| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

الأحد 29/3/ 2009



الزيف والحقيقة
في دعوة حكومة المالكي لعودة المهجرين والمهاجرين ...!

هادي فريد التكريتي *

ما انفكت وحتى اللحظة حكومة المالكي ، بشخص رئيسها ، والناطقين باسمها ،تدعو المهجرين والمهاجرين العراقيين ، " للعودة إلى العراق والمشاركة في إعادة بناء ما خربه نظام البعث الساقط " .
الواقع أن الخراب قد شمل العراق كله ، ولم يبق هناك مرفق في العراق و حياة العراقيين لم يشمله الخراب ،قبل السقوط أو بعده ، وإن تبق شيء ما سالما فقد أجهزت عليه إدارة الاحتلال ، ومنظمات التخريب المرافقة له ، ونظام حكم المحاصصة الطائفي حاليا . والانتخابات العامة التي جرت لدورتين ، لم تسفر إلا عن ممثلين فاسدين لا يهمهم إصلاح ما فسد ،قدر اهتمامهم بسرقة مكاسب ضخمة لا يستحقونها " شرعنوها " لهم ولعائلاتهم ، وصنعوا دستورا وفق مواصفات الإدارة الأمريكية ، لا يعول الشعب عليه في إصلاح ما خربته قوات الاحتلال ، ولا يحل ما رسخته ، مراكز القوى الطائفية والعنصرية ، وشخصيات نافذة ضمن الحكومات المتعاقبة، من مظالم وعداوات داخلية ، وفرقة واحتراب طائفي ـ لازال يعاني منها الشعب والوطن .
فدعوة المهجرين والمهاجرين للعودة ،التي تتبناها وزارة المالكي ، إن كانت صادقة ، تصطدم بعقبات جمة ، تقع على الحكومة ومؤسساتها مسؤولية حلها لتذليلها أمام عودتهم ..

بداية السقوط ، وحتى اللحظة ، لم تكن هناك مشكلة في عودة كوادر وعناصر الحكم والسلطة ،من الطائفيين والعنصريين ، فمنذ بدايات توليهم السلطة ، قد عادت غالبيتهم ، ورُدت إليهم كافة الحقوق المسلوبة ، والمضافة ، وأُسندت لهم مراكز مفصلية ومهمة في مؤسسات السلطة لا يستحقونها، ولا يقرها حتى الدستور المشرع ، ولا قوانين الخدمة العامة ..

أغلب المهجرين والمهاجرين الذين تركوا العراق ، من غير العناصر التي تتقاسم السلطة حاليا، تركوه تحت ضغط ملاحقات النظام الفاشي ، وتهديد حياتهم وعائلاتهم بالاعتقال والقتل ، وأكثر هؤلاء خرجوا من العراق سرا ، وبأساليب ووثائق غير شرعية ، وبمرور سني الغربة وتعدد الموانئ التي تنقلوا ومروا بها ، فقد الكثير منهم وثائقه ، المزورة أو الشرعية ، وربما حتى أسماءهم الصريحة التي كانوا يحملونها في " الوطن " قد تغيرت ، وأصبحوا في منافيهم و" أوطانهم " الجديدة يعيشون بأسماء جديدة ووهمية ، لأسباب كثيرة ،ولا يخفى على المسؤولين في السلطة حاليا دوافعها ، منها الخوف من ملاحقات السلطة الفاشية وعملائها ، لهم ولعائلاتهم ، أو لعدم توفر وثائق شرعية تثبت انتماءهم وهويتهم وحتى تحصيلهم الدراسي ، هذه الأسباب وغيرها تقف حجر عثرة، حتى الآن ، أمام عودة من يريد العودة ، وإن استطاع البعض تجاوز عقبات الدخول " بشطارته " فعليه أن يقدم وثائق تثبت عراقيته وفق شروط الحكومة ، وهي كما قال بالنص مسؤول إحدى دوائر الأحوال المدنية في العاصمة : " شروط الحصول على بطاقة الأحوال المدنية العراقية المعترف بها رسميا ضروري حكمها كـ : ـ أركان الإسلام الخمسة ـ الواجب توفرها في المسلم ، وهي : " البطاقة التموينية ، بطاقة السكن ، تأييد المجلس البلدي ، هوية الأحوال المدنية القديمة ، وشهادة الجنسية العراقية " .( وهي فعلا خمسة ،إلا أن شروط الإسلام تبقى أكثر يسرا وتسامحا في ظرفنا الراهن ، من الحصول على " البطاقة التموينية " سيئة الصيت والسمعة .)

إذا ترجمنا هذه الشروط على العائد وألزمناه بها فمعناه : أن الحكومة هي من تعقد وتضع الحواجز أمام الراغبين في العودة ، وما دعوتها بعودتهم ، إلا من قبيل ذر الرماد في العيون ، والإيحاء بأن عدم توفر الشروط هي مشكلة العائد وليس للحكومة من سبيل لتجاوزها ، فالقانون هو القانون ،كما يقول المسؤولون !!! أما مطالبةُ المهجرِ أو المهاجرِ بكون هجرته لأسباب سياسية فهذا أمر يهون دونه تسلق قمم جبلي " قنديل وحصاروست" العراقيتين ، التي سبق وأن تسلقها المقاتلون الشيوعيون والديموقراطيون ، من أجل أن تسقط فاشية البعث لتستولي عليها سلطة المحاصصة ..! فالغريب هو أن يُطلَب من الشيوعيين والديموقراطيين الراغبين في العودة مثل هذا الأمر ، وعليهم أن يثبتوا أن هجرتهم أو مغادرتهم العراق كانت لأسباب سياسية ، وهؤلاء هم من قاتل لإسقاط السلطة الفاشية ، سياسيا وعسكريا ، وهم الذين كانوا من أشرس، وأكثر القوى التي ناصبت البعث العداء ،وقدمت المئات من الشهداء والضحايا ، رجالا ونساءً ، ورغم كل هذا فهم مطالبون بهوية كونهم سياسيين، أو مغادرتهم الوطن ، يومئذ ، كانت لأسباب سياسية !! المفارقة مضحكة ، وشر البلية مايضحك ..،ولكن أليس من حقنا أن نطالب ، سلطة المحاصصة ،ماهي الأدلة التي قدموها هم وأتباعهم حينما تم اعتبارهم سياسيين ، من أجل أن يُقتدى بهم ...!!

من أجل إضفاء مصداقية على طلب الحكومة بعودة المهجرين والمهاجرين وبغض النظر عن القومية والدين والفكر السياسي أن تعتمد ما يلي :
1:تسهيل مهمة إخراج قيد للشخص ( المهجر أو المهاجر ) من سجلات الأحوال المدنية في محل سكناه الأصلي أو القديم ، دون مطالبته بأية وثيقة طارئة لا علاقة لها بعراقيته ، كالبطاقة التموينية ، أو بطاقة السكن .( الكثير من رعايا دول الجوار المقيمين في العراق في عهد النظام الساقط من كان يملك منهما، كما مُنحت لأشخاص غير مقيمين في العراق إلا إنها رافقت دخول القوات الأمريكية ، على سبيل المثال .)
2:اعتماد هوية الأحوال المدنية القديمة ، ومطابقتها مع سجلات نفوسه .
3:اعتماد شهادة الجنسية العراقية ، ومطابقتها مع سجلات الجنسية ، فهي الأصل في إثبات عراقية المدعي وعليها التعويل .
4: عدم المطالبة بمطابقة الوثائق العراقية، مع ما يحمل المهجر أو المهاجر ، من وثائق البلد الذي يعيش فيه ،فعلى سبيل المثال لا الحصر ، وزير المالية الحالي باقر جبر صولاغ الزبيدي ، كان في دولة اللجوء يحمل أسم : المهندس بيان جبر ، والسيد رئيس الوزراء أيضا ، كان اسمه : أبو إسراء المالكي ، وفي منصبه الحالي يعرف باسم جواد نوري المالكي ، وقد تقدم شرح أسبابها .
5: إلزام الدوائر المعنية بتثبيت الحقوق، كالتقاعد والوظائف والدراسة ، اعتماد التأييد أو التزكية السياسية للحزب أو الجهة التي ينتمي لها العائد ..

ما أطرحه هو مقترح قابل للنقاش والتطوير ، ولأن تتبناه الأحزاب السياسية العراقية ، شيوعية وديموقراطية وقومية ودينية ، إسلامية ، طائفية ، ولأن تضغط باتجاه أن تتبناه الحكومة ومؤسسات الدولة المعنية بشؤون المهاجرين والمهاجرين ، لحل إشكالات العراقيين العائدين للـ "وطن " عند مراجعتهم لدوائر الدولة المختلفة ، من أجل متابعة استرداد حقوقهم وأملاكهم ، التي تضررت بسبب مغادرتهم العراق إبان حكم البعث الساقط ، لأسباب كثيرة ومختلفة ، وفي مقدمتها أسباب سياسية وقومية ودينية ـ طائفية ، والمطلوب ألا تبقى المطالبة بالحقوق حكرا على رجال صالونات السياسة ،يتاجرون بها ويساومون عليها ، دون خروجها إلى العلن للكشف عن المعرقلين لها وفضحهم ، فالزيف فاقع في دعوة الحكومة إن لم تلغ المعوقات ، وتعيد الحقوق لأصحابها الشرعيين ..!!


29 آذار 2009
 

* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 

free web counter