجلس النواب ، وحتى اللحظة ، لأنها بالنسبة لمثل هذا النموذج من "نواب الشعب " غير مهمة ، لذا حلت بدلها جلسات " ديموقراطية " تحققت فيها مبادئ الوفاق والاتفاق ، وتلاشت فيها كل خلافاتهم القومية والطائفية ، فتصويتهم كان بإجماع أصواتهم ، لسن تشريعات أقروها ، ُتقرُ حقوقا وامتيازات تخصهم ، ضمنت لهم ولعوائلهم حقوقا خيالية ، ومنحتهم عقارات ومكافآت ورواتب ، وأمورا أخرى ، غير قابلة للنقض أو المساءلة ، ونصت على توريث هذه الحقوق " القانونية" لورثتهم ، ومنحتهم ـ للورثة ـ حصانة دبلوماسية ، تحميهم من المسائلة لاحقا وتحول دون إمكانية الطعن بها مستقبلا أو ردها ، فـما توفر لهم من أجواء لـ "حرية " التشريع ، َضِمن لهم حقوقا وامتيازات مفرطة في تنوعها وكثرتها ، لم تتوفر لأمثالهم من أعضاء " المجلس الوطني " البعثي ، المتهمون بتمتعهم بامتيازات وحقوق لا مثيل لها ، فلو صدقت الدعوى لما استبدلها ، نوابنا الغيارى بغيرها ، ليحصلوا على حقوق وامتيازات مفرطة في الكرم ، فاقت في كرمها كل ما ناله أمثالهم ، من دول "الموز " وجمهورياته ، التي اشتهر حكامها بنهب الثروات ومصادرة حقوق غيرهم ..!

أغلب أعضاء المجلس النيابي ، بما فيهم الرئيس ونائباه ، عطلوا ، ولا زالوا يعطلون ،التئام المجلس ، لمحاسبة المقصرين ، ومساءلة وزراء الحكم عن تردي الخدمات ، وفقدان الأمن ، وفساد الأجهزة ، كما لازالوا يعرقلون إقرار وتشريع القوانين المهمة المعروضة أمام مجلسهم ، والشعب العراقي بأمس الحاجة لها ، فالرئيس لا يمتلك من مؤهلات تؤهله لقيادة مثل هذه المؤسسة التشريعية المهمة ، وكثيرا ما كانت مداخلاته غير واعية ، ومثيرة للمشاعر ، فإدارته للجلسات السيئة ، تسببت بالإخلال في ضبط نظام المجلس ، وتعطيل انعقاد جلساته بانتظام ، فتصريحاته داخل المجلس وخارجه ، غالبا ما ُتأزم الوضع السياسي ، وتعرقل العمل ، بين القوى السياسية في الداخل ، وتربك الحكومة وأجهزة وزارة الخارجية وسفرائها خارج القطر ، وعلى الرغم من شعور أغلب أعضاء المجلس وكتله ، بالحاجة الملحة لتغييره ، وتظافر جهود أكثر من كتلة سياسية وتوافقها على استبداله أو عزله ، لتصحيح مسارات العمل داخل هذه المؤسسة المهمة ، إلا أن الجهود لم تفلح بعزله ، نتيجة إصرار كتلته على بقائه بمنصبه ، مع علمهم بسوء إدارته ، وضحالة فكره ، فنظام الكوته أو المحاصصة المتبعة في تقاسم السلطة ، سبب من أسباب تردي أوضاعنا السياسية والاجتماعية ، وهذا المبدأ من أسوء المبادئ المعمول بها داخل سلطة الدولة ...

الإنقسام القومي ـ العنصري ، والديني الطائفي ، الذي أقره ورسخه رئيس سلطة الاحتلال الأمريكي ، سيئ الذكر بريمر، سن سابقة سيئة وفريدة في الدستورالعراقي ، عندما أقر نظاما طائفيا لتقاسم السلطات ، تجلياتها الأبرز كانت في السلطتين التنفيذية (الحكومة ) والتشريعية (المجلس النيابي) ، وهذا ما عرقل ، و يعرقل ، عمل الأجهزة والمؤسسات التي يتولى أمرها وزراء يمثلون كتلا سياسية مختلفة ، بعضها معارض أصلا ، لكل توجهات الحكومة ، والبعض الأخر ، نتيجة لخلاف على مواقع سياسية أو مراكز أمنية ، ترغب فيها هذه الكتلة أو تلك ، كما حصل عندما قاطع عمل الحكومة الوزراء الطائفيون ، الصدريون والفضيلة . القوميون من جبهة التوافق ، مشاركون في السلطة ومعارضون لكل توجهات الحكومة ، ووزراؤهم يقاطعون اجتماعات الحكومة ، دون أن يتمكن رئيس الوزراء من استبدالهم أو استبدال غيرهم من المقاطعين .
وفي مجلس النواب أيضا ، شلل تام يؤثر على نشاطه ، بسبب الغيابات وعدم اكتمال النصاب القانوني ، فنواب جبهة التوافق وحلفاؤها يقاطعون اجتماعات المجلس لأسباب سياسية ، ومطلبية صعبة التنفيذ ، تلبية لدعوة كتلهم النيابية ، والمتغيبون للراحة والاستجمام ،أو لقضاء مصالحهم الخاصة ، ولأسباب أخرى كثيرة ومختلفة.المقاطعة وعدم الحضور المتكرر ، ُتستغل لعدم وجود ضوابط جادة تعالج مثل هذه الأمور ، وليس هناك من مرجعية يركن لها للتعامل مع المتغيبين ، بسبب سوء استخدام الحصانة التي يحتمون بها من المسائلة ، كما هو حاصل لأكثر من مئة نائب يؤدون مشاعر دينهم !! عدم اكتمال النصاب القانوني ،حال دون إقرار الكثير من مشاريع القوانين المعطلة ، التي لها مساس كبير بحياة الشعب ، الأمنية والإقتصادية والسياسية ، النواب المتغيبون والمقاطعون ، المعطلون لنصابه ، على حد سواء يتمتعون بكامل امتيازاتهم ولا يمكن المساس بها، نتيجة لضعف في مركز إدارة الجلسات ، وعدم تطبيق مواد النظام الداخلي ، إن كان يحتوي على معالجة هذا الواقع ..، كل هؤلاء ، من الوزراء والنواب ، المعطلون لسير العمل في مؤسساتهم ، أساؤا ، ويسيئون لناخبيهم وللشعب ولكتلهم السياسية ، لعدم شعورهم بمسؤولية الواجب والضمير ، معرضين مصلحة الشعب والوطن للخطر ، فالقصور في التشريع ، وعدم وجود ضوابط لمحاسبة المقصرين والمسيئين عن عمد وسبق إصرار ، كلها من أسباب فساد الحكم ، وتدهور قيم وأخلاق غالبية أعضاء مؤسسات الدولة ، والقاعدة الفقهية تقول :" من أمن العقاب أساء الأدب " ..! فـ " الحرية والديموقراطية " لمن يخدم المجتمع ويسعى للحفاظ على مصالحه ، وليس لمثل نواب ووزراء شعبنا "البواسل"، لتحقيق مغانم وامتيازات لا حق لهم بها ، ولا يستحقونها ..؟

 ‏2008‏‏-‏01‏‏-‏06‏


* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 


 

Counters