| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

الأثنين 31/12/ 2007



الحرية والديموقراطية في العراق..!
(2)

هادي فريد التكريتي  *

الحزب الشيوعي العراقي من أقدم الأحزاب السياسية العراقية التي رفعت شعارات "الجبهة" في عملها السياسي ، فشعار " قووا تنظيم حزبكم ، قووا تنظيم الحركة الوطنية " منذ ثلاثينيات القرن المنصرم ، صاغه مؤسس الحزب الرفيق فهد ، ويعتبر أقدم شعار ترفعه حركة سياسية ، أو حزب سياسي ، للعمل التعاوني والجمعي في الحركة الوطنية ، وخلال سنوات الكفاح وقمع حكومات العهد الملكي ، تعمدت جبهات عفوية بين الجماهير ، أثناء الوثبات وانتفاضات الشعب العراقي ..

الأحزاب العراقية لم تلتق من أجل عمل مشترك ، رسمي وموثق ، إلا في جبهة الاتحاد الوطني في العام 1957، وإن كانت هذه الجبهة، حصيلة تعاون آني ومؤقت ، من أجل انتخابات 1952 و 1954 ، إلا أنها كانت دليلا ملموسا ، على صواب تجميع القوى الوطنية ضد سياسات الحكم الملكي المناوئة لكل القوى الوطنية .
الحزب الشيوعي العراقي ، كان حجر الزاوية في جبهة الإتحاد الوطني ، و كان ممثلا بأكثر من مقعد في هذه الجبهة، إلا أنه لم يمثل في حكومة الثورة ، بعد نجاحها ، فحاله حال" المكرود مسعود في صنع الكبة المصلاوية" أول من يضحي دون أن يحصل على " حرية " في العمل ، أو تشمله "ديموقراطية " لتمثيل...

توالت الجبهات التي صنعها وساهم بها الحزب الشيوعي ، وفي كل تلك الجبهات ، كان الأكثر تضحية ،والخاسر الأكبر ، فبعد جبهة الإتحاد الوطني ، والتجربة المريرة لثورة 14 تموز وما أسفرسقوطها عن مأسي ، ساهم مع حزب البعث في العام 1973 في ( ج . و .د.ت.)" الجبهة الوطنية الديموقراطية التقدمية "، فكانت جبهة قتل واغتيال وتصفية ، لرفاق وكوادر ومنظمات الحزب ، ولم يكن فيها شيء من أسمها ، فـ " الديموقراطية والتقدمية " تعني له دائما في لغة " الحلفاء " القتل والاضطهاد .... فحكمة " لا يلدغ المرء من جحر مرتين " لم تخطر على ذهن قادته ، وفي الممارسة أثبتوا بطلانها، وبرهنوا بالملموس ، أن الحزب على الدوام ضحية حلفائه ، وما حصل له في جبهاته " جود وجوقد ولجنة العمل المشترك "كان تكرارا لتجارب لم يتم استيعابها ..!

وبعد احتلال العراق و سقوط النظام في العام 2003،تنكرت له كل القوى والأحزاب ، القومية والإسلامية ، التي عمل معها في " لجنة العمل المشترك "، فـ "الديموقراطية "، لا تعني لهم سوى رضى المحتل عنهم ، و تقاسم الحكم ومناصب الدولة فيما بينهم ، وكأن العراق ضيعة من ضياعهم ...تنكرهم له شمل حتى ضحايا وشهداء الحزب الشيوعي ،التي أُريق دمها على مذبح حرية الشعب والوطن ، فقادة هذه القوى شغلوا ويشغلون أعلى مناصب الدولة ، ومن بينهم أقرب "الحلفاء " ، وزعوا رحمة "الله" بدون حساب ، على شهداء أحزابهم وقومياتهم وطوائفهم ، وشملت رحمتهم " الواسعة " حتى شهداء أيام زمان ،أمثال : " حسنه ملص" و"عباس بيزه " إلا أنهم حجبوها عن شهداء الحزب " الحليف " ، أعرق حزب وأكثرهم تضحية من أجل تحرر ورفاهية الشعب ، مصيبة حكامنا أنهم لا يحترمون مشاعر شعبنا ،عندما توكل لهم الأقدار مسؤولية الشعب..

التحالفات ، بعد الاحتلال أصبحت من حق الفائزين الكبار ، فكل منهم خطط لتحقيق همه ، القومي ـ العنصري، والإسلامي ـ الطائفي، دون هم العراق وشعبه ، الذي يكثرون الحديث بإسمه ، ولما لم يحقق " كل " مقصده ، بدأ " الكل " يبحث عن حلفاء أو شركاء جدد ، فكثر الحديث عن المصالحة ، دون مصالحة ، وتعددت تصريحات " الكل " عن حكومة وحدة وطنية ، وهم يقصدون حكومة المحاصصة " الطائفية ـ العنصرية " التي تطلق لهم حرية بيع الوطن، بالجملة والمفرق ، وتكمم أفواه أحراره ، بالجزرة أو بالقازوق ، وكل ينفذ ويطبق ما يراه ملائما ومنسجما مع واقع " الديموقراطية والحرية " وفق منطقه ، ورقعة حكمه ، وكل فريق غير معني بما يدور ويحدث في منطقة حكم الفريق الآخر ،من أحداث تهدد أمن واستقلال العراق ، إلا أن هذا لم يعطل أدواتهم من بحث وتحري ، عن وسائل للضغط على أطراف تحالفه لابتزازهم في تقديم تنازلات أكثر .. لذا كثر توقيع أطراف معلومة ومجهولة، على بيانات خماسية ورباعية ، وآخرها ، بيان ثلاثي ، مع أطراف قومية ـ عنصرية ، مع طرف جديد ، إسلامي ـ طائفي . المعروف عن التحالفات ومناورات أطرافها السياسية ،أنها تبدأ بالثنائي ، مثلا ، ثم الثلاثي ،فالرباعي فالخماسي ، وهكذا يجري التوسع ،إلا أن ما يجري عندنا فهو عكس الشائع والمعروف ،فإذا سَئلَ سائل لماذا ، فجوابهم : ـ ( بيتنا ونلعب بيه ، شلهَ غرض بينا الناس )...ومن يدري..؟ فربما يخططون غدا لآن يصدر بيان أحادي ، يوقعه طرف واحد فقط ، فـمفاهيم " الديموقراطية والحرية " في عراق الطوائف ، دائما تتغير وتتكيف وفق الظرف ، الذي يصنعه اللاعب الأقوى في الساحة العراقية ..!
 

31 – 12-2007

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 


 

Counters