| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

 

الخمعة 28/7/ 2006

 

 

أمريكا عدوة الشعوب ..!

 

هادي فريد التكريتي  *

أمريكا عدوة الشعوب !، هذا الشعار رفعه الحزب الشيوعي العراقي ، رأس الرمح في الحركة الوطنية العراقية ، منذ خمسينات القرن الماضي ، ولا زال يحتفظ بصحة المعنى والمبنى على أرض الواقع ، ليس على الأرض العراقية بل وعلى المنطقة العربية برمتها . فأمريكا وبعد أكثر من ثلاث سنوات ، من حربها على العراق وإسقاط نظامه الفاشي ، أسست لحكم طائفي ، مطبقة بإبداع شعارا استعماريا قديما " فرق تسد " ، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن الفتنة الدينية ـ الطائفية والقومية ـ العنصرية " مزدهرة " وفي تصاعد مستمر بفضل حصيلة التوظيف لتجاربها المختلفة في أقطار مختلفة من العالم ، حيث قد أسهمت في تشكيل وإدارة منظمات عسكرية بلباس مدني ، لقتل واغتيال القادة النشطين والمقاومين لسياساتها ، فأمريكا الجنوبية تشهد على " مآثرها " في هذا الخصوص ، ولها في كل بلد من هذه المنطقة فضائح سجلها تاريخ رؤسائها ، على مختلف توجهاتهم ، كشفها ورواها مديرو ال C.I.A. الذين تعاقبوا على إدارة هذه المؤسسة .
ما حصل في أمريكا اللاتينية ، حصل ، ولا زال يحصل ، في بلدان وحكومات جنوب شرق أسيا ، فحركات التحرر الوطني فيها ، عانت من حروب وتدخلات عسكرية مباشرة ، ساندتها ودعمتها مختلف الإدارات الأمريكية ، ولما أعيتها أساليبها العسكرية ، من تحقيق أهدافها المتمثلة بإسقاط حكومات بعض الأنظمة الثورية ، أو حرفها عن اتجاهاتها ، بواسطة الانقلابات ، لجأت إلى تشكيل وتأسيس منظمات سرية شبه عسكرية ، وشبكات إرهابية رديفة لقواتها ، تمارس القتل السري والعلني ، لكل المناوئين السياسيين والمعارضين لمشاريعها ، وتدير أساليب التآمر والتجسس والتخريب ، تحت واجهات مختلفة ، سياسية وتجارية وثقافية وصحافة ، وحتى جمعيات خيرية وحقوق إنسان .
ما سلكته أمريكا للوصول إلى أهدافها في معظم بلدان العالم ، يجرى في العراق ، ولا زالت أمريكا ومنظمات سرية حليفة ومتعاونة معها تمارس العنف لتحقيق أهدافها ، دون معرفة الوقت المحدد لانتهاء أهدافها المعلنة أو السرية ، نتيجة لأخطاء ارتكبتها الإدارة الأمريكية ، قبل الحرب وبعدها ، أدت إلى تعثر بناء مشروعها المعلن ( الديموقراطية ) عن طريق حكم حالي ، مبدؤه الأساس محاصصة طائفية ـ قومية ، تسبب في احتدام صراع ديني ، طائفي ـ طائفي ، وقومي ـ عنصري ، أداته مليشيات طائفية وتنظيمات شبه عسكرية تقوده قوى حزبية ، أغلبها مساهم في السلطة ، وما زاد في حدة هذا الصراع وتأجيجه انخراط شبكات إرهابية من خارج القطر ، إسلاموية تكفيرية ، تحت واجهة المقاومة " الشريفة " و" مجلس شورى المجاهدين " التابع لتنظيم القاعدة ، ساهمت هذه التنظيمات مع منظمات أجنبية شبه عسكرية ، إيرانية وإسرائيلية وأمريكية ، ودول أخرى ، متصارعة مع بعضها ، في خلط أوراق المتصارعين ، أدت في النتيجة ليس فقط إلى تعثر تحقيق أهداف المشروع الأمريكي في العراق ، وإنما أيضا صعوبة الخروج بمشروع " شرق أوسط جديد " ، وفق المخطط الأمريكي .
لدى الإدارة الأمريكية أساليب كثيرة تمتلكها للتغطية على فشلها ، لذا أقدمت على توسيع ساحة الصراع ، وإشراك إسرائيل ، أكثر دول المنطقة عدوانية ، بالهجوم على لبنان ، متذرعة بتحرير الجنديين المختطفين من قبل حزب الله ، وقبلها حاصرت ولا تزال تحاصر غزة ، بقصف الدبابات والطائرات بحجة إطلاق سراح جندي اختطفته حماس ، فمنذ أكثر من أسبوعين تشن إسرائيل ، بدعم ومساعدة أمريكية ، حربا قاسية ومدمرة ، مستخدمة كل ما لديها من أسلحة دمار ، المباحة والمحرمة دوليا ، ليس ضد حزب الله ، وإنما ضد الشعب اللبناني المسالم ، وتدمير كل البنى التحتية ، ومرافق الحياة الأساسية فيه ، مما اعتبر لبنان " بلدا منكوبا " .
الموقف الأمريكي الداعم لهذه الحرب ، إن لم يكن مساهما في التخطيط لها ، عسكريا وسياسيا ودبلوماسيا ، يقف ضد أية إدانة لإسرائيل ، وحائلا دون رغبة المجتمع الدولي لوقف الحرب وإطلاق النار ، قبل أن تحقق إسرائيل أهدافها ، وأهدافها كحدودها غير معروفة وغير معلومة ، مانحا إسرائيل وقتا أكثر لتدمير الشعب اللبناني وركائز اقتصاده ، ومقدما بسخاء مساعدات مادية " متنوعة " لهذا العدوان ، تمثلت بقنابل فراغية وعنقودية ، وصواريخ " ذكية " وكل ما تمتلكه الترسانة العسكرية الأمريكية من أسلحة فتاكة .
هذا الدمار في العراق وفلسطين ولبنان ، والبقية تتبع ، هدفه استباحة المنطقة ومصدره " أمريكا عدوة الشعوب ".

* عضو اتحاد الكتاب العراقين في السويد