موقع الناس     http://al-nnas.com/

المليشيات ..ووعود المالكي ..!!


هادي فريد التكريتي

السبت 20/5/ 2006

اتسمت التشكيلة الحكومية ، منذ سقوط الحكم وحتى اللحظة ، بضعفها وعدم قدرتها على حكم وإدارة البلاد ، على الرغم من تواجد قوات الاحتلال وما قدمته من مساعدات ودعم لهذه الحكومات ، وبغض النظر عن الرؤية الأمريكية في كيفية التعامل مع الواقع العراقي ومشاكله ، إلا أنها كانت تصب في خلق واقع يتيح لقواتها وإدارتها في العراق ، التفرغ لتحقيق الهدف الذي جاءت من أجله ، إلا أن هذا لم يتحقق لها ، بسبب تعارض رؤيتها لتحقيق أهدافها مع مصالح الشعب العراقي ، أولا ، وبسبب تعدد وجهات نظر مراكز القرار العراقي ثانيا ، حيث تشكلت حكومات غير متجانسة ، لا شكلا ولا موضوعا ، مما أفقد رئيس الحكومة سيطرته على أداء حكومته ، وهذا ما ينطبق على رئيس الدولة ومكتب الرئاسة ، الشريك في رسم وتنفيذ سياسة السلطة التنفيذية ، مما أوجد حالة من عدم التفاهم والتناقض في تنفيذ القرارات التي سبق وان تم التفاهم عليها ، هذا الواقع أوجد خللا واضحا في أداء الحكومة ومعالج! تها للمشاكل التي اعترضت الحكم للفترة السابقة.

من أبرز المشاكل التي عانى ، ولا زال يعاني منها الشعب العراقي ، تفشي الإرهاب ، في مناطق مختلفة من العراق وإشاعته من قبل منظمات إرهابية قومية ـ عنصرية ، وإسلاميين تكفيريين من دول عربية وإسلامية ، تدعمهم قوى دولية عربية وإسلامية ، ومنظمات استخبارية لها مصلحة في زعزعة الوضع العراقي . الدولة فشلت في معالجة هذا الملف واحتوائه ، لأسباب كثيرة ، منها المزاوجة بين قوات الجيش وقوات الشرطة في وزارة الداخلية ، في التصدي للإرهاب ، وإشراك مليشيات الأحزاب العنصرية والطائفية في معالجة هذا الملف ، مما عمق من حالة الفلتان الأمني ، واطلق يد المليشيات بشكل رسمي في إشاعة الإرهاب في مناطق مختلفة من العراق ، فاصبح الصراع بين المواطن والميليشيات إلإرهابية ، بكل إنتماءاتها المتعددة ، والأشكال المختلفة لتسمياتها ، حيث التفجير والقتل المتبادل على الهوية ، دون محاسبة أو رقيب ، وتحت مظلة الدولة والحكومة ، التي انتمت مؤسساتهما المغتصبة بالإكراه لأحزاب طائفية ، وتتقاسمهما ميليشيات هذه الأحزاب ، التي هي بدورها تتنافس على مناطق النفوذ ، مما ضجت شكوى المواطن من هذه الجرائم في مناطق مختلفة من العراق ، دون قدرة من الدولة بشكل عام ، والحكومة بشكل خاص ، من على وضع حد لما يحدث ، سوى الإعلان عن تشكيل لجان للتحقيق ، لذر الرماد في العيون ، ولامتصاص غضب المواطن ، وهذا ما لم يعلن المسؤولون على الشعب العراقي شيئا عن النتائج التحقيقية لهذه اللجان ، التي أمرت بتشكيلها أعلى مستويات السلطة والحكم ، كما حصل في أحداث جامعة البصرة ، وجسر الأئمة وملجأ الجادرية وليس أخيرا تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء ، وهذا ما تتحمل مسؤوليته السلطة التشريعية السابقة ، والسلطتان التنفيذية والقضائية لعدم متابعتها للنتائج وإعلانها على الشعب العراقي .

بعد الانتخابات الأخيرة ، وقرار تكليف السيد نوري المالكي بتشكيل الحكومة ، أعلن المرشح الجديد :ـ أن من أولويات حكومته المزمع تشكيلها معالجة الحالة الأمنية ، والفساد المالي والأداري المستشري في البلد .واعتبر السيد المالكي حل الميلشيات لكل أحزاب القوى السياسية المساهمة في السلطة أو خارجها ، وتجريدها من السلاح ، أمرا من أولويات حكومته ، وهو المدخل الحقيقي لإشاعة الأمن ، وإحلال السلم الأهلي ، والقضاء على الإرهاب ، من منطلق أن السلاح لا يجب أن يكون خارج سلطة الدولة وقواتها المسلحة ، هذا الموقف من السيد المالكي ، جعل أغلبية الشعب العراقي تراهن على نجاحه في قيادة العراق ، والبدء بحل مشاكله التي يعاني منها ، تبدأ بأمن المواطن ، وشعوره بمتعة الحرية التي تحققت بعد انقضاء عهود الظلم والديكتاتورية ، إلا أن هذا الأمل بدأت تتلاشى مشاعر الإحساس به ، من قبل المواطن العراقي . لحظة الإعلان عن تشكيل الحكومة وقراءة السيد المالكي لبرنامج حكومته ، حيث عدد الكثير من النقاط التي تزمع حكومته القيام بها ومعالجتها ، إلا أنه أغفل حل المليشيات ومعالجة ملفاتها ، التي كانت مدار حوار مع السيد المالكي وتصريحاته السابقة ، هذا التراجع نأمل أن لا يكون السيد رئيس الوزراء الجديد ، المالكي ، حصل نتيجة لاستجابة ضغوط قادة المليشيات وأحزابها ، والأمر بصرف نظر حكومته عن معالجة أمر هذه المليشيات ، وغلق ملفات جرائمها ، التي ستحدد نجاح أو فشل المالكي في تنفيذ المهام التي تضمنها البيان الوزاري لحكومته ، فالحالة الأمنية التي يعيشها العراق عامة ، والبصرة خاصة ، التي استوجبت تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة نائب رئيس الجمهورية ، عادل عبد المهدي ، لمعرفة أسباب التردي والصراع الحاصل هناك بين المليشيات . فلقاؤه ـ السيد عادل عبد المهدي ـ بمسؤولي منظمة بدر ، مؤشر له علاقة وثيقة بصراع هذه المليشيات الحزبية المتعددة الولاءات والإتجاهات الحزبية ، في السيطرة على المنافذ المتعددة لتهريب النفط من المنطقة الجنوبية ، وتقاسم عائداته بعيدا عن علم الحكومة وسيطرتها ،! فالنجاح والفشل في معالجة أمر المليشيات ، قبل غيرها من القضايا ، هو بح د ذاته أمر يحدد ويحسم قوة الحكومة وقدرتها على معالجتها للفساد المستشري بالبلد ، الذي اقر به المالكي قبل وبعد مجيئه للوزارة ، فهل هو قادر على تجاوز طائفيته ، ليحكم باسم العراق كله ، أم سيبقى رهين منصبه .؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة ، ومن يعيش سيرى ...!