| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

هادي فريد التكريتي

hadifarid@maktoob.com

 

 

 

 

الأربعاء 11/1/ 2006

 

 

 

حفل التأبين ...وشهداء الحزب الشيوعي ..!

 

هادي فريد التكريتي

قبل أيام حضرت حفلا تأبينيا بمناسبة مرور عام ، على استشهاد المناضل الشيوعي والكادر النقابي هادي صالح 'أبو فرات ' ، الذي غدرت به أياد قذرة في مطلع العام 2005 بداره في بغداد ، وقد تناوب المؤبنون على ذكر صفات وسجايا هذا المناضل الشهيد البطل ، فمهما قالوا فيه ، فلن يوفوه حقه ، ولن تبلغ الكلمات شأو شجاعته وإقدامه على التضحية وهو يعرف أبعاد مخاطرها ، ويبقى الخطباء ، مهما أجادوا ، قاصرين عن وصف ما قدمه ، هذا المناضل من تضحية خدمة لشعبه وطبقته العاملة . كثيرة هي كلمات الخطباء ، وكثيرة هي أيضا المنظمات التي مثلوها في هذا الحفل ، منظمات مهنية وحزبية ، كلمات التأبين ، لم تكن تخلو من عبارات التهديد والوعيد والثأر للشهيد ، والانتقام له ولعائلته من القتلة المجرمين ، ومهما طال الوقت فلن يفلت الجناة من العقاب . لا شك أن عبارات مثل هذه تخفف! ، آنيا ، من آلام مصاب أهله ورفاقه ومحبيه ، إلا أنها لم تسُم في يوم من الأيام إلى واقع الحقيقة والتنفيذ ، فالمناضل أبو فرات لم يكن هو أول شهيد شيوعي يسقط غيلة ، بيد مجهولين ـ معلومين ـ مضرجا بدمائه ، فقد سبقه كثيرون ولا مجال لتعدادهم هنا ، كما قد لحقه رفاق آخرون ، خروا صرعى رصاص حاقد ، نتيجة للغدر الطائفي والعنصري ، وهمجية الأفكار الظلامية والشوفينية. فعلى مختلف المراحل الزمنية للحكم وظروفه ، كان كل شهداء الحزب الشيوعي ، رفاقه وأصدقاءه ومؤيديه ، قد استشهدوا واقفين ، وهم يؤدون واجبا وطنيا تجاه شعبهم ووطنهم ، ولن يقف شلال دمهم ونزفهم هذا ، طالما كان هناك حقد وكراهية يسعره أعداء التقدم والمدنية والحضارة ، ضد حاملي رايات الحرية ، وحياة العيش الأفضل للإنسان العراقي . كانت ولا زالت عبارات التنديد بالقتلة ، التي يطلقها الحزب الشيوعي ومنظماته ورفاقه ، هي ، هي ، لم تتغير ، رغم تغير الظروف وتبدلها ، ورغم مجيء حكام وذهاب آخرين ، فلم نر قصاصا من مجرم قتل شيوعيا ، وهنا تكمن ضعف مسؤولية الحزب الشيوعي ، سواء أكان هذا عن طريق المحاكم ، أم عن طرق أخرى ..! كما لم نر يوما أن الحزب الشيوعي قد ! شكل لجنة من حقوقيين ، أو ما شابههم ، تأخذ على عاتقها إقامة الدعاوى في المحاكم على المجرمين الذين قتلوا أو تسببوا في قتل واغتيال الكثير من الشيوعيين ، لرد الاعتبار للشهداء وتعويض عوائلهم المنكوبة بهم . فبعض دروس مستخلصة من محاكمة رموز النظام السابق ، الجارية حاليا ، عندما تقدم الشهود للشهادة في قضية الدجيل ، أثار المتهمون والمحامون ، أيضا ، عند مناقشتهم للشهود سؤالا في منتهى الأهمية وهو :ـ ' هل أقام الشهود الدعوى على من تسبب في قتل الضحايا ، أو المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم ..؟ ' وأنا هنا أتساءل هل تقدم الحزب الشيوعي ، نيابة عن كل الشهداء وعوائلهم ، بدعاوى أمام القضاء ضد النظام السابق لرد اعتبار الشهداء وتعويض عوائلهم عما لحق بهم من خسائر مادية ومعنوية ، كما الذين غيبوا والذين أصابتهم أضرار السجن والفصل ، وما شابه من أمور يترتب عليها حقا ماديا أو معنويا ، ومثل هذا الأمر ينطبق على كل الشهداء ، الذين راحوا ضحية الحقد الطائفي والقومي العنصري منذ سقوط النظام وحتى اللحظة .بدون إقامة الدعاوى ضد مرتكبي هذه الجرائم ، وفضح أسبابها ومسبباتها ، ستبقى شلالات دماء الشيوعيين والوطنيين تنزف ، دون أن تخفف منها أو تحد من مرتكبيها كلمات التأبين وعبارات الثار ، التي لا تسمن ولا تغني . فالحزب الشيوعي ، كما هي منظمات حقوق الإنسان ، مطالبة بالكشف عن مثل هذه الجرائم ومرتكبيها ، بحق كل الضحايا ، ومساءلة الحكومة عنها ، والنشر العلني على الملأ ، لكل ما له علاقة بالتحقيق في مثل هذه الجرائم ، وإقامة الدعاوى على السلطة التنفيذية في كل ما للضحايا من حقوق ، باعتبار أن السلطة هي المسؤولة عن أمن وحياة كل المواطنين ، والكشف عن كل المجرمين ، هو بعض ، من واجباتها واختصاصها ، وتعويض المتضرر يعتبر من بديهيات مسؤوليات الدولة ومؤسساتها .

من حق كل منظمة أو حزب أن تحمي نفسها ورفاقها ، فيما تراه من إجراءات حماية ووقاية ، خصوصا في مثل ظرفنا الراهن ، حيث الفلتان الأمني ، والقتل على الهوية تمارسه كل أجهزة الإرهاب ، والملثمون من المليشيات المختلفة ، طائفية وعنصرية ، تثير الرعب ليلا ونهارا بين المواطنين ، وحرمة الدار مستباحة أمام مقتحميها ، نتيجة لضعف في أداء الأجهزة الأمنية الحكومية ، وعدم حياديتها ، وفعالية القضاء تكاد تكون شبه معدومة ، إن لم تكن غائبة فعلا ، لذا نرى الكثير من المنظمات والأحزاب تقيم وسائل حماية خاصة بها لأعضائها وكوادرها ، ولها أجهزة أمن وقائية ومليشيات تقوم بتنفيذ اغتيالات للقوى المناهضة لها ، وهذا ما كان جليا في الانتخابات الأخيرة ، حيث تم اغتيال العديد من رفاق الحزب الشيوعي وأحزاب أخرى ، وهذا ما يعطي المبرر والحق للحزب الشيوعي أن يكون قادرا على الرد ، وحماية نفسه ورفاقه ، والتصدي لكل من! تسول له نفسه ارتكاب أي جريمة مشابهة ، كما حصل في السابق ، فمن أجل هذا ، وحتى لا تبقى كلمات التأبين جوفاء تكرر نفسها ، نجترها في مناسبات حزننا ، يكون الرد بحزم هو أفضل الطرق ..!