| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. حسن السوداني

 

 

 

الأربعاء 13 /7/ 2011

 

عيون الميدوزا (4)

هل نحن كذلك؟

د. حسن السوداني

ما ان تجلس مع عراقي في داخل الوطن "خاصة" وفي خارجه "عامة" الا وجدت في خرجه كم الحكايا عن عراقيين انجزوا افعالا ذات اهمية كبيرة تصل للخارقية في كثير من الاحايين..... اسماء كثيرة اغلبها مجهول وبعضها معروف نسبيا يتداولها الناس بكثير من الفخر الممزوج بالحزن لعدم تقدير هؤلاء في حاظنهم الطبيعي "الوطن" وكيف تلاقفتهم بلاد العيون الخضر والشعر الاشقر على طبق من فضة دون ان يرف لحكام العراق في كل العهود جفن!! ولعل عددا من الصحف المحلية تبرز احيان انجازا هنا واخر هناك لبعض الحرفيين في تطوير مكائنهم بما يحسن من انتاجها مع اضافة جرعة "تهويلية" لتلك الانجازات تزيد من حزن الناس وخيبتهم بالجهات العليا لعدم رعاية هذه المواهب! وما يعزز تلك القناعات بعض الانجازات الحقيقية لعراقيين في خارج البلاد في تخصصات طبية او فنية لم ترتقي الى المستوى العالمي الا في حالات محدودة , لكن اغلبها الاعم يدخل في دائرة المنجز العادي بل والعادي جدا. فلو استعرضنا ما هو المنجز الحقيقي لتلك التجارب التي تأخذ احيانا صدى لا تستحقه داخل الوطن لوجدنا ان اصحابها ساهموا بالخديعة بترصد ودون ترصد من خلال مساهمتهم بعدم التصحيح وتركهم مخيلة الاخر تجوب وتمرح في ذلك المنجز المحدود. وكم كانت دهشتي صادمة وانا ابحث عن ذلك المسرح العظيم الذي عرض فيه صديق لي من المسرحيين عمله الخارق في السويد وانا اكتشف ان ذلك المسرح ما هو الا قاعة صغيرة مخصصة لممارسة الاطفال لاوقات فراغهم ولم تزود حتى بأجهزة اضاءة خوفا على اولئك الاطفال من التعرض لتلك الاجهزة وهي غير مخصصة للعرض بالمرة لكنها تحمل عنوانا براقا خدع به صاحبنا اولئك ممن يبحثون عن التميز العراقي, ولم ادهش بعدها وانا اكتشف الواحد تلو الاخر ممن وضع عددا من الاصفار امام رقمه الواحد مما انجز. بل ان البعض قد "قف"على بيضة واحدة وصام بعدها بعد  ان تحجرت تلك البيضة واستحقت ان تدخل في متحف خيال صاحبنا وترتفع لدرجة المقدسات ان تجرأ احد على المساس بقشرتها الباهتة اللون.. الا ان المحزن ايضا ان الكثير ممن عاد للوطن بعد غياب واجرت معه فضائية محلية او صحيفة ناشئة لقاءً او حواراً الا ونفخ اوداجه عن حجم "بحلقة" الاوربيين بما قدمه ودهشتهم لخارقية اعماله ويختم حديثه عن ذكرياته مع الكباب العراقي والخبز الحار والطرشي ابو العنبة الذي لم يغب عن ذاكرته رغم نأي المسافات. هذه الحكايا يغذيها سيل من المقالات الصحفية والخطب الدينية وتصريحات الفقهاء وقصائد الشعراء والتي تنتهي الى مصير مضحك واحد هو :- مادمت تملك كل تلك المميزات فمن الطبيعي ان تتكالب عليك قوى الشر والاستعمار والحشاشة والذئاب لينالوا منك!!!! ومن الطبيعي ان تعاني وتعيش مهمشا ومغضوبا عليك!!.

هذه العدوى شملت الكثير من البلاد العربية التي ترى بالعراقي نمطا من الخارقية تستدعي امور عدة منها :- محاولة اذلاله والتشفي به ولهذه حكايات ومنها  "كنت مراجعا مع صديق لي اكاديمي متخصص في القانون الدولي دائرة للحسابات في مدينة ليبية وعندما تفحص الموظف اسم صاحبي سأله بطريقة ساخرة "الم تكن دبلوماسيا كبيرا في بلدك ؟؟ اجابه صاحبي .. لا لم اكن. ضحك الرجل وقال لن تكتمل المعاملات اليوم.. سأله صاحبي ومتى تنتهي المعاملات اذن ؟ اجابه الموظف .. عندما تحين ساعتها... ولم تحن ساعتها الا بعد ستة اشهر  عندما ترك الموظف الدائرة في اجازة مرضية!! والامر ذاته تكرر في اغلب السفارات الخليجية وانت تراجع قنصلياتها الثقافية التي تعلن عن درجات وظيفية في مجال التعليم في بلدانها والتي غالبا ما تلقى  معاملتك في سلة المهملات امام عينيك لمحاولة استفزازك  والصدام بك, او تجد تلك الحالة  في المعابر الحدودية لدول الجوار وهو يسألك عن مذهبك مثلا!!! وما قدومك لبلده الذي كان يحلم يوما ان تطأه نعلاك. اما القسم الثاني وهو البعيد نسبيا عن حدودك الاقليمية فيحمل لك حبا من نوع اخر.. فقد سألني احد المفتشين في مطار بومدين الدولي في العاصمة الجزائرية باللغة الفرنسية .. وطلبت منه ان يحدثني بالانكليزية او العربية , وما ان عرف اني عراقي حتى احتظنني بقوة وصاح "عبقري .. عبقري" وسط دهشة المسافرين والتحاف بقية المفتشين بي وانا اتدارى من الخجل وابحث عن تلك العبقرية التي رآها صاحبي فيّ.

ورغم كل ما شرحته عما ابتلينا به من ظلم الطغاة وعنجهياتهم وتشظيهم لنا تحت نجوم السموات العلى.. الا ان اكثر من ثمانين سؤالا وضعت امامي في نهاية المحاضرة تستفسر عن حامي حماة الامة صدام حسين !!!! ناهيك عن مئات الحكايا التي يتعرض لها العراقيون في تلك الدول يندى لها جبين الانسان المتحضر.. لكن السؤال هنا .. هل نحن كذلك؟؟ هل نحن عباقرة او خارقون او فينا شئ من التميز عن غيرنا من خلق الله... اقول واثقا اننا نمتلك مواهبا تحتاج الى تدريب لم نحصل عليه او على الاقل نمتلك استعدادا للتعلم .. الا اننا نفتقد للمهارت التي تمنح من خلال التدريب والتدريس وان اغلب مناهجنا التربوية لا تمنح الطالب مهارات بل تمنحه الكثير من اللغو والقليل من الفائدة... لذلك نحن نكثر من الكلام ونقل من العمل .. نسرع في الاحكام ونهمل التأني فيها ..

 ترى كم من تصرافتنا يجب ان تمر على عيون الميدوزا؟.

 

 

free web counter