| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

الأثنين 21/1/ 2008



حراك سياسي ..أم صحوة سياسية ..!؟

هادي فريد التكريتي  *

منذ أكثرمن أربعة أعوام والسلطة السياسية بيد أقوى تحالف ، ديني ـ طائفي وقومي ـ عنصري ، تحالفوا فيما بينهم ، دون أن يعلنوا عما اتفقوا عليه ، للشعب العراقي ، أو للقوى التي يمثلونها ، وظلت بنود اتفاقهم سر من الإسرار ، في وقت ساد فيه القتل والتفجير والاختطاف والترحيل والتهجير ، كل أبناء وشرائح المجتمع العراقي ، كما شاع النهب والفساد ، كل مرافق الدولة ومؤسساتها ، التي تقاسم سلطتها المتحالفون ، ورغم تعالي أصوات الوطنيين الأحرار والديموقراطيين ، من مفكرين وكتاب وسياسيين ، المطالبين بوضع حد لهذا التدهور، ومعالجة نتائجه ، إلا أن الحكم لم يبذل أي جهد لوقف ما يجري ، من نزف لدماء البشر ، في أغلب المحافظات ، أولمحاسبة المسؤولين عن نهب ثروات البلد ، و منذ ذلك الوقت ، بقي الوضع العراقي ينحدر من سيئ لأسوء ، في الوقت نفسه تحققت لأغلب قادة الحكم ورموزه ، سلطة عريضة وثراء فاحشا ، والشعب العراقي ،الذي كان ينتظر من وعودهم حلا لمأساته ، خرج بخفي حنين ، رغم انتخابه لهم لدورتين متتابعتين ...

بعد فشل هذا التحالف من تحقيق الأمن ولقمة العيش للمواطن ، وتحرر واستقرار الوطن، الذي أرهقه الاحتلال وتدخل دول الجوار، من العرب والعجم ، حاليا ، بدأت كل القوى على الساحة السياسية ،تفتش عن تحالفات جديدة ، لتغيير هذا الواقع ، فاختلطت الأوراق ، حابلها بنابلها ، وتغيرت المفاهيم والإصطفافات ، بين كثير من القوى السياسية ، وانتقلت كتل وقوى قومية وطائفية من مواقع " الفيدراليات " بالمفهوم التقسيمي ، لمواقع مغايرة ومعارضة لهذا المفهوم ، وبدأ حراك ليشمل كل القوى السياسية ، داخل مجلس النواب وخارجه ، من المساهمين في الحكم ومن المقاطعين له ، ودخلت هذا " الحراك " قوى أخرى كانت مهمشة ، أولم يكن لها تمثيل أصلا في كلا المؤسستين ، التشريعية والتنفيذية .

كل القوى السياسية ، بما فيها قوى الحكم ، وبضمنهم ، أولئك الذين انتفخت بطونهم من سرقة أموال الشعب ، اتفقت ، ولأول مرة في تاريخها بعد سقوط النظام ، على إدانة هذا الواقع الفاسد ، مطالبة بتغييره ، من وجهات نظر وزوايا مختلفة ، والكل يدعو إلى إعادة تشكيل الحكومة ، تحت واجهة " حكومة وحدة وطنية " ، وكأن حكومة "المحاصصة " القائمة لم تُطلق على نفسها ، هذه التسمية ، ولم تكن هي المتسببة بهذا الواقع القائم ..
فشل الحكومة في تنفيذ برنامجها ، الذي تقدمت به عند تشكيلها ، كان من الأسباب الجوهرية في نشاط القوى السياسية . فتغيير الواقع العراقي البائس ، وإعادة صياغة التحالفات بين القوى السياسية من جديد ، وعلى أسس وطنية ، داخل مجلس النواب وخارجه ، كان مثارجدل و حوارات بين نخب مثقفين لقوى وطنية وديموقراطية وقومية ،عطل تفعيل كل هذا ، عمل الحكومة المشلول، وتأثيره السلبي على الواقع السياسي ، ومجمل حياة المواطنين ، بسبب مقاطعة كتل " عربيةـ إسلامية ـ سنية وإسلامية ـ شيعية ، " لاجتماعات مجلسي الوزراء والنواب ، وخلافات القوى الكوردية ممثلة ، بالسيد مسعود البرزاني ، رئيس إقليم كردستان ، والسيد جلال الطلباني ، رئيس الجمهورية ، ووزراؤهم في الحكومة المركزية ، ونوابهم الكورد في المجلس النيابي ، مع حكومة المالكي ، وبعض الكتل التي يمثلها ، بخصوص أمور كثيرة ،منها ما يتعلق بتنفيذ المادة(140) من الدستور العراقي ، حول محافطة كركوك ، كما يطالبون بحقهم في التصرف بثرواتهم النفطية ،وعدم عرقلة تنفيذ اتفاقياتهم النفطية التي أبرموها مع الشركات الأجنبية . الحكومة المركزية ، لا ترى حقا لإقليم كوردستان ، في إبرام مثل هذه الاتفاقيات، متذرعة بما ينص عليه الدستور العراقي ـ الذي شرعته حكومة " المحاصصة " وهم ، الكورد ، شريك لهذه الحكومة فيما شرعت ـ في مادته 108 ، التي تقول إن عائدية " النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات ..." والمادة 109 نصت على : " تقوم الحكومة الاتحادية بادرة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافطات المنتجة ، على أن تُوزع وارداتها بشكل منصف يتناسب مع التوزيع السكاني في جميع أنحاء البلاد ..." ومن هذه النصوص، استنتجت الحكومة المركزية ، عدم أحقية حكومة كوردستان بالانفراد والإستئثار بالمنتوج النفطي في منطقتهم ، أو في المناطق المختلف عليها ، كما في كركوك ،ولحكومة الإقليم حق فيما ينتج من نفط في باقي مناطق العراق ، ولا يحق لها، لحكومة الإقليم ، إبرام اتفاقيات مع شركات أجنبية ، فعقد الاتفاقيالت مع دول أجنبية شأن من شؤون الحكومة الإتحادية ، وليس من حق الفدراليات ،كما هو منطوق المادة 107 ـ التي نصت " تختص السلطات الاتحادية بالاختصاصات الحصرية الآتية : أولا : رسم السياسية الخارجية والتمثيل الدبلوماسي والتفاوض بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية وسياسات الاقتراض والتوقيع عليها وإبرامها ، ورسم السياسة الاقتصادية والتجارية الخارجية السيادية ." كما لا يحق لإقليم كوردستان (كما تقول الحكومة المركزية ، ومؤيدوها من التكتلات النيابية المختلفة ، قومية عنصرية ـ عربية ، وإسلامية طائفية) الإستئثار بثروات هي ملك لكل الشعب العراقي ، حتى وإن كانت في أرض الفيدراليات ...هذه الأمور، وأمور سرية ، وعلنية ، مختلف عليها ـ تتعلق باستحقاقات مالية لإقليم كوردستان ، لم يوافق على تنفيذها ، رئيس الوزراء ، وأخرى يؤخر صرفها ، باقر صولاغ ، وزير المالية ، ولدت مشاكل اقتصادية للإقليم ، و خلافات أخرى ، سياسية وحدودية جغرافية ، باعدت في الشقة بين الكتلتين الشريكتين في الحكم ، وبدلا من اللجوء إلى الدستور، الذي توافقت عليه الكتلتان عند تشريعه ، للاحتكام إلى المحكمة الاتحادية العليا ، في حل الخلافات ، بدأت ، هذه، الأطراف المتنازعة ، تُصًعد من لهجة حوارها المنفعل ، داخل الحكم وخارجه ، مما أضعف من تحالفاتهم وفاقم خلافاتهم ، ونزع مصداقية تعاونهم ، وراح كل منهم يبحث عن شركاء لدعم مواقفه ، على حساب وحدة الوطن وأمن وسلامة الشعب .
صراع " لي الأذرع " الدائر حاليا ، بين رئاستي الدولة والسلطة " الإتحادية "، ومن ورائهما القوى الداعمة لحراكهما ، من قوميين وطائفيين،غير مضمون النتائج والآفاق ، وإن اتسع وتجاوز ما رسمه الدستور ، والحوار الودي والديموقراطي ، فلن يحقق أمنا ولا استقرارا للعراق بكل مكوناته ، وتحسبا لما يفرزه هذا الواقع من تعقيد أكثر للوضع السياسي والاجتماعي ، تنادت قوى سياسية وطنية وديموقراطية ، في السلطة وخارجها ، ووجهت " نداء من أجل بناء دولة ديموقراطية مدنية في العراق" لكل قوى المجتمع ، هذا النداء ، يمثل محتواه " صحوة سياسية " ذات أهداف وطنية وسياسية ، تعزز من التوجه الوطني لبناء حياة ديموقراطية ، وتحقق خطوة جريئة لمصالحة وطنية ، يمكن تفعيلها وتطويرها ، لترسخ سلما أهليا ،افتقده المجتمع العراقي طويلا ، بكل طوائفه وقومياته .
العراقيون بكل قومياتهم ومللهم وطوائفهم ، مدعوون لممارسة ضغوطهم ، بكل شكل ووسيلة ، على الحكم وكل فصائله ومكوناته ، لأن يلتزموا تبني هذا النداء وتوجهاته ، لحل كل القضايا الخلافية العالقة بين القوى السياسية ، من ديموقراطية وقومية ودينية طائفية ، والتزام مصلحة الشعب العراقي ، في كل ما يهدفون ويرسمون له ، فإن حققت " صحوة العشائر" نجاحا في حماية أحياء سكنية ومدن معينة ، كما يقول الأمريكان وحلفاؤهم ، فهل سيحقق نداء الوطنيين والديموقراطيين " صحوة سياسية " لكل القوى السياسية ، وبقوى وطنية عريقة ، لتبني عراقنا على أسس عصرية ومدنية ، وتلجم صراعات قومية وطائفية ، سبق وأن اختبرها شعبنا ، ولم يجن منها سوى خرابا ودمارا ، واحتلالا عاث في العراق فسادا ...!!


* عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد
 


 

Counters