موقع الناس http://al-nnas.com/
المليشيات ..ووعود المالكي ..!!
هادي فريد التكريتي
اتسمت التشكيلة الحكومية ، منذ سقوط الحكم وحتى اللحظة
، بضعفها وعدم قدرتها على حكم وإدارة البلاد ، على الرغم من تواجد قوات الاحتلال
وما قدمته من مساعدات ودعم لهذه الحكومات ، وبغض النظر عن الرؤية الأمريكية في
كيفية التعامل مع الواقع العراقي ومشاكله ، إلا أنها كانت تصب في خلق واقع يتيح
لقواتها وإدارتها في العراق ، التفرغ لتحقيق الهدف الذي جاءت من أجله ، إلا أن هذا
لم يتحقق لها ، بسبب تعارض رؤيتها لتحقيق أهدافها مع مصالح الشعب العراقي ، أولا ،
وبسبب تعدد وجهات نظر مراكز القرار العراقي ثانيا ، حيث تشكلت حكومات غير متجانسة ،
لا شكلا ولا موضوعا ، مما أفقد رئيس الحكومة سيطرته على أداء حكومته ، وهذا ما
ينطبق على رئيس الدولة ومكتب الرئاسة ، الشريك في رسم وتنفيذ سياسة السلطة
التنفيذية ، مما أوجد حالة من عدم التفاهم والتناقض في تنفيذ القرارات التي سبق وان
تم التفاهم عليها ، هذا الواقع أوجد خللا واضحا في أداء الحكومة ومعالج! تها
للمشاكل التي اعترضت الحكم للفترة السابقة.
من أبرز المشاكل التي عانى ، ولا زال يعاني منها الشعب العراقي ، تفشي الإرهاب ، في
مناطق مختلفة من العراق وإشاعته من قبل منظمات إرهابية قومية ـ عنصرية ، وإسلاميين
تكفيريين من دول عربية وإسلامية ، تدعمهم قوى دولية عربية وإسلامية ، ومنظمات
استخبارية لها مصلحة في زعزعة الوضع العراقي . الدولة فشلت في معالجة هذا الملف
واحتوائه ، لأسباب كثيرة ، منها المزاوجة بين قوات الجيش وقوات الشرطة في وزارة
الداخلية ، في التصدي للإرهاب ، وإشراك مليشيات الأحزاب العنصرية والطائفية في
معالجة هذا الملف ، مما عمق من حالة الفلتان الأمني ، واطلق يد المليشيات بشكل رسمي
في إشاعة الإرهاب في مناطق مختلفة من العراق ، فاصبح الصراع بين المواطن
والميليشيات إلإرهابية ، بكل إنتماءاتها المتعددة ، والأشكال المختلفة لتسمياتها ،
حيث التفجير والقتل المتبادل على الهوية ، دون محاسبة أو رقيب ، وتحت مظلة الدولة
والحكومة ، التي انتمت مؤسساتهما المغتصبة بالإكراه لأحزاب طائفية ، وتتقاسمهما
ميليشيات هذه الأحزاب ، التي هي بدورها تتنافس على مناطق النفوذ ، مما ضجت شكوى
المواطن من هذه الجرائم في مناطق مختلفة من العراق ، دون قدرة من الدولة بشكل عام ،
والحكومة بشكل خاص ، من على وضع حد لما يحدث ، سوى الإعلان عن تشكيل لجان للتحقيق ،
لذر الرماد في العيون ، ولامتصاص غضب المواطن ، وهذا ما لم يعلن المسؤولون على
الشعب العراقي شيئا عن النتائج التحقيقية لهذه اللجان ، التي أمرت بتشكيلها أعلى
مستويات السلطة والحكم ، كما حصل في أحداث جامعة البصرة ، وجسر الأئمة وملجأ
الجادرية وليس أخيرا تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء ، وهذا ما تتحمل
مسؤوليته السلطة التشريعية السابقة ، والسلطتان التنفيذية والقضائية لعدم متابعتها
للنتائج وإعلانها على الشعب العراقي .
بعد الانتخابات الأخيرة ، وقرار تكليف السيد نوري المالكي بتشكيل الحكومة ، أعلن
المرشح الجديد :ـ أن من أولويات حكومته المزمع تشكيلها معالجة الحالة الأمنية ،
والفساد المالي والأداري المستشري في البلد .واعتبر السيد المالكي حل الميلشيات لكل
أحزاب القوى السياسية المساهمة في السلطة أو خارجها ، وتجريدها من السلاح ، أمرا من
أولويات حكومته ، وهو المدخل الحقيقي لإشاعة الأمن ، وإحلال السلم الأهلي ، والقضاء
على الإرهاب ، من منطلق أن السلاح لا يجب أن يكون خارج سلطة الدولة وقواتها المسلحة
، هذا الموقف من السيد المالكي ، جعل أغلبية الشعب العراقي تراهن على نجاحه في
قيادة العراق ، والبدء بحل مشاكله التي يعاني منها ، تبدأ بأمن المواطن ، وشعوره
بمتعة الحرية التي تحققت بعد انقضاء عهود الظلم والديكتاتورية ، إلا أن هذا الأمل
بدأت تتلاشى مشاعر الإحساس به ، من قبل المواطن العراقي . لحظة الإعلان عن تشكيل
الحكومة وقراءة السيد المالكي لبرنامج حكومته ، حيث عدد الكثير من النقاط التي تزمع
حكومته القيام بها ومعالجتها ، إلا أنه أغفل حل المليشيات ومعالجة ملفاتها ، التي
كانت مدار حوار مع السيد المالكي وتصريحاته السابقة ، هذا التراجع نأمل أن لا يكون
السيد رئيس الوزراء الجديد ، المالكي ، حصل نتيجة لاستجابة ضغوط قادة المليشيات
وأحزابها ، والأمر بصرف نظر حكومته عن معالجة أمر هذه المليشيات ، وغلق ملفات
جرائمها ، التي ستحدد نجاح أو فشل المالكي في تنفيذ المهام التي تضمنها البيان
الوزاري لحكومته ، فالحالة الأمنية التي يعيشها العراق عامة ، والبصرة خاصة ، التي
استوجبت تشكيل لجنة للتحقيق برئاسة نائب رئيس الجمهورية ، عادل عبد المهدي ، لمعرفة
أسباب التردي والصراع الحاصل هناك بين المليشيات . فلقاؤه ـ السيد عادل عبد المهدي
ـ بمسؤولي منظمة بدر ، مؤشر له علاقة وثيقة بصراع هذه المليشيات الحزبية المتعددة
الولاءات والإتجاهات الحزبية ، في السيطرة على المنافذ المتعددة لتهريب النفط من
المنطقة الجنوبية ، وتقاسم عائداته بعيدا عن علم الحكومة وسيطرتها ،! فالنجاح
والفشل في معالجة أمر المليشيات ، قبل غيرها من القضايا ، هو بح د ذاته أمر يحدد
ويحسم قوة الحكومة وقدرتها على معالجتها للفساد المستشري بالبلد ، الذي اقر به
المالكي قبل وبعد مجيئه للوزارة ، فهل هو قادر على تجاوز طائفيته ، ليحكم باسم
العراق كله ، أم سيبقى رهين منصبه .؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القادمة ، ومن يعيش
سيرى ...!