| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

 

الأربعاء 6/9/ 2006

 




العلم العراقي..والسيد مسعود البرزاني ..!

 

هادي فريد التكريتي  *

بعد وفاة القائد الكوردستاني ، الملا مصطفى البارزاني ، في المنفى ، أعاد ابنه ، السيد مسعود البرزاني ، تشكيل الحزب الديموقراطي الكوردستاني ، وفصائل المقاومة الكوردستانية ، ولقد امتاز السيد مسعود ، بين فصائل المعارضة العراقية ، بهدوء الطبع ووضوح الرؤية والتزامه بما وعد ، وتنفيذ ما اتفق عليه معهم من قرارات ، وهذا ما أكسبه مصداقية الخصوم قبل الحلفاء والأصدقاء ، وظل وفيا لتحالفاته وعهوده المبرمة مع الفصائل والقوى العراقية المعارضة . بعد سقوط النظام والاحتلال الأمريكي للعراق ، وتشكيل حكومة كوردستان وفق صيغة التحالف مع القوى والأحزاب الكوردية ، تغير الحال ، بعد أن أصبح السيد مسعود رئيسا لإقليم أو فدرالية كردستان ، حيث اصبح له مستشارون سياسيون وغير سياسيين ، ليس من كوادر الحزب فقط ، بل ومن خارج الحزب أيضا ، يشيرون عليه تنفيذ خطوات ما للوصول إلى هدف أكبر لشعبه ، وهذا حصيلة تغير الظرف والمسؤوليات المنوطة به تجاه شعبه وتجاه حلفائه ، فمسؤوليات المعارضة غيرها في الحك! م .

حقق السيد مسعود نجاحات كبيرة في بناء كوردستان قوية وآمنة ، وخصوصا بعد الإنتخابات ، الأولى والثانية ، من خلال تحالف القوى الكوردستانية مع القوى الإسلامية ، وبعض الفئات القومية ، حيث تم تشريع دستور دائم للبلاد ، ضمن حقا للشعب الكوردي في إقامة حكم فدرالي ، مسارب الإنفصال فيه ، أكثر من الطرق المؤدية للوحدة ، ولا ضير في هذا ، فقد أقرت الحركة الوطنية والديموقراطية ، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي ، ومنذ عهود طويلة حق تقرير المصير للشعب الكوردي ، بما فيه حق الأنفصال ، وطيلة الفترة التي مرت بها مرحلة تشكيل حكومة إقليم كوردستان ، قبل سقوط النظام وبعده كان العلم العراقي ـ البعثي مرفوعا على كافة دوائر الدولة ، ومن ضمن هذه الدولة حكومة الأقليم ، وقد أقر الدستور الجديد ـ الدائم ، ، إعادة النظر ، ضمن أمور أخرى ، في تشكيل وصياغة النشيد الوطني والعلم العراقي ، وهذا الأمر لم يجد معار! ضة ما حتى من الأطراف القومية ، كما لم تكن كافة الأطراف المشاركة في الحكم ، ومن ضمنها القوى الكوردستانية ، قد طرحت بجدية أمام المجلس النيابي ، أو طلبت تنفيذ ما أقره الدستور بصدد الكثير من القضايا ، ومن ضمنها العلم والنشيد الوطني ، باعتبار الأمر قضية مستعجلة .إثارة عدم رفع العلم العراقي على إقليم كوردستان في مثل هذا الظرف السياسي والأمني السيئ ، الذي يمر به العراق ، ودون مقدمات ، وضع القوى الديموقراطية ، الصديقة للكورد في موقف لا تحسد عليه ، لذا يستوجب الأمر ، النظر ، والتدقيق في المبررات التي ساقها السيد مسعود البرزاني رئيس إقليم أو فدرالية كوردستان في إثارة مثل هذا الأمر .
يقول السيد مسعود أن هذا العلم هو علم البعث ، كما هو في نفس الوقت ، العلم الذي تمت في ظلاله تنفيذ الجرائم ضد الكورد في الأنفال وغيرها ، وكل جرائم الحرب الأخرى على إيران والكويت ، لذا تقرر العودة على رفع علم ثورة 14 تموز الوطنية ، ورغم المفارقة في هذه الحجة ، فعلى المرء أن ُيذكر بداية ، أن الحزب الديموقراطي الكوردستاني بقيادة المرحوم الملا مصطفى ، قد ساهم في إسقاط حكم ثورة 14 تموز الوطنية في العا 1963 ، وهذا الأمر مناقض للدعوى التي يطلقها السيد مسعود ، برفع علم ثورة 14 تموز ، إلا إذا تم تصحيح الموقف وهذا ما لم يعلن عنه رسميا ، وحتى إن تمت إدانة حكم 8 شباط ، بشكل ما ، فهذا لا يسجل رفضا للعلم البعثي ، حيث تم استدعاء قوات الجيش العراقي ، في منتصف تسعينات القرن الماضي ، من قبل السيد مسعود البرزاني لنصرته على قوات الإتحاد الوطني الكوردستاني ، وظل العلم ـ البعثي مرفوعا ، حتى لحظة التوجه الجديد ، في مناطق كوردستانية عراقية . ! ;

علم البعث ، علم كل القوميين ـ الذين تآمروا على جمهورية 14 تموز ، وهذا ما يدعوهم للدفاع عنه ، كما يدافع عنه الإسلاميون بكل فصائلهم لآنه يحمل ' عبارة الله أكبر ' ، على الرغم من أنهم يكرهون صدام ونظامه ، وكل البعثيين ، والقوميين أيضا الذين ساندوا صدام في جرائمه ، هذا العلم منذ شباط 1963 لحظة سقوط الجمهورية الوطنية الأولى ، كان معاديا لكل القوى الديموقراطية ، وخصوصا الشيوعيين ، وحزبهم الشيوعي ، حيث ُقتل الآلاف من جماهير الشعب ، ومن الشيوعيين وأصدقائهم ، وهؤلاء إذ ناضلوا من أجل إسقاط النظام البعثي ـ الفاشي ، إنما كانوا يناضلون ، أيضا ، إسقاط هذا العلم الذي تستر على جرائم كثيرة وفظيعة مرتكبة بحق أبناء الشعب العراقي ، فالقوى الديموقراطية وجماهير الشعب ، طالبت استبداله ، بعلم ثورة 14 تموز ، إلا أن أغلب مكونات مجلس الحكم الساب! ق ، ومن ثم أعضاء المجلس النيابي في مرحلتية الأولى والثانية ، من القوى الإسلامية والقومية ، الحاقدة على تلك الثورة الوطنية ، لم ترفض عودة العلم السابق فقط ، إنما قامت بالسطو على منجزات تلك الثورة باستبدال أسماءها ، وفرض أسماء جديدة عليها . كل ما تقدم لا يستوجب ما أقدم عليه رئيس إقليم كوردستان ، السيد مسعود البرزاني ، والأنفراد برفض العلم العراقي ، طالما هناك دستور أقره ويخضع له السيد مسعود ، حيث ساهم هو ومواطنوه الكورد في التصويت عليه ب 'نعم ' ، وهو يمثل منجزا من منجزات التحالف الكوردي مع القوى الإسلامية ـ الطائفية ، فالقوى القومية بمجملها ، عارضت هذا الدستور ، والقوى الديموقراطية ومنظمات المجتمع المدني ، لها ملاحظات على الكثير من مواده ، ولولا الكورد لما فاز في الإستفتاء ، فالعملية الديموقراطية ، تفرض نتائجها على الجميع ، وبغض النظر عن نتائجها ، تستوجب الإلتزام بها ، ومن خلال المجلس النيابي ، وعن طريق الدستور ، أيضا ، يجري ديموقراطيا تغيير واستبدال الكثير من الأمور التي لا تتماشى مع الوضع الجديد ، أو التي لا تنسجم مع التوجهات الق! ومية الكوردية ، وهذا ما كان على السيد مسعود ان يلجأ إليه . ماذا سيقول السيد مسعود لرئيس الجمهورية وللوزراء الكورد وهم يضعون على مكاتبهم العلم الذي يرفضه ، وأي علم سيرفعه رئيس الجمهورية والوزراء الكرد عندما يزورون الدول الأخرى ؟ .الأسلوب الذي يفرضه السيد مسعود البرزاني ، يتنافى مع مصداقية الالتزام بما أقره المجلس النيابي العراقي ، الذي شارك ، هو ، و ممثلو الإقليم في تشريعه ، فخرق مبادئ الدستور ، لأي سبب كان ، يمثل سابقة يمكن أن يبني عليها الخارجون على النظام ، بما فيهم المناوئون للحكم الكوردستاني ، إلا إذا كان ما أقدم عليه السيد رئيس إقليم كوردستان ، خطوة أولى لإعلان جمهورية كوردستان ، وهذا من حقه ، ولكن كان عليه أن يكون جريئا وصادقا مع نفسه ومع القوى الكوردية ، في طرح المبررات الحقيقية والمقنعة ، التي تكمن وراء إجرائه هذا ، ومن دون اتخاذ العلم ذريعة لموقف لاحق ، سيفقده الكثير من الأنصار والحلفاء الذي يكرهون هذا العلم ومن كون ألوانه ، ومن خط العبارة عليه .، .!


6 أيلول 2006

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد