| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

الخميس 13/3/ 2008



الكورد الفيلية : خطأ الانتماء ..!!

هادي فريد التكريتي *

الكورد الفيلية ،من أقدم القوميات والشرائح الاجتماعية ،التي عاشت على أرض الرافدين ، والملتصقة بجغرافيته ،منذ أقدم الأزمنة والعصور، وعلى اختلاف الدول والأنظمة التي تعاقبت على حكم العراق ، ساهم الكورد الفيلية ، مع كل الأقوام التي استوطنته ، في بناء الحضارات التي قامت على شاطئيه ..وبعد الحرب العالمية الأولى ،شاركوا، في بناء الدولة العراقية الجديدة ، وناضلوا كبقية شرائح المجتمع الوطنية ، ضد الاحتلال البريطاني ، وضد سياسة الاضطهاد والتفرقة العنصرية والطائفية ، التي مارسها الحكم الملكي ، والتي طالت الكثير من شرائح المجتمع العراقي ، والكورد الفيلية ، نالهم اضطهاد مضاعف ، الأول : كونهم مواطنين عراقيين ،ينتمون لتيارات سياسية ووطنية مختلفة ، معارضة لسياسة الدولة ونهجها غير الوطني ، والثاني : كونهم كوردا من حيث انتمائهم القومي ، وشيعة من حيث انتمائهم الطائفي ، واحد فقط من هذه الأسباب كان كافيا للاضطهاد ، فكيف إذا اجتمعت كل المحرمات ..؟ هذه الأسباب ، والنقص في حقوق المواطنة ، الذي أقره قانون الجنسية العراقية ، عمق من الوعي الوطني لدى الكورد الفيلية، وجعلهم ينخرطون في العمل السياسي الوطني ، ضد الحكومات العراقية المتعاقبة ، بكثافة ، أكثر من أية فئة عراقية أخرى، منذ بدايات تشكيل الحركة الوطنية والديموقراطية ، فنضال الكورد الفيلية الدؤوب ، من أجل إلغاء هذا القانون العنصري والطائفي ،ومن أجل مساواتهم في الحقوق والواجبات مع سائر المواطنين ،جر عليهم سخط وكراهية الحكم الملكي ، وأنظمة الحكم القومية المتعاقبة ، بعد ثورة 14 تموز الوطنية .
نالت هذه الشريحة الوطنية ، تعاطف ودعم القوى الشعبية الوطنية والديموقراطية ، وخصوصا الحزب الشيوعي العراقي ، منذ أن بدأ تهجيرهم بالجملة ، إلى إيران ، تحت ذريعة " التبعية الإيرانية " وكأن الحكومات القومية والفاشية ، المتعاقبة على حكم العراق ، كانت تتباهى وتمجد " التبعية العثمانية " وكلا الدولتين ، قديما وحديثاً ، لا تضمران سوى الحقد والكراهية للشعب العراقي، وهذا سبب آخر يضاف على أسباب الحقد والكراهية التي عانى منها الكورد الفيلية، طيلة عقود طويلة ، وما يعانونه اليوم ليس استثناء ..

الحكومات العراقية القومية ، وعلى مدار سني حكمهم ، هجرت آلاف العائلات العراقية ، من الكورد الفيلية ، وذروة التهجير، وأوسعها عشية الحرب العراقية الإيرانية ، وأثناءها ، نفذها بكل وحشية وقذارة ،المقبور صدام حسين ، رئيس نظام البعث الفاشي ، بعد أن سلب المهجرين وثائقهم ومستمسكاتهم التي تثبت عراقيتهم ، مع مصادرة أملاكهم وأرصدتهم في البنوك ، كما نفذ أقذر جريمة مفجعة في التاريخ العراقي الحديث ،حين احتجز شبيبتهم وغيبهم في سجونه ومقابره الجماعية ، ولم تكن هناك أية تهمة جنائية تسوغ لارتكاب مثل هذه الجريمة ، كما لم يكن هناك سبب قانوني واضح يستدعي التهجير..

كل القوى السياسية ،وبكل انتماءاتها ، الوطنية والديموقراطية والقومية والدينية /الطائفية ، وعلى اختلاف المبادئ والأهداف التي تحكمها ،وتناضل من أجلها، أدانت جريمة تهجير الكورد الفيلية ، عندما كانت في الخارج ، تناضل ضد النظام البعثي/ الفاشي في العراق ، وطالبت بمحاكمة النظام وقادته على جريمته هذه ، حدث هذا ، قبل أن يستخدم النظام الغازات السامة ، في حلبجة ، ضد الشعب الكوردي ، وقبل أن يحكم بالإعدام ، على البعض من أعضاء حزب الدعوة، في قضية الدجيل ، وكذلك قبل اندلاع انتفاضة آذار 1991 ، وهذا يعني أن من أولويات كل القوى، الدينية من الطائفة الشيعية ، والقومية من الكورد ، التي جاءت إلى السلطة مع القوات الأمريكية ، في العام 2003 ،والتي لازالت تحكم العراق ، باسم الدستور الدائم ، والمجلس النيابي المنتخب ، أن تعيد الحق لأهله ، ولكل العراقيين المتضررين من الحكم الفاشي ، بغض النظر، عن الدين والمذهب والقومية والعنصر والطائفة ، إلا إننا نرى ومن خلال الـ " مذكرة إلى السلطات العراقية الموقرة في بغداد / العراق " والمرفوعة من قبل " الاتحاد الديموقراطي الكوردي الفيلي في 8/3/2008" و كما يقول عنوانها " أرسلت إلى المحترمين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب " أن القوى التي تحكم العراق حاليا،لا تمثل أي طيف وطني أو قومي أو ديني ، من أطياف الشعب العراقي ،وإنما فقط ، تمثل شخوص من هم السلطة ، فليس هناك شريحة عراقية ، تتمثل فيها الوطنية والقومية والطائفية ، مثل الكورد الفيلية ، والكثير من أبناء الشعب العراقي ، كان يعتقد ، أن أول من ستُرَد إليهم حقوقهم ، هم الكورد الفيلية ، لأنهم كما يقول المثل الشعبي " هم شيعة وهم كورد " وكل رجال الحكم ، في مناسبة وغير مناسبة ، يتباكى ويستدر الدموع ، على المقابر الجماعية ، ونصف هذه المقابر هي لشبيبة الكورد الفيلية ولرجالهم ، فاين مصداقية رجال الحكم في دعواهم ..؟ عندما يتعلق الأمر بحقوق ومكاسب وامتيازات لهم ، في أي مؤسسة من مؤسسات الحكم ، يجتمعون ، ويقررون في الحال ، تشريع القانون المطلوب ، وهم يعلمون أن أكثر هذه الحقوق لا حق لهم فيها ، أما ما يتعلق بحقوق الشعب العراقي ، وخصوصا الكورد الفيلية ، فالأمر يحتاج إلى دراسات ، ووجهات نظر..

الغريب أن " الاتحاد الديموقراطي الكوردي الفيلي " يطالب بالغاء القرار 666 لسنة 1980، إضافة لمطالب كثيرة ، في حين أن هذا القرار يشمل الكثير من غير العراقيين الذين يجلسون حاليا ، في المجلس النيابي وفي الحكومة ، كما يشمل الآلاف الذين يتشكل منهم جيش " قوات بدر " وقادته ، فكيف دخلوا وتربعوا على السلطة ، إن كانت القوانين التي تحكم الكورد الفيلية ، هي نفسها تحكم القوى الأخرى ..؟ أليس غريبا وبعد خمسة أعوام ، لايزال العراقيون المهجرون بالقوة ، يعيشون في مخيمات طائفية بشعة ، تمارس بحقهم أبشع الممارسات اللاإنسانية ، وتحت علم وسمع حكومة تتكلم باسمهم ، أليس من الجريمة أن تصادر ممتلكات مواطنين ،مورست بحقهم أبشع الجرائم الفاشية ، ليسكنها حاليا قيادات ممن يدعون ويطالبون بـ " مظلومية الشيعة ، والكورد " ..في البيان تفاصيل، مذهلة لمن يريد الاستزادة ومعرفة حقيقة " المظلومين " فإن كان هناك حقيقة لمظلومين ، فهم الكورد الفيلية ( الأكراد الشيعة ) ، والظلم المسلط عليهم ، إبان الحكم القومي والفاشي ، والمنَفًذ عليهم حالياً ، هو نتيجة لانخراطهم في خيارات سياسية ووطنية وديموقراطية ، يعاديها الحكم والأمريكان حاليا، وبالتجربة ، ليس هناك أكثر من حقد طائفي وعنصري ، عندما يتم التواطئ مع الأجنبي والمحتل ، على القوى الوطنية الديموقراطية والشيوعية، فهل أخطأ الكورد الفيلية في انتمائهم الوطني ..؟!!

13/3/2008


*
عضو اتحاد الكتاب العراقيين




 

Counters