| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

الأربعاء 14/11/ 2007



المادة 142 من الدستور... عقبة في استقرار العراق ... .!!

هادي فريد التكريتي  *

بعد سقوط النظام في العام 2003 ، أعادت قوات الاحتلال الأمريكي تشكيل الدولة العراقية ومؤسساتها الرسمية ، على أسس طائفية وعنصرية ، مدركة كل الإدراك الهدف والغاية من رواء هذا التشكيل ، وما سيلعبه مستقبلا هذا النظام ، من ترسيخ نزاع وعدم استقرار ، بين مكونات الشعب العراقي ، و قيام علاقات اجتماعية قلقة وغير مستقرة ، تخدم الأهداف الأمريكية ومصالحها ، ليس في العراق لوحده ، بل وفي عموم المنطقة كلها ،لآماد طويلة
الإدارة الأمريكية ، لم تدخل العراق بقرار آني وغير مدروس ، نتيجة لما كان يعانيه الشعب العراقي من اضطهاد وقمع، مارستها ضده سلطة فاشية ، فأمريكا هي من أتت بصدام ، وهي تعرف طبيعة النظام وفلسفته ، كما تعرف أن رئيسه " المنصور " الذي اختارته و دربته مخابراتها ، فاشي حتى العظم ، عدو ليس لتطلعات الشعب العراقي ، وكل نسيجه الوطني والقومي ، وإنما لشعوب وحكومات المنطقة ، أمريكا تعرف هذا مسبقا ، كما عرفت مقدار عزلته عن الشعب،بعد أن نفذ لها كل ما أملته عليه من سياسات كانت ليست في صالح العراق وشعبه ، كتوقيع معاهدة الجزائر مع شاه إيران في العام 1975 التي أباحت له قتل وإبادة الشعب الكوردي ، وإعلان الحرب على إيران وغزوه للكويت ، وبعد أن حققت ما رسمت له وخططت ، ما عادت تراه مؤهلا لتنفيذ أهدافها اللاحقة في المنطقة ، لذا أسقطته لتأتي بحكم بديل ، رموزه طائفية وقومية عنصرية ، مستعدة لتنفيذ مهام المرحلة الراهنة والمقبلة مهما كانت أهدافها صعبة التنفيذ ، بعض قوى المعارضة لصدام وهم من يقود الحكم حاليا، كانت تدرك عن يقين مدى بطلان صحة دعاوى" الديموقراطية "التي تتبجح بها أمريكا لتوريدها للشعب العراقي ، ولشعوب المنطقة ، فلو صدقت المعارضة العراقية ، وقتئذ ، بهذا التوجه هذا لما تعاونوا مع أمريكا ، لأنها أحزاب دينية ـ طائفية ، وقوى قومية وعنصرية ، وهي من حيث الفكر والممارسة، ليست ضد الديموقراطية فقط ، وإنما ضد العلمانية، التي هي أوطأ درجة ، ممارسة ومفهوما ، من أبسط المفاهيم الديموقراطية.. أمريكا لو كانت مخلصة أو صادقة في دعواها: " تخليص العراق وشعبه من نظام حكم دكتاتوري وشوفيني، ولبناء مجتمع ديموقراطي " فعلا ونية ، لما شرعت ، وهي العريقة في الديموقراطية ، للعراق نظام " المحاصصة الطائفية والعنصرية "، فهذا النظام أسوء مما كان عليه الوضع السابق ، فتأسيس نظام على بداية سيئة ، نتائجه اللاحقة لن تكون إلا أسوء من سابقتها ، وهذا ما كان ، وحصل ، منذ أول خطوة خطتها أمريكا في إعادة تأسيس الدولة العراقية ،فليس هذا خطأ غير مقصود، من باب الاجتهاد ، كما يحاول البعض من كتابنا ومحللينا أن يصورونه ، بلهو أمر مدروس وعن قصد عمد ، فإدارة بوش وقيادات قوات الاحتلال الأمريكية لها خبرات واسعة قد تراكمت عبر عشرات السنين ، وهي تعرف جيدا ، خطورة " العنصرية والطائفية " على الديموقراطية ، وتتنافى كليا مع أبسط مبادئها .
دولتنا العتيدة في كل مؤسساتها الرسمية :المجلس النيابي ، ورآسة الجمهورية ، والحكومة ،، اختفت منها مفاهيم الوطنية ،وهي تمارس المظاهر الطائفية والعنصرية وتجاهر علانية بها ، سواء من كان في منصب الرئيس أو من هو في منصب نائب الرئيس ، كل هؤلاء، وكل أعضاء هذه المؤسسات في المواقع الثلاثة ،( إلا قلة كالجاموس الأبيض من بين القطيع ) ، تنكر للقسم الذي أقسمه : لأن يصون مصالح الشعب ويحمي الوطن ، والكل يتناسى المفاهيم والقيم التي كان يرددها و يدعيها أمام أنصاره ومريديه ،ويتعرى دون أدنى حياء أو خجل من مبادئه، ويتناسى مصالح شعبه ، وهموم مواطنيه و كل ما كان يؤمن به ، عندما يلتقي رئيس الإدارة الأمريكية ، أو من يمثلها ، ليضمن البقاء في موقعه ، أو ليحتل منصبا يليق به في وقت لاحق ، جزاء ما قدم من خدمات وسيقدم .
أصحاب الحكم الحالي ، يعلم أن الإدارة الأمريكية لم تقع بحب هذا أو ذاك من المسؤولين العراقيين ،فلم يكن قدومها للعراق واحتلاله من أجل إرجاع "حق تاريخي" مغتصب، أو لضمان استمرار حكم هذه الطائفة أو تلك القومية، و ليس من أجل بناء الديموقراطية ورفاهية الشعب العراقي ، كما قالوا . ما يهمها استثمار نتائج غزو جيوشها للعراق وتنفيذ المهام التي استقدمتها من أجلها ، في العراق ، والمنطقة، وللمحافظة على ما تحقق فعلا لها من مواقع ، وما سيتحقق لها مستقبلا ، و الإدارة الأمريكية تدرك ، أيضا، أن ديمومة بقاء مصالحها مرتبط بتوثيق " الشرعية" لبقاء قواتها العسكرية والأمنية ، وفق اتفاقات ومعاهدات عاجلة، تستعجل السلطةَ العراقية على إبرامها وتوثيقها قانونيا ، آخذة بالاعتبار مصالحها أولا وأخيرا ، وهذا ما تحدث به صراحة وعلانية الرئيس بوش من رئيس الوزراء نوري المالكي ، عندما التقاه في نيويورك في منتصف شهر أكتوبر على هامش الذكرى السنوية لتأسيس الأمم المتحدة ، حيث اقترح عليه " عقد اتفاقية أمنية استراتيجية ، طويلة الأمد بين العراق والولايات المتحدة على غرار الاتفاقيات التي عقدتها الولايات المتحدة مع دول الخليج ، وبالذات الاتفاقية الأمنية الطويلة الأمد مع المملكة السعودية " ، لأن هذه الاتفاقية وفق تصور بوش " ستكون ملزمة للرئيس حاليا ولرئيس الولايات المتحدة القادم ، كما أنها تزيل القلق السعودي والخليجي الناجم من عدم توقيع العراق لمثل هذه الاتفاقية الأمنية .." ليس هذا فقط ما طلبه بوش من المالكي ، إنما طالبه " سرعة المصادقة على قانون النفط والغاز " وهذا بعض أهداف عاجلة ، جاء ت قواته من أجلها للعراق ، ومن مستلزمات ترسيخ التحالف مع الإدارة الأمريكية ضرورة إنجاز " ملفات المصالحة الوطنية ، وحكومة الوحدة الوطنية ، واجتثاث البعث , واستكمال الخطوات التي تتعلق بقضية كركوك وتعديل الدستور " والمطلب الأخير هو ما يضفي الشرعية على كل ما تريد أمريكا تحقيقه من أهداف في العراق ، المالكي كان يصغي بانتباه للرئيس بوش ، فمطالبه أوامر ، ما عدا ما أبداه من مخاوف لتسليح عشائر الدليم التي يفهم مغزاها جيدا المالكي ، فربما يؤدي هذا إلى ضياع ما تحقق ، حتى الآن ، للطوائف ولجيرانهم من مكاسب ، ـ وهي مخاوف مشروعة وفي محلها ! ـ إلا أن الأمريكان ، علمتهم تجاربهم عدم وضع البيض في سلة واحدة غير مضمونة البقاء ، ولهذا شرعت قوات التحالف ، تسليح عشائر غرب العراق ، الموالية لهم ، والتي وثَق الرئيس بوش علاقاته الشخصية معهم ، وأمدهم بالمهم من سلا وعتاد ومال ، وبكل ما يحتاجونه لتنفيذ الأمريكي الجديد ، دون استشارة الحكومة ، بل قد زارهم شيوخا وأفردا ،في دورهم ومنازلهم ، سرا وعلانية ، أكثر من مرة ، دون علم أو استئذان من سلطة دولة ،تطلب من الغرير احترامها ، كما تدعي الاستقلال والسيادة على الأرض العراقية ..
إدارة الرئيس بوش تدرك جيدا أن كل ما جاءت من أجله في العراق ، ربما ، يذهب هباء منثورا ، إن لم تعالج حكومة المالكي ، ومؤسسات السلطة الأخرى ، الملفات التي لم يبت فيها حتى الآن، خصوصا تلك المساعدة على استقرار الوضع العراقي بشكل عام ، وهي كثيرة ، أهمها على الإطلاق مسألة تعديل الدستور وفق المادة 142 ، هذه المادة ُشرعت بالأساس ، لتلافي عدم اتفاق القوى المشاركة في مجلس النواب على نصوص بعض مواد الدستور قبل إقراره، وبما أن الوقت ، آنذاك ،قد استنفذ مداه في مجال المناقشة دون اتفاق ، وخشية الرجوع إلى نقطة البداية ، وهي في غير صالح حكم"المحاصصة" شرعت هذه المادة ،لتلافي هذا الواقع، وهي ملزمة التنفيذ بعد المصادقة عليه ، إلا إن الائتلاف الحاكم لا زال يتهرب ، ومترددا من فتح هذا الملف ، لأن التعديل سيشمل موادا يعتبرها الحكم حقوقا وأحكاما مقدسة ولا يجوز المساس بها ...و إدارة بوش وخبراء القانون، في البيت الأبيض ، يدركون:إن كل اتفاق أو معاهدة تبرم مع العراق ، تعتبر غير شرعية أو غير دستورية، وعدم التعديل يعطي المعارضة العراقية ، في المجلس النيابي وخارجه ، حق الطعن في شرعية كل القوانين والمعاهدات التي تقدم على إبرامها السلطة ، الدستور العراقي حتى اللحظة غير مكتمل وينتظر البدء بتنفيذ المادة 142 ، وكل حديث عن أمن واستقرار العراق سابق لأوانه قبل التعديل ..

14تشرين ثاني 2007

 * عضو اتحاد الكتاب العراقيين في السويد

 

Counters