| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حيدر سعيد

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 18/1/ 2012



توصيف الشهيد في العراق الجديد

حيدر سعيد

لقد قدمت الاحزاب الوطنية والديمقراطية عبر تاريخها النضالي الطويل في مواجهة الانظمة الدكتاتورية الاف الشهداء دفاعاً عن الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية والسيادة والاستقلال الوطنيين .شهادة هؤلاء الابرار ودماءهم الزكية مهدت الطريق الى اسقاط الدكتاتورية ، لذلك فاعتراف الدولة في الوضع الجديد بحقوق هؤلاء الشهداء ، هو اعتراف بالصفحات النضالية والمواقف الشجاعة المبدأية لهؤلاء الافذاذ وتضحياتهم ، حيث وقفوا في ساحات الكفاح في الداخل و في الاهوار وعلى قمم جبال كردستان الشماء يقاتلون الدكتاتورية بصدورهم وقلوبهم العامرة بحب شعبهم ووطنهم غير آبهين بضخامة ماكنة النظام الفاشية القمعية وسجونه الرهيبة ومسالخه البشرية البشعة ، التي كشفت عن بشاعتها مقابره الجماعية وتوزعها على كل ارض الوطن من الشمال الى الجنوب .

لقد كانت معارضة النظام من السعة جعلته معزولاً الا من نفر ارتبط مصيره به ، وهذا مادلل عليه السقوط السريع للنظام وذوبان ادواته القمعية هروباً وفي مقدمتهم رأس النظام الفاشي واختفاءه كالجرذي يرتعد خوفاً .بعد ان كان على ابناء جلدته اسداً !! .

ان النظام الساقط كان ينظر الى معارضيه بشكل متساوً ، ولم يميز بينهم ، انطلاقاً من فهمه بأنهم جميعاً يشتركون في العمل من اجل اسقاطه وتغييره . ولذلك نجد ان سجونه ومعتقلاته ومقابره الجماعية ضمت الشيوعي الى جانب الاسلامي والمستقل والديمقراطي. اي بمعنى كل من يعارضه دون النظر الى هويته وما يحمله من فكر .

وهو بذلك كان مصيباً لان تضحية الشهداء وسجناء الرأي والمعتقد الابطال جميعاً كانت موجهة الى اسقاطه وزوال دكتاتوريته .

ولكن مما يؤسف اليه ان نجد في مؤسسات ودوائر دولة المواطن الجديدة من يميز بين الشهداء ودماءهم الزكية ، من منطلق رخيص طائفي او فكري ( بعثي ) او قومي شوفيني ، لا يخلو من حقد دفين على هذا الدم الغالي للشهداء وتضحياتهم ، لذلك نقول ان بناء الدولة العراقية على اساس مبدأ المواطنة يحتاج الى منهج فكري يؤمن بالديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية والحرية ، لان المعركة اليوم هي معركة فكرية اقتصادية سياسية بين نهجين فكريين متناقضين من حيث بعدهم الانساني والاجتماعي .

ففكر الارهاب العنفي منهج تكفيري ظلامي غير انساني يستند على الارهاب طريقاً للوصول الى اهدافه ومراميه وعليه يجب ان يجابه بالفكر الانساني الديمقراطي الذي يضع الانسان المناسب في المكان المناسب على اساس مبدأ المواطنة ، والعراق زاخر بهؤلاء المخلصين .

ان عجلة التأريخ تسير الى الامام مهما كان حجم المفخخات الموضوعة في طريقها ، وعشاق الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية (سمة العصر) في ازدياد كماً ونوعاً ، فليقلع اصحاب الافكار المريضة الموجودين في دوائر الدولة ومؤسساتها عن التمييز بين شهداء الوطن، الذين تسابقوا الى الشهادة سوية من اجل الوطن والشعب .ولن ينسوا يوماً ان الحياة حلوة لكن الموت في سبيل الوطن احلى واسمى .

ان تقدم العملية السياسية ودمقرطتها مرهون بما تتخذه الكتل المتنفذة من خطوات جادة وحقيقية نحو تعميق مفهوم مبدأ المواطنة والقانون ، والا فالحديث عن هذا المفهوم الاساسي في بناء الدولة العراقية يبقى للتصريف المحلي خاصة اذا غابت ادواته المخلصة عن الدولة .
 

السويد



 

free web counter