| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

حيدر سعيد

 

 

 

                                                                                    السبت 11/2/ 2012



الصراع بين قوى التغييرالديمقراطي
وقوى التخدير

حيدر سعيد

انتفاضات الربيع العربي لم تكن مجرد عاصفة ثورية وقتية لشعوبنا العربية ، بل هي نتيجة لتراكمات مأساوية تركت آثارها البليغة في جسد مجتمعاتنا العربية ، نتيجة البطش والتنكيل والسجن والتشريد الذي لحق بهذه الشعوب من جراء تسلط انظمة فاشية حكمت شعوبنا العربية بالحديد والنار ، جاء بهم الى السلطة القطار الامريكي ، كما اكد ذلك احد قيادي حزب البعث في العراق ــ علي صالح السعدي : ( جئنا بقطار امريكي ) ، ممثلين باحزاب وتيارات مثل حزب البعث والقوميين حينها بالعراق ، الذين مهدوا لانقلاب 8شباط الدموي عام 63 ، لخنق ثورة 14 تموز وقتل الديمقراطية الوليدة ،وكيف رسمت امريكا لهذه الانظمة الدكتاتورية ، وقتها خارطة طريق ، لتصفية القوى الديمقراطية والتقدمية في بلداننا العربية ، وفعلآ كانت عند حسن ظن اسيادها الامريكان ، فيما ذهبت اليه بارتكاب ابشع واغرب الجرائم بحق مواطني بلادنا العربية ، تحت شعارات ظاهرها تحقيق الوحدة ، الحرية والاشتراكية في العراق ومصر وليبيا ( الكتاب الاخضر ) واليمن وتونس ... وحقيقتها خنق الحرية ، وقتل الديمقراطية ، وتشويه الاشتراكية ...

ان هذه الانظمة الدكتاتورية فقدت شرعيتها وامكانية استمرارها اكثر من ذلك ،لما راكمته على ارضنا العربية من فسادوآلام ومعاناة ،وتسلط وجوع ، وهذا مابرهن عليه قطار الربيع العربي الذي فاجأ تلك الانظمة البالية واسيادهافي الغرب ، منطلقاً من محطات وطنية بقيادات شبابية مخلصة ، مسخرين امكانياتهم المتوفرة ووعيهم الديمقراطي ، مستخدمين وسائل العلم والمعرفة ، كالفيس بوك ، والانترنيت والصحافة الجدارية وغيرها لتحفيز وتثوير الجماهير وحثها على انتزاع حقوقها ، عن طريق التصدي السلمي للانظمة الدكتاتورية عبر المظاهرات والاحتجاجات والاعتصامات ، ووسائل التحريض السلميةالاخرى ، فما كان من الجماهير المسحوقة الا ان تنطلق الى الشوارع رافعة الشعارات ذات البعد الاجتماعي من اجل العدل والمساوات ، تبعها رفع الشعارات السياسية التي تطالب برحيل الانظمة الفاسدة واحلال البديل ا الديمقراطي واجراء انتخابات حرة نزيهة ، وطلاق الحريات ، وهكذا استطاعت الجماهير المؤمنة بقضيتها ان تهزم انظمة مدججة من رأسها حتى اخمس قدميها بالسلاح والاجهزة القمعية المخابراتية ، وان تسقطها الواحد بعد الاخر.
هذا السقوط السريع للانظمة الدكتاتورية جعل الغرب يسارع الى اعادة حساباته، لتلافي تلك الضربات الموجعة الموجهة الى سياساته في المنطقة اساساً ، متمثلة بالانظمة الدكتاتورية الساقطة ، وذلك باستقباله اعصار الربيع العربي وقطاره الوطني على مضض مجبراً ، وبدا عده العكسي في اجهاض ثورات الربيع العربي او تحييدها عند محطة معينة لاتشكل خطراً على مصالحه واصدقاءه في الخليج ، والظهور امام ثوار الربيع العربي بالداعم للديمقراطية،التي تصدرت شعاراتها المظاهرات والهتافات وافزعت اعداء الديمقراطية في الداخل والخارج ،لكنه يخفي في جعبته الكثير ، فاوكل الى اصدقاءه الاحتياط في قطر والسعودية بتحريك جيوبهم ، ويلعبوا دورهم المعهود لايقاف التغيير وتغيير سكة قطار الربيع العربي ب+دعمهم لقوى سياسية ، هي الاقرب الى اجندتهم من قوى التغيير الديمقراطي ، وهذا ماظهرته شعارات الاسلام السياسي اثناء الحملات الانتخابية ، التي اتصفت بالطائفية السياسية ، دون ان تطرح برامجها التي تعالج من خلالها الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية متناسية ان السياسة ليست ( دين ) وانما مجموعة نظم وقوانين تضعها الاحزاب والتيارات ليسيروا دفة الحكم ويبنوا دولاً مدنية ، بينما نجد ان الاحزاب الاسلامية ( الاخوان المسلمين والسلفين ) ذهبوا الى الانتخابات من دون برامج لرسم مستقبل بلدانهم وحياة الناس وحاجاتها، مدعومين طائفياً وماديأ، موظفين ماوفرته لهم الانظمة الدكتاتورية من مساحة واسعة اجتماعياً ليتحركوا وسط الناس بعكس القوى الديمقراطية التي حوصرت سياسياً وقيدت حركتها ونشاطها وحوربت من قبل تلك الانظمة الدكتاتورية الساقطة . ان المرحلة المقبلة لثوار الربيع العربي هي تقييم مسيرتهم السابقة باجراء مراجعة نقدية تصحيحية لاكمال ماحققته ثورات الربيع العربي وما لم تستطع تحقيقه واستشراف العبر والدروس للانطلاق والمضي في توحيد جهود وامكانيات كل المخلصين للتغيير الديمقراطي الحقيقي والسير سلمياً ودستورياً وقانونياً الى تحقيق ذلك . فمهمة التغيير صعبة ولكن بداياتها اصعب ، وسيستمر قطار الربيع العربي في عبوره المحطات على سكة تحميها الجماهير العربية وتصونها من اجل التغيير الحقيقي وايقاف قوى التخدير للاسلام الساسي الطائفي .

 

السويد
9/2



 

free web counter