| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حيدر سعيد

 

 

 

الأثنين 31 /3/ 2008



سقوط الدكتاتورية (بناءآ فوقيآ)
لايعني ان بناءها التحتي قد انتهى

حيدر سعيد

لقد انهار النظام الدكتاتوري الصدامي ، وسقط بناءه الفوقي سريعآ ، بعد ان تبجح كثيرآ بقوته العسكرية ، التي ذهب بها بعيدآ من تلقين الامريكان وحلفاءهم دروسآ في القتال !! وستكون اسوار بغداد مقبرة لهم !!

هذه العنتريات للنظام المهزوم والمأزوم اصلآ في الداخل والمعزول من ابناء الشعب العراقي ، بسبب سياسة القمع والتنكيل والتجويع التي مارسها النظام ضد الشعب ، هذه العنتريات جسدها هروب رأس النظام واختفاءه في حفرة كالجرذي .

سقط هذا البناء الفوقي الدكتاتوري كما توقع المتابعون والمحللون للشأن العراقي ، لكنه ترك ارثآ ثقيلآ تمثل في بناءه التحتي الفاشي ، بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ، ترك ثقافة تعتمد العنف طريقآ وحيدآ في الحياة ، وفكرآ فاشيآ تسلطيآ لايسمح لغيره من الافكار ان يعيش في المجتمع ! ، ترك منظومة فكرية لايحمل قاموسها السياسي غير القمع وتهديد كرامة المواطن العراقي ، واعتباره رقمآ لاحول له ولا قوة بالحياة ، هذه المنظومة من الافكار الفاشية الدموية هي المدرسة التي خرجت كوادر البعث الصدامي طيلة فترة تسلطه التي دامت اكثر من اربعين عامآ ، والتي على اساسها يكافىء ازلام النظام .

واليوم وبعد خمس سنوات من سقوط الدكتاتورية نحصد نتائج ارثه الفاشي ، حيث مازال العنف الدموي يسيطر على اذهان الكثير ممن تربوا في احضان مدرسة النظام تلك، مدرسة المخابرات الصدامية ، ويمارسونه ضد ابناء الشعب العزل وبشتى الطرق ، فتارة يتخذون من النهج الطائفي وسيلة لتفرقة الصفوف وبث العداء بين ابناء الشعب ، وتارة يستهدفون المال العام عن طريق السطو المسلح واختطاف الناس وتهديدهم لقاء فدية ، وتارة اخرى يتخذون من الدين غطاءآ لتمرير نواياهم واهدافهم الشريرة ، واحيانآ يتسللوا الى تنظيمات وتيارات سياسية واسلامية ، حسب توجيهات مخابراتية سابقة من النظام الدكتاتوري ، مستغلين خبرتهم وتجربتهم المخابراتية مستفادين من الارباك الحاصل بالوضع السياسي ، وعدم التدقيق والتمحيص بهويات هؤلاء القادمين الجدد .

هذه الاليات التي اعتمدها البناء التحتي للنظام الدكتاتوري ، نجحت في اختراق بعض التيارات السياسية والاسلامية على حد سواء ، وخاصة تلك التي تفتقد الى الوعي السياسي ، والتنظيم الرصين ،

فما حدث في البصرة الفيحاء من مطاردة الكوادر العلمية من اطباء ومهندسين وعلماء ، وكذلك الشعراء والادباء والفنانين والمثقفين عامة ،والنساء البصريات واغتيالهم بطرق غاية في الوحشية ،وهم الذين يمثلون ثروة البلاد وتقدمه ، يؤشر بما لايدع مجالآ للشك بأن الاصابع التي تنفذ هذه الجرائم هي نفسها التي كانت تقترف الجرائم في زمن الدكتاتورية ، ولكن تحت مسميات مختلفة ، مما دعى الحريصون من ابناء شعبنا وخاصة اهل البصرة ان يتصدوا لهذه الجرائم ومرتكبيها .

ان البصرة تلك المدينة الباسلة ، التي لم يعرف ابناءها غير الحب والوفاء والسلام والعطاء الدائم ، والتي ظلت على هذا العهد حتى في ظل الدكتاتورية ، و دفع ابناءها لقاء ذلك الكثير من التضحيات مما حرم اهلها وساكنيها من ابسط مستلزمات العيش ، وارتكبت بحقهم ابشع الجرائم واعطت من الشهداء الكثير . اليوم يكافئها قطاع الطرق ومافيا تهريب النفط والمخدرات ، بسوق ابناءها مرغمين الى الموت ، تحت شعارات مضللة ، مختبئين وراء التيار الصدري هذا التيار الوطني الذي يضم في صفوفه كادحين وفقراء وبسطاء جار عليهم النظام الدكتاتوري ، لكي يشوهوا هذا التيار من جهة ، ومن جهة اخرى ينفذون نواياهم الخبيثة التي تهدف الى عرقلة العملية السياسية الجارية في بلادنا لبناء عراق ديمقراطي فدرالي تعددي موحد ، لذلك فأن لغة الحوار والمكاشفة والجلوس سوية

حول مائدة ، ومناقشة المسببات والنتائج على ضوء مايحدث بعقل متفتح يقبل الآخر ويستمع اليه بحرص ، سيمكن حتمآ جميع الاطراف الوطنية ومنها الحكومة التي تمتلك الشرعية الانتخابية ، من التمكن للوصول الى الحقيقة وكشف اللثام عن تلك الجرائم بحق ابناء البصرة الآمنين ، وبهذا يسد الطريق على هؤلاء المجرمين بقايا البناء التحتي للنظام ، وهي البداية الصحيحة لتوطيد العلاقة وترسيخ الوحدة االوطنية ، وتعزيز الثقة بين جميع الاطراف المعنية بالعملية السياسية ، واضعين نصب اعينهم العراق ومصلحة الشعب العراقي .

ان لغة الحوار بين من يتحملون المسؤولية الوطنية تجاه شعبهم ووطنهم هي الطريقة السليمة المؤدية الى التفاهم وقيادة الوطن نحو شاطىء الامان والسيادة الكاملة والاستقرار والديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وقطع الطريق على اعداء شعبنا بجميع تلاوينهم .

السويد

 


 

Counters